مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحكام بالسجن لزوجين قدما الدعم للإرهاب عبر الإنترنت

التونسي معز الغرسلاوي (تونسي) وزجته مليكة العرود (بلجيكية من أصل أفغاني) لدى وصولهما إلى مقر المحكمة في بيلينزونا يوم 20 يونيو 2007 Keystone

للمرة الأولى في سويسرا، أدانت المحكمة الجنائية الفدرالية في بلّـينزونا، زوجين بتهمة تقديم الدعم للإرهاب عبر مواقع ومنتديات أشرفا على إدارتها في شبكة الإنترنت.

وحكمت على المتهم الرئيسي بالسجن عامين (ستة أشهر منها نافذة) وعلى زوجته بستة أشهر مع تأجيل التنفيذ.

بسرعة غير متوقعة، أعلنت المحكمة، التي يترأسها بيرنار بيرتوسا (المدعي العام السابق لكانتون جنيف)، عن الأحكام التي أصدرتها في أول قضية تشهدها سويسرا بخصوص الترويج للإرهاب وتقديم الدعم له عبر شبكة الإنترنت.

ويمكن القول أن قضاة المحكمة استجابوا لأغلب طلبات المدعي العام، الذي طالب بعامين ونصف سجنا (من بينها 12 شهرا نافذة) للمتهم الرئيسي مُـعز الغرسلاوي، الذي يبلغ 38 عاما من العمر، وهو تونسي مقيم في سويسرا.

وقد أدار الغرسلاوي رفقة زوجته، منتديات حوار استُـعملت من طرف مجموعات أصولية راديكالية، لتبادل المعلومات وبهدف الترويج لأفكارها، واتّـضح أن شبكة القاعدة كانت من بين الجهات التي استفادت من المنتديات المذكورة.

وقد أدِيـن من طرف المحكمة بتقديم الدعم لمنظمة إرهابية وبعرض أعمال عنف وبتقديم معلومات لصناعة أسلحة، وكان قرار الاتهام قد اعتبر أن الغرسلاوي قد “دعّـم بشكل نشط خطّـة للإرهاب الجهادي من خلال وضعه على ذمة مجرمين وسيلة اتصال حديثة وناجعة”.

ارتياح المدعي العام

إثر الإعلان عن الحكم يوم الخميس 21 يونيو، عبّـر المدعي العام المناوب للكنفدرالية كلود نيكاتي عن ارتياحه، ومن المنتظر أن يدرس الادعاء العام بعناية مبررات الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية الفدرالية.

وفي تصريحات لوسائل الإعلام، قال نيكاتي “إن مبررات الحُـكم، ستنجُـم عنها سلسلة من النتائج”، في إشارة حسبما يبدو، إلى الهزيمة القاسية التي مُـني بها الادعاء العام في شهر فبراير الماضي، عندما برأت نفس المحكمة سبعة من المتهمين، يُـشتبه في تقديمهم الدعم لمنظمة إجرامية تدور في فلك القاعدة.

أربع مواقع على الإنترنت

وكانت مجريات القضية قد أشارت إلى أن الزوجين قد أدارا، انطلاقا من مقر إقامتهما في دودينغن بكانتون فريبورغ، أربعة مواقع على شبكة الإنترنت، استُـعملت من طرف مجموعات راديكالية، بهدف تبادل المعلومات والترويج لأفكارها، كما بُـثت من خلالها مشاهد عنيفة لإعدامات وعمليات تعذيب.

وقد اعترف المتهمان أمام المحكمة، بقيامهما بالإشراف على إدارة هذه المواقع، لكنهما رفضا تحمّـل أي مسؤولية عن مضمونها وصرّحا بأن عدد المستعملين للمواقع كان يفوق الألف شخص وبأنه كان يتم إدخال بعض المعلومات بدون معرفتهما.

لكن القاضي برنار بيرتوسا، رئيس المحكمة الجنائية الفدرالية استبعد هذا الاعتراض واعتبر أن المتهمين لم يكونا مجرد متعاطفين مع ما وصفها بالقضية الإرهابية، بل سانداها بشكل نشط من خلال منتديات الحوار التي أسّـساها على شبكة الإنترنت، وقال القاضي “إن الإنترنت تحوّل إلى سلاح أضحت أهميته الإستراتيجية اليوم، أساسية”.

غياب مُـلفت

عند قراءة نص الحكم، كان من الملفت تغيّـب المتهمين (اللذان تأخرا بحوالي ساعة عن موعد افتتاح المحاكمة) عن الحضور في قاعة المحكمة، كما أن محامي الدفاع عنهما لم يُـؤكدوا ما إذا كانا سيستأنفان الحكم الصادر بحقهما.

وفي انتظار ذلك، يُـفترض أن يُـقضي المتهم الرئيسي عقوبته بـ 6 أشهر سجنا في كانتون فريبورغ، أما زوجته مليكة العرود، التي تبلغ 48 عاما من العمر (ولدت وتقيم حاليا في بلجيكا، وهي من أصل أفغاني)، فلم تتردد في التصريح أمام المحكمة بأن عملية الاغتيال التي أقدم عليها زوجها السابق وأدت إلى مقتل القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود يوم 9 سبتمبر 2001، كانت “بطولية”.

وقد اقتصرت التهمة الموجهة إليها، على تقديم الدعم لمنظمة إرهابية والتواطؤ في تجسيم العنف، وحكمت عليها المحكمة بـ 6 أشهر مع تأجيل النفاذ (لفترة تستمر 3 أعوام)، فيما كان المدعي العام قد طالب بـ 12 شهرا غير نافذة.

سويس انفو مع الوكالات

محاكمة 20 يونيو في بلّـينزونا، هي الثانية التي تُـعقد في سويسرا، وتتعلق بدعم لأنشطة إرهابية مرتبطة بالتيارات التي تدور في فلك القاعدة.

في شهر فبراير 2007، انتهت المحاكمة الأولى بتبرئة المتهمين السبعة، وهم يمنيون وصومالي وعراقي.

استند الإتهام في هذه القضية إلى الفصل 206 ثلاثي من القانون الجنائي السويسري، الذي يعاقب بالسجن لفترة يمكن أن تصل إلى 5 أعوام، من يشارك في منظمة تُـضفي السرية على هيكلتها وعناصرها وتهدف إلى ارتكاب أعمال عنف إجرامية أو الحصول على موارد بوسائل إجرامية، كما تشمل العقوبة كل من يقدم الدعم إلى منظمة من هذا القبيل في أنشطتها الإجرامية (في الخارج أيضا).

إلى حد الآن، ظلت أحكام الإدانة المستندة على الفصل 260 ثلاثي من القانون الجنائي السويسري، نادرة جدا.

كانت لهذه القضية أصداء خارج سويسرا، نظرا لأن المتهمة فيها (وهي مواطنة بلجيكية من أصل أفغاني)، هي أرملة أحد الرجلين اللذين نفذا عملية اغتيال القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود قبل يومين من اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

تُـعتبر المتهمة، التي ذكرت لائحة الاتهام أن كُـنيتها “أم عبيدة”، من أتباع التيار السلفي، وقد أدارت في الفترة التي أقامت فيها في قرية دودينغن في كانتون فريبورغ، موقعا على شبكة الإنترنت يدعو إلى الجهاد، وقد عادت في عام 2006، للاستقرار في بلجيكا.

أغلقت السلطات الفدرالية المنتديات، التي كانت تُـدار عامي 2004 و2005 من طرف المتهم الرئيسي في هذه القضية، تحت اسم “المنبر الإسلامي”، ومع أن مواقع أخرى على شبكة الإنترنت قد أنشئت في عام 2006 تحت أسماء مشابهة، إلا أنها لم تعُـد مُـسكَّـنة في سويسرا.

في سويسرا، لا زالت هناك قضيتان مشابهتان معروضتان على أنظار المحاكم.

فقد وُجِّـهت اتهامات لرجل أعمال سعودي بتحويل مبالغ مالية معتبرة من حسابه المصرفي في سويسرا إلى أشخاص يُـعتقد أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة، وينظر في هذا الملف قاضي تحقيق منذ شهر يونيو 2005.

في شهر سبتمبر 2006، تم فتح تحقيق أولي بحق عدة أشخاص يحملون جنسيات بلدان مغاربية، أوقِـفوا في سويسرا واتُّـهموا بالتورط في التخطيط لتنفيذ عمليات ضد طائرات إسرائيلية.

في العام الماضي أيضا، تم غلق القضية المرفوعة ضد رجل الأعمال المصري يوسف ندا، بسبب عدم توفر الأدلة، لكن اسمه لم يُـرفع بعد من قوائم المشتبه بهم، التي أعدتها الأمم المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية