مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نتائج هزيلة لاجتماع طال انتظاره

قضية الصحراء لا زالت العائق الرئيسي بوجه اتحاد المغرب العربي swissinfo.ch

انتهت أشغال لجنة المتابعة الوزارية لاتحاد دول المغرب العربي في الجزائر العاصمة دون أن تحقق ما كان منتظرا منها قبل أسابيع.

بداية الفشل كانت بإعلان وزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى عن عدم مشاركته في قمة الجزائر. ولم يكن من الصعب تفسير هذا الغياب لأنه جاء بعد حرب كلامية بين الجزائر و الرباط عبر أعمدة الصحف بسبب قضيتي الصحراء و الحدود المشتركة والتي لم تجد حلا منذ حوالي أربعة عقود.

ثم اتضحت معالم الفشل أكثر عندما أعطى وزير خارجية الجزائر السيد عبد العزيز بلخادم حصيلة نتائج اللقاء بكامله.

فقد فوجئ رجال الإعلام الذين حضروا الندوة الصحافية لوزير خارجية الجزائر بتحدثه عن وجود خمسة اتفاقات ما بين دول المغرب العربي مصادق عليها و يتم تطبيقها بالفعل من أصل سبعة وثلاثين اتفاقا. وهذا رقم مخيف لأن الاتحاد مضى على تأسيسه حوالي أحد عشر عاما قضى المغاربة خمسة أعوام ونصف منها دون عمل مشترك بسبب توقف آليات عمل الاتحاد عن العمل إثر تجميد المغرب عضويته بعد خلاف مع الجزائر بسبب قضية الصحراء مرة أخرى.

وأعلن وزير الخارجية الجزائري عن وضع آلية جديدة لا يتوقف معها الاتحاد عن الحركة إذا ما نشب خلاف بين دولتين أو أكثر من أعضاءه. وقد يكون المقصود بشكل مباشر: المغرب و الجزائر لأنه لم يتعطل عمل الاتحاد المغربي إلا بسببهما.

ومن دون تقديم أية نتائج ملموسة وبعد انتهاء المحادثات على الساعة السابعة صباحا، تقرر البدء في دراسة كيفية القضاء على تأخر تأسيس الهيئة القضائية المشتركة بالإضافة إلى المصرف المغربي و الذي لا تعرف كيفية عمله و لا كيفية تسييره لحد الآن.

وتقرر أن تعمل اللجان المشتركة في الأشهر المقبلة لصياغة أفضل السبل لتأسيس أكاديمية المغرب العربي. وللمرة الأولى يتم التصريح بشكل علني أن نواة الهيئة القضائية لدول المغرب العربي تضم قضاة من تونس وليبيا فقط، ما يعني غيابا تاما لقضاة موريتانيا والمغرب والجزائر.

ويبدو أن اتحاد المغرب العربي هو من بين التكتلات الإقليمية القليلة في العالم التي لا تنشط كما يقتضيه منطق التكتلات الإقليمية التي تجتمع لاتخاذ تدابير عملية عاجلة، على خلاف ما جرى في الجزائر هذه المرة، لأن المشاكل التي يعاني منها المغرب العربي كثيرة و ينبغي أن تجد حلا عاجلا.

في حين تقرر هذه المرة البدء في تنسيق الجهود حول مسائل ينبغي أن تنسق الجهود حولها منذ زمن طويل و أهمها التفاوض مع الاتحاد الأوربي جنبا الى جنب وبمواقف متجانسة بعد أن كانت دول المغرب العربي تعمل من دون تنسيق خلال مفاوضات عقود الشراكة مع الاتحاد الأوربي.

ومنذ بداية لقاء الجزائر اتفقت الدول المغاربية على مسألتين و أخفقت في النهاية على الاتفاق حول مسألة واحدة. المسألة الأولى المتفق عليها تتعلق بالتوجه إلى العاصمة الأردنية عمان بموقف موحد لدعم السلطة الفلسطينية والإصرار على استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من النقطة التي توقفت عندها قبل انتخاب شارون رئيسا للحكومة. فيما تخص المسألة الثانية دعم الجهود الليبية لحل أزمة لوكربي.

وفي النهاية برز خلاف له دلالاته الخاصة. فبعد إعلان وزير خارجية الجزائر أن ملف انضمام مصر للإتحاد قد يناقش في هذه الدورة، أعلن في نهاية اجتماع الجزائر أن رجال القانون لم يفصلوا بعد في هذا الملف و لم يتم البت فيه من الناحية القانونية. في حين كان جواب وزير الخارجية التونسي السيد الحبيب بن يحيى حول سؤال عن انضمام مصر للإتحاد : “دعونا ننظم البيت المغاربي أولا.”

ولم يتحدد بعد موعد للقاء قمة زعماء المنطقة. وقد يحتاج الأمر لبعض الوقت حتى يتضح ما إذا كان هناك توجه جديد للعمل المشترك داخل الاتحاد أم أن لقاء الجزائر لم يكن سوى استجابة لضغوط فرنسية و أوربية خلال قمة ياوندي قبل أشهر، قد تعود بعدها الخلافات الجزائرية المغربية لتعطل مسار الاتحاد برمته.

على أن الضغوط الأوربية و الأمريكية لن تتوقف، دليل ذلك الرسائل المتتالية التي تتلقاها الجزائر لتليين موقفها تجاه قضية الصحراء. وفي الوقت ذاته تعمل مجموعة من النواب الأسبان لحث المغرب على الالتزام بخطة الأمم المتحدة، الشيء الذي أثار سخط الكثير من الجزائريين و المغاربة على ما أسموه بالتدخل في الشؤون الداخلية.

لكن هل يمكن اعتبار سوق موحدة قوامها حوالي ثمانين مليون شخص وسيولتها مجتمعة مائة مليار دولارسنويا قضية داخلية تهم شعوب دول المغرب العربي دون سواهم من الدول المتكتلة والموحدة حول العالم؟

هيثم رباني – الجزائر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية