مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أزمة تحتد … وأسئلة تشتد

حاول شارون اللعب بورقة الأمن مرة أخرى بقراره إقامة المناطق العازلة التي لا تضمن الأمن الذي وعد به من قبل وفشل في تحقيقه حتى الآن Keystone

انتظر العالم كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون إلى شعبه مساء الخميس أملا في أن تقدم مبادرة للسلام، إلا أن ما أعلنه من قرارات يوحي بوجود أزمة داخلية حقيقية.

فقد اعترف شارون في مستهل خطابه التلفزيوني بصعوبة المرحلة التي تعيشها إسرائيل قائلا “نحن نواجه معركة فرضت علينا وهي ليست أياما سهلة” و ندد ببعض المواطنين الذين ينتقدون سياسة الحكومة مؤكدا ضرورة أن تتوحد إسرائيل والا تتعجل “فكل شيء يتم في وقته”، وهذا هو الأسلوب الذي يمكن من خلاله تحقيق السلام المنشود، وأضاف أن “ما يقلقني ليس قدرتنا على حل المشكلات، ولكن الفجوة بين قدرتنا الحقيقية والشكوك التي تساورنا في قدرتنا”.

“سويس انفو” اتصلت بالسيدة غيزيلا داخس مراسلة صحيفة تاكس انتسايغر السويسرية في إسرائيل للوقوف على موقف الرأي العام هناك من الازمة وما يصحبها من تصعيد يتزايد يوما بعد يوم، حيث أفادت بأن هناك نوعا من اليأس يسود بعض فئات المجتمع لعدم وضوح الخطوة القادمة وما ستؤول إليه الأمور، بينما يرى البعض أن إسرائيل عايشت فترات عصيبة كثيرة في تاريخها وأن هذه الأزمة ستمر وستجتازها إسرائيل.

اللافت للنظر حسب قول السيدة داخس أن هناك شريحة من المجتمع الإسرائيلي لا تعتبر شارون سببا في الازمة بل تنظر إلى رفض عرفات للمبادرة المقدمة في كامب دافيد الثانية دون تقديم مبادرة فلسطينية أخرى على أنها السبب الذي أدى إلى انتخاب شارون بعد أن وعد الناخبين بتحقيق الأمن والاستقرار، ولذلك لا يشعرون بأي مسؤولية عن تدهور الأوضاع.

وترى الصحفية الألمانية أن جزءا لا بأس به في المجتمع الإسرائيلي يجد صعوبة في تصنيف أو تعريف الوضع الراهن إذا كان حالة حرب أم لا، فظهور حركة جنود الاحتياط الرافضين للعمل في المناطق المحتلة يقوي التيار الذي يرى بأن هناك وضع غير سليم، ومن ثم يتحتم الخروج منه، وهنا يطرح السؤال نفسه حول كيفية الانسحاب دون الظهور في خندق الضعيف، أو بمعنى آخر الانسحاب مع الحفاظ على ماء الوجه، ورفض الانسحاب أو الانسحاب الذي قد يخلف وراءه صورة الضعف قد يعمل على ارتفاع وتيرة العنف أكثر مما هي عليه الآن.

الوجوه الحالية لن تأتي بالسلام وربما الجديدة أيضا

وإذا كانت غالبية التيارات على الساحة السياسية الإسرائيلية، والكلام لا يزال لمراسلة صحيفة تاغس انتسايغر في إسرائيل، ترى أنه لابد من استخدام القوة لمقاومة الإرهاب، فإنها على ثقة بأن الحل يكمن من الخيار الديبلوماسي، وهو ما تقتنع به أيضا شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي، ولكن هذا يقود إلى التساؤل حول الطرف الآخر المفترض أنه الشريك في الحل الديبلوماسي، فتبرز صورة عرفات، الذي رفضه شارون ولا يوجد بديل آخر لتنفيذ هذا الحل السياسي الديبلوماسي.

وفي المقابل يتساءل البعض في إسرائيل حول إمكانية تحول شارون إلى الخيار الديبلوماسي وخوضه لمفاوضات يمكن أن تؤدي في النهاية إلى اتفاقية سلام، أم انه ينبغي الانتظار حتى الانتخابات المقبلة عساها أن تأتي بقيادة جديدة تسلك نهجا آخر يفضي إلى وقف النزاع.

ومن هنا ينطلق سؤال آخر حول انتظار الانتخابات هل ستأتي بالحل؟ فكما من المرجو أن تأتي بالحمائم يمكنها أن تبقي بالصقور ونفس الشيء ينطبق على الجانب الفلسطيني فخليفة عرفات مازال شيئا مجهولا في علم الغيب.

حتى المبادرة السعودية ولدت تساؤلات فوق التساؤلات

وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز هو الوحيد الذي علق على المبادرة التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير عبد الله ونشرتها الصحف الأمريكية، إلا أن السيدة داخس اعتبرت انه تعليق رسمي إسرائيلي، إلا أنها ترى بأن هذه المبادرة لو طرحت بالفعل في القمة العربية المقبلة في بيروت فأنها ستوضع في إسرائيل تحت المجهر لدراستها وتقديم الخطوة التالية والاجابةعن الاسئلة الكثيرة حول حدود هذا السلام واشكال التطبيع وبقية القائمة.

وهذه أيضا تقود إلى تساؤل حول مدى قبول إسرائيل في الدول العربية إذا هي فعلا أقدمت على هذه الخطوة، ويقود هذا التفكير مجددا إلى رأي يقول بأنه يجب استخدام سياسية القوة لاثبات الذات، فمن ناحية لا يرغب البعض في الظهور بأن اسرائيل دولة انهزمت، ومن ناحية أخرى لا يرغبون في الظهور في المجتمع الدولي في صورة قمعية.

“الشرق الأوسط يقترب من حافة الهاوية”

أول رد فعل دولي على خطاب شارون جاء على لسان الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي قال بأن الخطوات الإسرائيلية الرامية الى تعزيز الامن لن تحل المشكلة إذا لم يرافقها تقدم سياسي حيث لا يمكن بحث الأمن بمعزل عن السياسة ، مضيفا بأن الشرق الاوسط ” يقترب من حافة الهاوية.” إلا أنه حث الاسرائيليين والفلسطينيين على العودة الى مائدة المفاوضات، أما الفلسطينيون فلم يجدوا سوى رفض خطاب شارون، وتمهلت الولايات المتحدة في الرد عليه انتظارا لتداعيات الأمور.

وهكذا فإن شارون لم يقدم جديدا لكسر الدائرة المغلقة التي يعيش فيها الطرفان الفلسطيني و الاسرائيلي والتي لا تخرج عن احتلال ومصادرة أراض وبناء مستوطنات وحصار فهجمات انتحارية ثم رد عسكري واغتيال مستهدف تتبعها عملية انتقامية فقصف بالصواريخ فعملية انتقامية يتبعها هجوم مكثف يأتي بقتلى ومصابين على الجانبين ثم تكثيف الحصار وتضييق الخناق فعملية انتحارية يليها انتقام…… فليس مستغربا أن يقول كوفي عنان أن الشرق الاوسط يقترب من حافة الهاوية.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية