مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أشادوا بدورها في مجال لكنها أخفقت في آخر

إشادة مشجعة في مجال مكافحة جرائم المال، وثغرات في القانون تبحث عن معالجات سريعة، ميشيل ليفي (إلى اليسار) يمتدح الدور السويسري Keystone

بين انتقادات أوروبية لمركز سويسرا المالي ودفاع الكونفدرالية عن سياستها في مكافحة الجرائم المالية وتخفي عصابات الجريمة المنظمة وراء عمليات غسيل الأموال، جاءت منظمة "الشفافية الدولية" لتمتدح الدور السويسري في مكافحة الجرائم الاقتصادية.

فقد نوه أول تقرير سنوي للمنظمة الدولية إلى أن الكونفدرالية حققت خطوات واسعة في مكافحة الرشوة من خلال قوانين وإن كانت صارمة إلا أن تطبيقها يشوبه بعض النقائص.

لم يكن من غير المتوقع أن يغفل المؤتمر السنوي الأول لمنظمة الشفافية الدولية مناقشة كيفية تعقب شبكات تمويل الجماعات الإرهابية والإمساك بأطرافها في إطار الحرب على الإرهاب وتجفيف ينابيع تمويله، إلا أن رئيس فرع الجمعية في سويسرا فيليب ليفي أكد على أن مكافحة الرشوة حققت إنجازا كبيرا خلال العام الماضي، واستحق الدور السويسري فيها الإطراء والمديح.

اسم سويسرا اختفى من القوائم التي تضم دوائر التعاملات الاقتصادية المشبوهة، كذلك اختفى من قائمة الدول التي ترعى التجارة الغير مشروعة في الماس، على الرغم من أن سويسرا من البلدان المعروفة بالتجارة فيه، بينما ظهر في قائمة الدول التي تنتشر فيها الرشوة ولكنها احتلت المركز الثاني عشر بين الدول التي يقل فيها التعامل بالرشوة وتسبقها فنلندا وسنغافورة والسويد ولوكسمبورغ.

كما أعرب رئيس الفرع السويسري عن سعادته لتطبيق المعايير الدولية المتبعة في مكافحة الرشوة وخاصة مع ممثلي الشركات الأجنبية في الكونفدرالية، في المقابل اعترف ليفي أن هذه الاتفاقيات الدولية لم تحدد أسلوبا محددا في مكافحة الرشوة في مجالات التجارة الخاصة وأن هناك العديد من الثغرات القانونية التي يمكن التحايل عليها دون الوقوع تحت طائلة القانون، إلا أنه أشار إلى ان الحكومة السويسرية وجهازها القانوني سيوليان هذه المشكلة اهتماما خاصا.

حماية الشهود مفقودة

من ناحيته أعرب ميشل هويسود نائب الدائرة الفدرالية للمراقبات المالية أن معظم حالات الجرائم المالية مثل الرشوة أو التحايل يتم التعرف عليها من خلال بلاغات من المتضررين أو الضحايا، مشيرا إلى عدم وجود قوانين لحماية الشهود في مثل هذه الجرائم، مما قد يكون عائقا امام التعرف على مثل هذه الحالات في وقت مبكر، حيث قد يتعرض من يعمل في مؤسسة مالية أو غيرها إلى الفصل إذا ما أبلغ السلطات عن اشتباه في تعامل مالي ما، وهي من نقاط الضعف التي يتحتم التغلب عليها.

ويطالب هويسود بضرورة تشكيل لجنة متابعة مراقبة عليا لمثل هذه الحالات تضمن سرية بيانات من يكتشف حالات الرشوة والجرائم المالية، على أن تكون هذه اللجنة تابعة للحكومة الفدرالية، ومن ثم لا يمكن لمن يقوم بالكشف عن مثل هذه الجرائم أن يتعرض للفصل من عمليه أو الأذي بطريقة أو بأخرى.

أما نيكولاوس هوبر الرئيس الأسبق لدائرة مراقبة عمليات غسيل الأموال، فيطالب بتطبيق استراتيجية موحدة لمكافحة جرائم المال بكافة أنواعها، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية أصبحت تستعمل جميع إمكانيات التعاملات المالية المتاحة دوليا لدعم نشاطها مما يتطلب تعاونا دوليا لرصد المعاملات المالية للمنظمات المشبوهة أو المشتبه فيها.

هجوم دائم و دفاع مستميت

ولا يخلو الحديث عن مكافحة جرائم المال دوليا دون التعرض لسرية الحسابات المصرفية في سويسرا، والتي دافعت عنها الحكومة الفدرالية في أكثر من مناسبة وخاصة بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن رغبتها في متابعة المعاملات المالية للمنظمات والجمعيات التي ترى أنها ترعى الإرهاب، إلا أن هوبر يعتقد أنه إذا ما تمكنت واشنطن من التعرف على خيوط تمويل الشبكات الإرهابية في وقت سريع فقد يقل الضغط عن سويسرا، وتتمكن من الحفاظ على سرية الحفاظ المصرفية فيها دون أن يشار إليها بأصابع الاتهام بوقوفها عقبة أمام البحث عن العدالة.

وعلى الرغم من أن القوانين السويسرية تعتبر الأكثر صرامة في التعامل مع الحسابات المصرفية تفاديا لهذه التهم المتكررة و لدرء الشبهات عنها، والنقص الكبير في القوانين الامريكية والفرنسية المماثلة، إلا أن هذا لا يمكن أن يكون مبررا أمام من يصر على الغوص في دفاتر حسابات هذا المصرف أو ذاك لتبديد أي شك أو ريبة في عمليات لحساب الجماعات الإرهابية.

فالشكوك في عمليات غسيل الأموال تمر عبر المصارف السويسرية باتت أشبه بشبح يتهدد الساسة أينما حطوا رحالهم، فأعرب وزير الخارجية جوزيف دايس في ميلانو أن الإجراءات التي تتبعها سويسرا لمكافحة عمليات غسيل الأموال بكافة أنواعها لا تقتصر فقط على المستوى الداخلي وإنما أيضا على المستوى الدولي، حيث يقدم خبراء المصارف السويسريون خبراتهم ومقترحاتهم في هذا المجال، مؤكدا مرة أخرى ما أعلنه وزير المالية كاسبار فيلليغر على أن سرية الحسابات المصرفية في سويسرا ليست غطاءا لأي نوع من أنواع جرائم المال.

1996 منظمة غير حكومية من جميع أنحاء العالم هو عدد أعضاء منظمة الشفافية العالمية، التي تسعى إلى البحث عن تعاملات مالية عادلة في أرجاء المعمورة، إلا أن عملها اقتصر حتى الآن على إصدار الجداول والإحصائيات والبيانات لتصنيف الدول بين جيد وسيء، فليس لديها من الوسائل ما يجعل ما تطالب به يأخذ طريقه إلى الواقع، وما أن تكشف مثل هذه المؤتمرات عن ثغرات في القانون حتى يهرع إليها من يتحينون مثل هذه الفرص، فعلاج ثغرات القانون لا تتم بين عشية وضحاها، ومن يملكون أموالا مشبوهة كثر لا بل ويتزايدون ويبحثون عن من يغسل غسيلا أكثر بياضا.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية