مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتساع حركة التضامن مع الفلسطينيين

دائرة التضامن الشعبي مع معاناة الفلسطينيين تتسع يوما بعد يوم في الشارع الأوروبي فهل سيؤثر ذلك على القرار السياسي للإتحاد؟ Keystone

تتواصل حركات الاحتجاج عبر بلدان الاتحاد الأوروبي للتعبير عن تضامنها مع ضحايا الكارثة الانسانية في الشرق الأوسط و لمضاعفة الضغط على حكومات البلدان الأوروبية من أجل تحركها بشكل عملي وأن تتخذ اجراءات زجرية ضد اسرائيل وحملها على التراجع..

عشية انعقاد اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد في لوكسمبورغ، شقت مظاهرات كبيرة شوارع المدن والعواصم الأوروبية من لشبونه حتى برلين ومن روما حتى لندن وادنبره مرورا بكل من باريس وامستردام وغيرهما من المدن الأوروبية للاحتجاج على الحرب التي شنتها اسرائيل ضد المدن والمخيمات الفلسطينية.

وتتميز حركة التضامن الأوروبي مع الفلسطينيين بحضور مكثف للجاليات العربية والاسلامية وممثلين عن منظمات اليهود التقدميين والمنظمات غير الحكومية وأوساط النقابات الأوروبية.

ولاحظ المتتبعون مشاركة بارزة للمرأة المسلمة المحجبة والتي لا تشارك تقليدا في مظاهرات الاحتجاج. لكن المرأة الأوروبية، مهما كان اصل تحدرها، أصبحت عاجزة عن الصمت أمام صور دمار البيوت والممتلكات وحتى قنوات الصرف الصحي ومياه الشرب وأمام التقارير المتتالية عن مئات القتلى الذين لا يعرف مثواهم، لأن قوات الاحتلال الاسرائيلي حظرت على الأهل دفن موتاهم وعن الصحافة الدولية والمنظمات المحايدة معاينة وجودهم.

وينتظر أن تشهد لوكسمبورغ صباح يوم الاثنين تجمعات من المواطنين الذين يأتون من البلدان المجاورة لدعوة مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتخاذ عقوبات اقتصادية ضد اسرائيل.

الإشتراكيون غاضبون على بيريز

وانعكس غضب الرأي العام الأوروبي في القرار الذي اصدره البرلمان الأوروبي منتصف الأسبوع الماضي في ستراسبورغ ويدعو فيه المفوضية والمجلس الوزاري تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية مع اسرائيل، وحظر بيعها الأسلحة، لأنها تنتهك القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الانسانية وبشكل خاص معاهدات جنيف.

ويفتقد القرار البرلماني الطابع الالزامي بالنسبة للحكومات الأوروبية لكنه يعكس نفاذ صبر قطاعات واسعة من الرأي العام والأوساط السياسية، منها تلك التي تناصر اسرائيل تقليدا، مثلا في صفوف نواب المجموعة الاشتراكية.

وبرز غضب الأوساط السياسية داخل رابطة الاشتراكية الدولية التي ينتمي لعضويتها حزب العمل الاسرائيلي ووزير الخارجية شمعون بيريز والذي حظي دوما بتقدير كبير من جانب الاشتراكيين الأوروبيين. وانتقد نائب رئيس الرابطة الاشتراكية رئيس الحزب الاشتراكي الفرنكفوني البلجيكي، ايليو دي ريبو، بشدة تواجد صديقه شمعون بيريز في حكومة تمارس “ارهاب الدولة”.

وقال ايليو دي ريبو في كتابه الى شمعون بيريز بأن الحكومة الاسرائيلية ردت “على منظمات ارهابية اجرامية بارتكاب ارهاب الدولة التي نفذت حملة اغتيال الفلسطينيين ودمرت بشكل متعمد البنى التحتية للسلطة الفلسطينية ومارست قمعا شديدا ضد السكان المدنيين”. ويذكر نائب رئيس الرابطة الاشتراكية صديقة شمعون بيريز بان “لا دولة فوق القانون” و “ستحاسب المجموعة الدولية حكومة اسرائيل وقواتها العسكرية” حول ما تضمنته تقارير تحدثت عن الاعدامات الجماعية والعقوبات الجماعية التي نفذتها في حق السكان المدنيين والعراقيل التي وضعتها أمام الصحافة الدولية وهيئات الإغاثة.

وعاتب مسؤول رابطة الاشتراكية الدولية صديقه شمعون بيريز على تواجد الأخيرة في حكومة متطرفين وناشده الانسحاب منها وسحب الغطاء عن سياساتها. وتعكس الرسالة حسرة أوساط اليسار أمام مشاركة حزب العمل في حكومة تمارس الاعدامات الجماعية وتذكر الفلسطينيين بمذابح صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982 عندما قاد ارييل شارون حملة غزو لبنان.

في انتظار البحث عن حل تفاوضي

ولا تتجاهل الدبلوماسية الأوروبية اتساع احتجاجات الرأي العام والأوساط السياسية أمام ما تنقله التقارير عن احتمال ارتكاب الجيش الاسرائيلي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

وقد تتجه بلدان الاتحاد، في اجتماعات وزراء الخارجية يوم الاثنين في لوكسمبورغ، نحو اقتراح دعوة مجلس الشراكة مع اسرائيل الى الانعقاد بشكل عاجل، وهو اجراء تقتضيه بنود اتفاقية الشراكة قبل اتخاذ أية خطوة إضافية، مثل قرار تعليق بعض أوجه التعاون أو الاتفاقية بأكملها.

لكن من المتوقع أيضا، أن تواصل كل من المانيا وبريطانيا وايطاليا وهولندا معارضتها خيار العقوبات ضد اسرائيل. كما أن غالبية البلدان الأعضاء قد تميل الى موقف انتظار نتائج مباحثات وزير الخارجية الأمريكي كولن باول مع كل من ارييل شارون والرئيس ياسر عرفات، قبل الخطو المحتمل نحو اتخاذ موقف زجري ضد اسرائيل.

وكان باول حظي بدعم الأطراف الدولية الأربعة (الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة) حول ضرورة وقف اطلاق النار وانسحاب القوات الاسرائيلية فورا والانتقال دون تأخر الى مرحلة البحث عن حل تفاوضي. وهو طرح أمريكي لا تتجرأ البلدان الأوروبية او روسيا على الاعتراض عليه.

نورالدين الفريضي – بروكسل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية