مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسرائيل تحول إلى الفلسطينيين أكثر من مليار دولار من أموال ضرائب مستحقة لهم

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 18 آب/اغسطس 2020 afp_tickers

حوّلت إسرائيل الأربعاء أكثر من مليار دولار تشكل مستحقات مالية للفلسطينيين ناجمة عن عائدات ضرائب، إلى حساب السلطة الفلسطينية، في أول إجراء ملموس بعد حوالى أسبوعين على عودة التنسيق الأمني بين الجانبين.

وأكد وزير الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ في تغريدة على حسابه على تويتر “الحكومة الإسرائيلية تحول كافة المستحقات المالية الخاصة بالمقاصة إلى حساب السلطة الفلسطينية والبالغة ثلاثة مليارات و768 شيكل (أكثر من مليار دولار)”.

وأكد مسؤول إسرائيلي لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه، الأسبوع الماضي أن “مجلس الوزراء الأمني وافق على تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية”، من دون أن يحدد المبلغ.

ولم يؤكد الجانب الفلسطيني حينها استلامه للأموال.

وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت في أيار/مايو الماضي قطع علاقتها مع إسرائيل، احتجاجا على الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط. وتدهورت العلاقات بشكل أكبر بعد إعلان السلطة رفضها تسلم أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل بحكم سيطرتها على المعابر، لصالح الفلسطينيين.

وأدى ذلك الى عجز كبير في ميزانية السلطة الفلسطينية، التي أصبحت تكافح لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، ولم تعد قادرة على سداد أجور الموظفين الرسميين لديها، مكتفية بدفع أنصاف الرواتب.

وأعلنت وزارة المالية الفلسطينية الأربعاء، عن صرف راتب كامل للموظفين عن تشرين الثاني/نوفمبر الماضي و50 بالمئة من المستحقات المتراكمة منذ أيار/مايو، وحتى تشرين الأول/أكتوبر، الخميس.

وأوضحت الوزارة في بيان، إلى أن صرف الجزء المتبقي من المستحقات سيتم استكماله في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، على أن تواصل التحاسب مع الجانب الإسرائيلي لاسترجاع أية مبالغ متبقية.

وبحسب الوزارة، سيتم تخصيص جزء من المبلغ لسداد مستحقات موردي الخدمات والسلع للسلطة، وخاصة للمستشفيات وموردي القطاع الصحي لمواجهة جائحة كوفيد -19.اضافة بيان وزارة المالية الفلسطينية

– حق –

يحكم الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتفاق تبادل تجاري واستيراد أقرته اتفاقية باريس الاقتصادية التي ألحقت باتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين الجانبين في العام 1995.

وتجبي إسرائيل التي تسيطر على المعابر، أموال الضرائب من التجار الفلسطينيين قبل أن تحولها إلى السلطة الفلسطينية.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية صرح الإثنين أن “أموالنا هي حق لشعبنا”. وأضاف أن “رواتب الموظفين هي حق لهم وسيأخذون كل ما هو لهم، فقد صبروا أشهر”.

وقالت السلطة الفلسطينية في وقت سابق إنها قبلت بالعودة إلى التنسيق الأمني بعد “إعلان إسرائيل استعدادها الالتزام بالاتفاقيات الموقعة سابقا بين الطرفين”، موضحة أن “الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى رسائل رسمية ومكتوبة تؤكد هذا الالتزام”.

وأكد الشيخ حينها إن ذلك تم “على ضوء الاتصالات الدولية التي قام بها” الرئيس الفلسطيني “بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك”.

وأكد اشتية خلال لقاء افتراضي مع صحافيين في واشنطن في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، أن عودة التنسيق ستشمل “القضايا المالية والصحية والسياسية”.

وبحسب اشتية، جمدت السلطة الفلسطينية العلاقات مع إسرائيل “لأننا ببساطة أردنا أن تقول إسرائيل إنها ملتزمة بهذه الاتفاقيات”.

وأجرى الشيخ قبل نحو أسبوعين، محادثات مع الجانب الإسرائيلي هي الأولى منذ إعلان عودة التنسيق الأمني بين الجانبين بعد توقف استمر لنحو ستة أشهر.

وقال الشيخ “تم التأكيد على أن الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والتي أساساها الشرعية الدولية هي ما يحكم هذه العلاقة”.

من جهة أخرى، اعتبر البنك الدولي في تقرير عن التطورات الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية نشر الأسبوع الماضي، أن “المواجهة السياسية مع الحكومة الإسرائيلية” هي أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى وصول الاقتصاد الفلسطيني إلى “أوضاع بالغة الصعوبة في العام 2020″، إلى جانب أزمتي فيروس كورونا والتباطؤ الاقتصادي الحاد.

وتوقع البنك الدولي في تقرير بحدوث انكماش إجمالي الناتج المحلي للسنة بأكملها، بنحو 8 في المئة.

وأشار التقرير إلى أن عودة التنسيق بين الجانبين ستخفف من حدة الضائقة المالية، لكن ومع ذلك سيكون هناك فجوة تمويلية كبيرة للعام 2020، قدرها 760 مليون دولار، ما يستدعي عمل السلطة على تأمين تمويل إضافي.

– رواتب الأسرى –

تسببت رواتب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بأزمة حادة بين الجانبين، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد أن قضية الأسرى خط أحمر ولا يجب المساس برواتبهم.

وقرّرت إسرائيل في شباط/فبراير 2019، اقتطاع عشرات ملايين الدولارات من عائدات أموال الضرائب، معتبرة أن هذه المبالغ تساوي المخصصات التي تدفعها السلطة لأسر الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وأكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس الأسبوع الماضي، قرار عباس، دمج “7800 أسير محرر في الأجهزة الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية”. وأعلن أيضا أنه “شكّل لجنة من مسؤولين فلسطينيين لتبحث آلية صرف الرواتب لأكثر من4200 أسير لا زالوا يقبعون في سجون الاحتلال”.

وأشار فارس إلى أن “هناك حوالى 450 أسيرا من موظفي السلطة وبالتالي يتقاضون رواتبهم كموظفين وليس رواتب أسرى”.

وعبّر قدورة فارس عن مخاوف من استمرار الضغوط على القيادة الفلسطينية لإلغاء قانون الأسرى والمحررين الذي أقرته السلطة الفلسطينية في 2004 وتم تعديله في 2014. وقال “نرفض مطلقا أن يتم تحويل رواتب الأسرى الى رواتب شؤون اجتماعية”، مشيرا إلى ضغوط أيضا على المصارف التي تتعامل مع هذه الرواتب.

ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، تم اعتقال أكثر من مليون فلسطيني، بحسب فارس.

ونادي الأسير الفلسطيني مؤسسة أهلية فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى.

واعتبر فارس الذي أشار إلى ضغوط دولية أميركية وأوروبية وإسرائيلي على السلطة بهذا الخصوص، أن اقتطاع رواتب الأسرى من أموال المقاصة الفلسطينية “سرقة”، مشيرا إلى وجود “قلق كبير” إزاء ذلك.

واعتبرت حركة حماس الإسلامية قرار السلطة يشكل “طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة وطنية واستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن (خطة السلام الأميركية)”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية