مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هزيمة جديدة لواشنطن في منظمة التجارة

وجد مفوض الاتحاد الأوربي باسكال لامي فرصة اخرى للابتسام بعد القرار الأخير الصادر عن منظمة التجارة العالمية Keystone Archive

منيت الولايات المتحدة بهزيمة جديدة في منظمة التجارة العالمية في سياق نزاعها مع عدد من الدول بشان الإجراءات الوقائية المخالفة لقوانين تحرير التجارة الدولية.

ومع تكرر الهزائم وإصرار واشنطن، لأسباب داخلية، على مراعاة مصالح شركاتها الصناعية ومزارعيها، تطرح عدة تساؤلات حول مدى استمرار أمريكا في دعم مؤسسة تسير عكس مصالحها.

بصدور قرار هيئة فض النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية الصادر يوم الثلاثاء 31 أغسطس 2004، تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد منيت برابع هزيمة في سلسلة المواجهات التجارية التي تضعها وجها لوجه مع عدد من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية المائة وسبعة وأربعين (147).

فقد قررت هذه الهيئة التي تنظر في الخلافات التجارية الناجمة عن عدم احترام عضو من الأعضاء قواعد وبنود تحرير التجارة الدولية التي تأسست عليها المنظمة، يوم الثلاثاء 31 أغسطس، منح ثمانية دول حق فرض عقوبات مضادة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، لإثنائها عن مواصلة فرض رسوم على بعض الواردات، اعتبرتها المنظمة بمثابة “إجراءات وقائية”، تخل بحق المنافسة النزيهة في المبادلات التجارية الدولية.

تحرير حسب المقاس

يعود موضوع الخلاف إلى عام 2000 عندما سنت الولايات المتحدة الأمريكية قانونا عرف باسم “قانون بيرد” نسبة للسناتور روبيرت بيرد، يقضي بتحويل الرسوم المفروضة على استيراد بعض المواد إلى الشركات الأمريكية التي تشعر بأنها ضحية ما تعتبره “منافسة غير مشروعة”.

هذا الإجراء يمس واردات مختلفة من حديد وصلب إلى عصير برتقال مرورا بالعديد من المواد الغذائية، من ثمانية دول تجرأت على رفع الشكوى وهي الاتحاد الأوربي، وكندا والبرازيل واليابان والهند وتشيلي وكوريا الجنوبية والمكسيك.

هذه الدول لا تعترض على فرض الرسوم على وارداتها، لكنها تنتقد أن تحول تلك الرسوم إلى شركات أمريكية تنتج مواد منافسة لها، واعتبرت أن ذلك يمثل دعما مقنعا لمنافسيها. وهو ما أقرته هيئة فض النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية في حكم سابق صدر في شهر يناير 2003 حيث اعتبرت ” قانون بيرد” إجراءا “مخالفا لمعايير منظمة التجارة العالمية”.

لكن إدارة الرئيس بوش التي تمر بمرحلة انتخابية ظلت تتباطئ في إلغاء هذا القانون من خلال تأخير عرضه على الكونجرس. ومن خلال التصريحات الصادرة عن مسؤولين أمريكيين في سياق التعليق على قرار هيئة فض النزاعات اتضح أن “الولايات المتحدة ستواصل الالتزام بسياسة تجارية تضمن فرصا متكافئة بالنسبة للشركات والمزارعين الأمريكيين، وستواصل فرض رسوم على منتجات تستورد بأسعار منخفضة من دول تقدم دعما في مرحلة الإنتاج”، لذلك يتوقع ألا تحسم واشنطن الموضوع قبل حسم الانتخابات الرئاسية.

لذلك تتجه الأنظار الآن إلى الاتحاد الأوربي وباقي الدول المقدمة للشكوى، لمعرفة مدى إصرارها على أخذ حقوقها من خلال المعاملة بالمثل بعد أن قامت هيئة فض النزاعات بمنظمة التجارة العالمية بمهمتها على أحسن وجه.

عـدالـة

وبالعودة إلى سجل القرارات الصادرة عن هيئة فض النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، يلاحظ أن الولايات المتحدة خسرت العديد من القضايا المرفوعة أمام هذا المحفل الدولي، سواء في قضية القطن او عصير البرتقال البرازيلي او الحديد والصلب مع عدد من الدول، وأخيرا قضية الرسوم التي توزع على الشركات الأمريكية، لذلك لا يتردد عدد من المراقبين في القول بأنه المحفل الدولي الوحيد الذي تعامل فيه واشنطن كباقي الدول بغض النظر عن قوتها، تنصف تارة، وتدان تارة أخرى وفقا للمعايير التي وضعت لتحرير التجارة الدولية.

وبمقارنة بسيطة مع الكيفية التي يُـعـامل بها تصرف الولايات المتحدة في محافل تحمل شعارات نبيلة مثل القانون الدولي وحقوق الإنسان، نكتشف أن منظمة التجارة العالمية، المتهمة حقا وباطلا بالظلم واللامساواة، تقوم بواجبها على أحسن وجه في موضوع فض النزاعات على الأقل، خصوصا إذا ما توفرت الشجاعة لدى باقي البلدان لرفع شكوى تجارية ضد تجاوزات الولايات المتحدة.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية