مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل ينجح العراق في تجنب الضربة؟

زيارة الأمين العام للجامعة العربية إلى بغداد قد تساعد في ترطيب الأجواء بين العراق وبعض جيرانه الخليجيين قبل القمة المقبلة في بيروت Keystone

تؤكد جميع المصادر رسمية ودبلوماسية في بغداد أن القيادة العراقية تمضي قدما في اتصالاتها ومبادراتها بهدف بلورة موقف تضامني عربي رسمي وشعبي على حد سواء يهدف إلى إزالة كل المبررات التي قد تلجأ إليها الإدارة الأمريكية من أجل توجيه ضربات عسكرية جديدة

وقالت صحيفة بابل التي يشرف عليها عدي صدام حسين النجل الأكبر للرئيس العراقي يوم الاثنين إن العراق نجح خلال زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في ما وصفتها ب”تفويت الفرصة على الأمريكان والبريطانيين والصهاينة لضرب العراق”.

ورغم أن الصحيفة العراقية واسعة النفوذ والإطلاع لم تدخل في التفصيلات مكتفية بالإشارة إليها ب”المقرونة بالحكمة”، غير أن السيد موسى نفسه أعلن قبيل مغادرته بغداد أن الرئيس صدام حسين طلب منه نقل رسائل إلى الملوك والرؤساء العرب وكذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان معتبرا أن زيارته كانت ناجحة وأنه يشعر بارتياح تام وهو يغادر بغداد.

وجاءت هذه التطورات في وقت يرقب فيه العراق التحركات التي تقوم بها الإدارة الأميركية بالتعاون مع الحكومة البريطانية لتوجيه ضربات عسكرية جديدة للعراق ضمن نشاطها الحالي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وكان الرئيس صدام حسين قد ترأس يوم الأحد اجتماعا لمجلس قيادة الثورة وقيادة قطر العراق لحزب البعث خصص للبحث في كيفية التصدي لأي هجوم أمريكي محتمل على العراق وإفشاله كما ذكرت الصحف الصادرة يوم الاثنين.

ووفقا لمصدر عراقي فإن القيادة العراقية التي بدأت منذ فترة غير قصيرة تطوير علاقاتها العربية ذهبت قبل يومين إلى حد الإعراب عن الاستعداد ل “تطبيع العلاقة مع كل من المملكة العربية السعودية والكويت” بهدف “قطع الطريق على واشنطن للتذرع بأن العراق يهدد جيرانه”. ولم تتردد بغداد في الإعلان عن ترحيبها بزيارة وفد برلماني كويتي لزيارة العراق وتفقد السجون بحثا عن المفقودين والأسرى التي تطالب بهم الكويت منذ نهاية حرب الخليج عام 1991 حتى الآن.

وفي الوقت الذي استقبلت بغداد فيه عمرو موسى بحفاوة بالغة خلال زيارته التي استمرت أربع وعشرين ساعة التقى خلالها الرئيس صدام حسين لأكثر من ساعتين وكذلك نائب رئيس الوزراء طارق عزيز ووزير الخارجية ناجي صبري، تقوم حاليا وفود برلمانية وشعبية بالتجوال في عدد من العواصم العربية للتعريف بحجم التهديدات الأمريكية الجديدة ضد العراق.

وقالت صحيفة بابل يوم الاثنين:”إن موقفنا المتفتح سيفوت الفرصة على الأميركان والبريطانيين والصهاينة من استغلال تهرؤ الأوضاع الدولية وما ترتب على أحداث 11الحادي عشر من أيلول – سبتمبر لتوجيه الطيش والحلف والإرهاب الأميركي ضدنا”.

محاولات وتطلعات عراقية

ورغم أن دعوة الرئيس صدام حسين في نهاية الشهر الماضي لعقد قمة استثنائية للبحث في القضية الفلسطينية لم يكتب لها النجاح إلا أن القيادة العراقية لم تأخذ موقفا سلبيا، وإنما صعّدت من دعواتها لعقد القمة الدورية في العاصمة اللبنانية بيروت في موعدها المحدد في نهاية شهر آذار – مارس القادم وشددت على ضرورة تخصيص الوقت الكافي للبحث في الوسائل الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني.

ولم تغفل بغداد موضوع علاقتها بمجلس الأمن الدولي ودعوات واشنطن المتكررة للسماح للمفتشين الدوليين بالعودة للعمل في العراق حيث بعث الرئيس صدام حسين مع عمرو موسى برسالة إلى ألمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، يعتقد واسعا هنا أنها تشمل هذا الموضوع بالذات.

وكان الأعلام العراقي قد دعا تركيا إلى عدم الانجرار خلف التوجهات الأميركية لاستخدام أراضيها في خططها لتوجيه ضربات عسكرية للعراق… مؤكدا أن مصلحة الشعب التركي تكمن في تعاونه على مختلف المستويات مع العراق وليس مع أميركا.

وإلى جانب هذه التحركات فإن وفدا عراقيا كبيرا برئاسة نائب رئيس الوزراء طارق عزيز يستعد حاليا للتوجه إلى موسكو قريبا للبحث القيادة الروسية في تصعيد موقفها الرافض لفرض شروطا جديدة ضمن مشروع العقوبات الذكية التي كان لموسكو موقفا متميزا في إفشاله من قبل.. والبحث في سبل تطوير وتوسيع التعاون الثنائي.

ويتفق الجميع هنا أن بغداد تقف حاليا براحة تامة إزاء علاقاتها العربية بشكل عام وكذلك مع إيران. وهي تتطلع لتطبيع العلاقات مع السعودية والكويت وفتح صفحة جديدة.. وأن لم يكن بالإمكان تحقيق ذلك حاليا الآن، فمن الأفضل تجميد هذه المشاكل والتعاون فيما يخص الشعب الفلسطيني.

ورغم كل هذه المساعي السلمية إلا أن المراقب يلحظ استمرار تأهب عسكري في بغداد لمواجهة أي تحرك معاد ينطلق من الشمال أو الجنوب على حد سواء.. فيما تؤكد جميع البيانات الرسمية أن القوات العراقية المسلحة وقوات جيش القدس من المتطوعين هم على أهبة الاستعداد لحماية الأرض والمياه العراقية.

فاروق شكري – بغداد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية