أهداف الألفية الصحية لازالت بعيدة المنال
تقرير منظمة الصحة العالمية حول تحقيق أهداف الألفية في مجال الصحة يقر ببطء مجهودات بعض البلدان وبتفاقم الأوضاع الصحية خاصة على مستوى وفيات الأطفال.
وأعربت المنظمة عن قناعتها بأن تحقيق تلك الأهداف في الموعد المحدد، أي 2015، لن يتم إن لم يتجدد الإلتزام بإعطاء الأولية لقطاع الصحة في السياسات الاقتصادية.
قرعت منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته يوم 22 أغسطس الجاري تحت عنوان “الصحة وأهداف الألفية التنموية” جرس الإنذار حول احتمال تعذر تحقيق الأهداف الصحية في الموعد المحدد، أي في عام 2015.
وكانت قمة الألفية في عام 2000 قد حددت ثمانية أهداف يتوجب تحقيقها بحلول عام 2015 وهي: تخفيض عدد الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية إلى النصف، وتعميم التعليم الابتدائي، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتقليص معدل وفيات الأطفال، وتحسين صحة الأم، ومكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا، واعتماد مبادئ التنمية المستديمة، وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.
التقرير الذي صدر بمناسبة مرور خمسة أعوام على قمة الألفية، يقر بأن القطاع الصحي شهد بعض التراجع في البلدان الأكثر فقرا، ولئن تم تحقيق بعض التقدم في عدد من القطاعات والبلدان.
ارتفاع معدل وفيات الأطفال
ونظرا لسهرها على الأوضاع الصحية في العالم، ركزت المنظمة في تقريرها على الأهداف التي لها علاقة بالقطاع الصحي. وفي مقدمة هذه القطاعات وفيات الأطفال عموما والأطفال دون سن الخامسة. ويشير التقرير في هذا السياق إلى استمرار وفاة أكثر من 11 مليون طفل دون الخامسة من العمر سنويا.
وأوضح التقرير بهذا الشأن أن “16 بلدا من بلدان العالم، من بينها 14 في القارة الإفريقية، عرفت في عام 2003 ارتفاعا في نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة مقابل المعدل المسجل في عام 1990”.
وشهدت المنطقة العربية في مجموعها تراجعا في نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة من العمر، وهي النسبة التي بلغت في شمال إفريقيا 38 من ألف في عام 2003، مقارنة مع 87 من ألف في عام 1990.
وينوه خبراء منظمة الصحة العالمية الى أنه إذا ما استمرت الجهود بالوتيرة الحالية، فلن تتمكن المجموعة الدولية من تحقيق سوى تخفيض بنسبة ربع عدد الوفيات بدل الثلثين المعلن عنهما في أهداف الألفية.
المجاعة وسوء التغذية
ولئن كان يعتبر القضاء على الفقر من ضمن الأهداف الاقتصادية، فإن منظمة الصحة العالمية تركز على الجانب المتعلق بتخفيض نسبة الجياع في العالم الى النصف نظرا لكون العديد من الأمراض ناجمة عن سوء التغذية.
وإن كان تقرير المنظمة قد استنتج تراجعا في نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في البلدان الأسيوية بنسبة تقدر بما بين 6 و9 % حسب المناطق، فإن البلدان الإفريقية لم تعرف ما بين عامي 1990 و2003 سوى تقدما بنسة 1% بحيث لا زال أكثر من 31 % من أطفال القارة السمراء يعانون من قلة الوزن.
ويعزي تقرير منظمة الصحة العالمية الأسباب في المنطقة الإفريقية “إلى النمو الديموغرافي المترفع وقلة الإنتاج الزراعي بالدرجة الأولى”.
وحذر مدير قسم تحقيق أهداف الألفية بمنظمة الصحة العالمية الدكتور اندرو كاسلس من أن “العالم قد يحتاج لأكثر من 150 عاما بدل العشرة المتبقية لتحقيق أهداف الألفية في مجال صحة الأطفال إذا ما استمر تردي الأوضاع بنفس الوتيرة”.
صحة الأم وفيروس الإيدز
ورغم استنتاج تقرير منظمة الصحة العالمية لإحراز تقدم على مستوى علاج المرأة الحامل في العديد من البلدان النامية – مما جعل نسبة المستفيدات ترتفع من 41% في عام 1990 الى نسبة 57% في عام 2003، فإن المعدل في القارة السمراء استقر في حدود 41%. ومن النتائج المترتبة عن ذلك الاستقرار وفاة حوالي 500 ألف سيدة حامل سنويا بسبب عدم توفر العلاج والعناية.
وقد سجلت البلدان العربية عموما تطورا في مجال الرعاية المقدمة للمرأة الحامل بحيث ارتفعت نسبة المستفيدات من تلك الخدمات ما بين 1990 و2003 في شمال إفريقيا من 41 الى 76%.
أما في ميدان محاربة مرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا، فتجد إفريقيا نفسها في مقدمة الترتيب بحيث تدفع أكبر عدد من ضحايا مرض الإيدز المقدر بثلاثة ملايين ضحية سنويأ، وهو ما تسبب في القضاء على جل المكاسب الاقتصادية التي حققتها بعض البلدان الإفريقية في العقد الأخير. يضاف الى ذلك مرض الملاريا الذي يخلف سنويا أكثر من مليون ضحية، ومرض السل الذي يودي بحياة اكثر من 1،7 مليون شخص سنويا.
المطلوب زيادة التمويل
وستنظر قمة المراجعة التي ستعقد في شهر سبتمبر حول تحقيق أهداف الألفية في مدى التزام الدول من جديد بتطبيق ما تم الاتفاق بشأنه في عام 2000. وفي هذا الصدد، ترى منظمة الصحة العالمية أنه على المجموعة الدولية أن تضاعف خمس مرات حجم المساعدات التي تقدمها للقطاع الصحي إن أرادت تحقيق أهداف الألفية.
ويذكر أنه لا ينفق حاليا أكثر من عشر دولارات بالنسبة للفرد الواحد في الميدان الصحي، وما يشكل – رغم الزيادة التي أدخلت بفضل أموال صندوق محاربة الإيدز- حوالي 8،1 مليار دولار. وتشير تقديرات إلى ان تحقيق أهداف الألفية مع مطلع عام 2015 يتطلب تخصيص أكثر من 135 مليار دولار كمساعدات تنموية سنوية ابتداء من عام 2006.
وحتى هذه النسبة الخيالية من مساعدات التنمية، أي 135 مليار دولار، لا تمثل سوى 0،44 % من الناتج القومي للدول الغنية، وهي أقل بكثير من النسبة التي تم الاتفاق حولها في القمة الاجتماعية في كوبنهاغن، والتي لم تجرؤ أية دولة تطبيقها لحد الآن أي 0،7% من مجموع الناتج القومي.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.