مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

والجود بالنفس..غاية الجود!

فجّـر طلب الأم الفرنسية اللجوء إلى سويسرا جدلا غير مسبوق وصداعا قانونيا للسلطات في برن وباريس. Keystone

تلقّـت وسائل الإعلام السويسرية يوم الأربعاء رسالة مفتوحة تحذّر من عاقبة إضراب سيدة فرنسية عن الطعام في سويسرا، بعد رفض السلطات منحها اللجوء مع طفلتها التي تعرضت للاستغلال الجنسي

وتواصل السيدة السجينة الإضراب عن الطعام منذ شهرين الآن، احتجاجا على قرار إرجاعها إلى فرنسا المجاورة، بلدهاالأصلي.

ولا تطالب العدالة الفرنسية تسليمها هذه السيدة بسبب ارتكابها لجريمة أو لجناية من الجرائم أو الجنايات المألوفة هذه المرة، وإنما بتهمة “تهريب” طفلتها البالغة أربع سنوات من العمر إلى سويسرا، بطريقة تحرم الأب والزوج من حق زيارة الطفلة، وفق قرار صادر عن إحدى المحاكم الفرنسية.

وتصر هذه الأم المضربة عن الطعام في أحد سجون كانتون فو (Vaud) منذ شهرين الآن، على أنها لا تفكر في العودة بالطفلة إلى فرنسا، خشية أن يعود الأب “لاستغلالها” من جديد، خلال ممارسة الحق الذي أقر به القضاء الفرنسي له، في زيارة الطفلة والاقتراب منها.

هذه المأساة اندلعت في الثاني عشر من شهر يونيوـ حزيران الماضي حينما قامت شرطة كانتون فو باعتقال الأم نزولا عند رغبة السلطات الفرنسية التي كانت قد أصدرت حكما بالسجن عاما كاملا على السيدة، لوقوفها عائقا بين الأب وبين حقه المشروع في زيارة طفلته.

السلاح الأخير للدفاع!

ولم تجد محامية الدفاع عن الأم أية وسيلة أخرى للفت انتباه الرأي العام المحلي والدولي إلى مأساة هذه السيدة، سوى نشر رسالة مفتوحة يوم الأربعاء 14 آب الجاري، للتحذير من إمكانية وفاة الأم نتيجة الإضراب المزمن عن الطعام، بعد تأكيد المحكمة الفدرالية السويسرية لقرارات سابقة بتسليم السيدة إلى العدالة الفرنسية، رغم مبرراتها للفرار بالطفلة ورغم إضرابها المتواصل عن الطعام.

وتشير الأوساط المقربة من المحكمة الفدرالية السويسرية هذا القرار إلى أن سويسرا ليست على استعداد للعبث بالمبادئ التي تتحكم بعلاقاتها القانونية أو القضائية مع بلد من البلدان المجاورة، وبالإشارة أيضا إلى أن العدالة السويسرية مُـكرهة من حيث المبدإ على احترام القضاء الفرنسي، ما لم تُـثـبت الأم أن الطفلة ستكون في خطر حقيقي لو عادت بها إلى فرنسا.

لكن الأوساط التي تدافع عن حقوق الطفل، خاصة اللجنة الدولية للدفاع عن كرامة الطفل والموجود مقرها في جنيف بسويسرا، تلاحظ أن قرار المحكمة الفدرالية يقطع الطريق تماما على الأمهات اللواتي يحلمن بالفرار بأطفالهن إلى سويسرا، طلبا للنجاة بهم من خطر التعرض للإستغلال الجنسي.

طالبات لجوء من نوع جديد!

وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام السويسرية، تتواجد حاليا في سويسرا ثمان أمهات من فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية، يطالبن باللجوء مع أطفالهن في سويسرا حيث يحصلن على حد أدنى من الدعم والتأييد الاجتماعي.. وحيث بات الأطفال رهن خدمات رعاية الطفولة في هذا البلد.

وعلى الرغم من ذلك، فان عزيمة السيدة المضربة عن الطعام على التضحية بنفسها عند الضرورة من أجل سعادة طفلتها البالغة أربع سنوات من العمر، من شأنه أن يرغم جميع الأطراف المعنية على إعادة النظر في المخاطر الحقيقية للأطفال من ضحايا الاستغلال الجنسي في فرنسا أو في البلدان الأوروبية الأخرى، في مثل هذه الحالات بالذات.

وحسب ما نشرته وسائل الإعلام السويسرية، فان السلطات الفرنسية على وجه العموم وسلطات وزارة العدل على وجه الخصوص تتلفع بالصمت الكامل، مكتفية بالإشارة إلى أنها تتابع هذه القضية عن كثب.

لكن الكرة باتت الآن، وعلى ما يبدو، في ملعب السلطات السويسرية التي قد تقدم أو لا على خطوة تسليم هذه الفئة الجديدة من طالبي اللجوء، إلى سلطات بلادهم الأصلية.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية