The Swiss voice in the world since 1935

نتانياهو مستعد لهدنة تعيد الرهائن وأهالي غزة ينتظرون ما يسد الرمق

afp_tickers

قال بنيامين نتانياهو الأربعاء إنه مستعد لوقف موقت لاطلاق النار لضمان الافراج عن الرهائن المحتجزين في غزة التي ما زال أهلها ينتظرون وصول الإمدادات الأولى من الطعام والماء بعد شهرين ونصف شهر من الحصار الخانق، ومع تكثيف الغارات والهجمات التي توقع كل يوم تقريبا عشرات القتلى. 

جاء تصريح نتانياهو بعد ضغوط دولية كثيفة أضيفت إليها موجة من الاحتجاجات والإدانات لإطلاق الجنود الإسرائيليين النار نحو دبلوماسيين عرب وأجانب أثناء زيارتهم مخيم جنين المدمر في الضفة الغربية المحتلة.

وقال نتانياهو في مؤتمر صحافي “إذا كان ثمة خيار لوقف موقت لاطلاق النار بهدف الافراج عن الرهائن، سنكون جاهزين” لذلك، مضيفا أن في القطاع “20 رهينة من المؤكد انهم احياء”.

ومع تأكيده أن “كامل قطاع غزة سيكون تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي”، أشار إلى ضرورة “تفادي أزمة إنسانية بغية الحفاظ على حرّية التحرك في عملياتنا” في ظلّ تنامي الضغوط الدولية على حكومته التي حرمت الفلسطينيين من أبسط الاحتياجات ودفعتهم باتجاه المجاعة.

وعلى الإثر، أعلنت إسرائيل دخول 100 شاحنة من المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة الأربعاء، ولكن منظمات الإغاثة لم تتسلم بعد أولى الشاحنات التي دخلت الاثنين.

وعن تدمير مخيمات شمال الضفة الغربية، بدا نتانياهو خلال مؤتمره الصحافي في القدس متباهيا بقوله “دخلنا مخيمات اللاجئين في وقت متزامن وسحقناها”، متحدثا عن العملية العسكرية واسعة النطاق التي باشرها الجيش في 21 كانون الثاني/يناير واستهدفت مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس فدمرتها وهجَّرت عشرات آلافا ممن كانوا يسكنونها.

وفي هذا السياق، وخلال زيارة وفد دبلوماسي للمنطقة للاطلاع على حجم الدمار، أطلق جنود إسرائيليون طلقات تحذيرية تجاه الدبلوماسيين العرب والأجانب، واثار الامر موجة من الإدانات.

فقد حثت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إسرائيل على محاسبة المسؤولين عن إطلاق النار الذي جرى بالقرب من مدينة جنين ومخيمها، وهي منطقة ينشط فيها مقاتلون فلسطينيون وينفذ فيها الجيش عمليات مداهمة وهجمات متكررة.

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية “الجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثلة في الاستهداف المباشر بإطلاق الرصاص الحي على وفد دبلوماسي معتمد لدى دولة فلسطين”.

وقال الجيش الإسرائيلي إن “الوفد انحرف عن المسار المُعتمد”، مما دفع قواته إلى إطلاق “طلقات تحذيرية” لإبعادهم عن “منطقة غير مُصرّح لهم بالتواجد فيها”، معربا عن “أسفه للإزعاج الذي سببه” إطلاق النار الذي لم يُسفر عن إصابات. 

جاءت هذه الحادثة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب الحرب في قطاع غزة، حيث ينتظر الفلسطينيون الذين انهكهم الجوع والعطش تسلم الإمدادات الحيوية بعد سماح إسرائيل بدخول كميات محدودة منها، ولكن توزيعها لم يبدأ بعد.

ومع تكثيف الجيش هجماته وغاراته المدمرة، سجل الدفاع المدني مقتل 19 شخصا على الأقل بينهم رضيع عمره أسبوع جراء الغارات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء في قطاع غزة.

– “الوضع لا يُحتمل” – 

قالت الأمم المتحدة الاثنين إنها حصلت على الموافقة لإرسال أولى المساعدات منذ أن فرضت إسرائيل حصارها الخانق في 2 آذار/مارس متسببة بنقص حاد في الغذاء والدواء.

ومساء الاربعاء، أعلنت إسرائيل دخول مئة شاحنة تابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تحمل مساعدات إنسانية – بما في ذلك الدقيق وطعام الأطفال والإمدادات الطبية – إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم”، بعد 93 شاحنة الثلاثاء ونحو عشر الإثنين.

ولكن الأمم المتحدة قالت إنها لم تتسلم بعد أيا منها ليتسنى لها البدء بتوزيعها، وإن لفت مسؤول فيها إلى أن ما سُمح بإدخاله لا يعدو كونه “قطرة في محيط” من الاحتياجات. 

وقالت أم طلال المصري البالغة 53 عاما، وهي نازحة فلسطينية تعيش في أحد أحياء مدينة غزة، إن “الوضع لا يُحتمل”. وأضافت لوكالة فرانس برس “لم يوزع علينا أحد أي شيء. الجميع ينتظرون المساعدات، لكننا لم نتلقَّ أي شيء”. 

وتابعت “نطحن العدس والمعكرونة لنصنع بعض أرغفة الخبز، وبالكاد نتمكن من إعداد وجبة واحدة يوميا”. 

صعّد الجيش الإسرائيلي هجومه نهاية الأسبوع على غزة معلنا أن هدفه هو القضاء على حركة حماس التي كان هجومها على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وراء اندلاع الحرب. 

وواجهت إسرائيل ضغوطا كبيرة، بما في ذلك من حلفائها التقليديين، لوقف هجومها المكثف والسماح بدخول المساعدات. 

وقالت كالاس الثلاثاء إن “غالبية قوية” من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين أيدوا مراجعة التعاون التجاري مع إسرائيل، مؤكدة أن هذه الدول ترى أن “الوضع في غزة لا يُطاق… وما نريده هو رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية”. 

ومن دون تأكيد التقارير الصحافية التي أفادت بمعارضة ألمانيا لتلك الخطوة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستيان فاغنر إن “اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تشكل منتدى مهما يتعين علينا استخدامه لمناقشة القضايا الحاسمة” المتعلقة بالوضع في غزة.

وأعلنت السويد أنها ستضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على عدد من الوزراء الإسرائيليين، بينما علّقت بريطانيا مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل واستدعت السفير الإسرائيلي. 

ووصف البابا لاوون الرابع عشر الوضع في غزة بأنه “مقلق ومؤلم”، داعيا إلى إدخال كميات كافية من المساعدات.

ورأت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن التحرك الأوروبي “يعكس سوء فهم تام للواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل”. 

– “عمل مجنون” –

سارعت دول أوروبية وعربية وكذلك تركيا إلى إدانة إطلاق النار تجاه الدبلوماسيين في الضفة الغربية، مطالبة إسرائيل بتوضيحات مقنعة، فيما اعتبرت إيطاليا تهديد الدبلوماسيين أمرا “غير مقبول”. وأعلنت إيطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال استدعاء سفراء إسرائيل للتعبير عن استيائها.

وأكدت مصر “رفضها المطلق لتلك الواقعة التي تعد منافية لكافة الأعراف الدبلوماسية”، فيما اعتبرها الأردن “انتهاكا واضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة تخالف جميع الأعراف الدبلوماسية”.

وشارك في الزيارة وفق وكالة وفا الفلسطينية للانباء، دبلوماسيون من عدة دول لا سيما من فرنسا وبريطانيا وكندا وإسبانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن والمغرب والبرتغال والصين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وتركيا وليتوانيا وبولندا واليابان ورومانيا والمكسيك وسريلانكا والهند وتشيلي.

وقال أحمد الديك، المستشار السياسي للوزارة والذي كان يقود الوفد “أطلقوا النار علينا بجنون”. وأضاف “ندين هذا الفعل المجنون من قبل الجيش الإسرائيلي الذي أعطى انطباعا حيا للوفد الدبلوماسي عن الحياة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ونتمنى على أعضاء الوفد الدبلوماسي أن ينقلوا هذه الصورة وأن يتم التعبير عنها بمواقف واضحة”.

وأكد دبلوماسي أجنبي كان ضمن الوفد، لفرانس برس إنه سمع “إطلاق نار متكررا” من داخل مخيم جنين. وأضاف “كنا نقوم بزيارة مع محافظ جنين إلى حدود المخيم لمعاينة الدمار” في المنطقة التي تشهد منذ أشهر عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة.

استأنفت إسرائيل عملياتها وكثفتها في جميع أنحاء القطاع في 18 آذار/مارس، لتنهي بذلك وقف إطلاق نار دام شهرين، في حين تتعثر المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس. 

أسفر هجوم حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن مقتل 1218 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية. 

ومن أصل 251 رهينة خطفهم المهاجمون، ما زال 57 في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. 

وأعلنت وزارة الصحة في غزة الثلاثاء أن 3509 أشخاص على الأقل قُتلوا منذ استئناف إسرائيل غاراتها ليرتفع إجمالي عدد قتلى الحرب إلى 53655 شخصا معظمهم من النساء والأطفال. وهي بيانات تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

بور/ص ك/ب ق

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية