مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استمرار المتاهة العالمية…إثر شلل البورصة الأم في نيويورك

شركة "سويس ري" للتأمينات تضررت بشكل كبير من انعكاسات التفجيرات في الولايات المتحدة Keystone

أدى الكابوس الذي حل في نيويورك قبل دقائق من الموعد الصباحي لافتتاح البورصة أمس الثلاثاء، للإغلاق الذي تواصل اليوم لأهم أسواق للمال والأعمال والمواد الخام في العالم. فقد أدى الكابوس الذي عاشته الولايات المتحدة أمس لهزة عنيفة مباشرة في كبريات البورصات العالمية مثل لندن وفرانكفورت وطوكيو وباريس أو زوريخ، حيث تراوحت الخسائر بين سبعة وعشرة في المائة تقريبا لدى انتشار أخبار الكارثة في الولايات المتحدة، بعد الظهر بالتوقيت الأوروبي.

وقد أدى استمرار إغلاق البورصة في نيويورك لمتاهة في البورصات الرئيسية التي شرعت أعمالها يوم الأربعاء بخسائر ملحوظة تواصلت في قطاعات التأمينات والمصارف على وجه الخصوص.

وتنعكس متاهة كبار المستثمرين منذ معرفة حجم الكارثة التي حلت بالولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة التخلص مما يملكون من أسهم، لصالح الاستثمار في الذهب أو النفط عن طريق بورصات المواد الخام خارج الولايات المتحدة .

ونسب المحللون هذه الإنعطافة إلى أمرين رئيسيّين وهما: محاولة استغلال الانخفاض الحاد في سعر صرف الدولار الأمريكي المستخدم كعملة مرجعية لتحدد أسعار الذهب والنفط من جهة، وللإشتباه بوجود صلة بين ما حدث في الولايات المتحدة وما يحدث في الشرق الأوسط وانعكاسات ذلك المحتملة على تدفق النفط إلى الغرب من جهة أخرى.

الذهب يحتفظ بمكاسبه، لكن النفط يخسرها

إن المتاهة والحيرة اللتين خيّمتا على البورصات الرئيسية يوم الأربعاء، تعكسان الجهل بمضاعفات الضربة التي تعرضت لها المراكز العصبية في أهم قوة اقتصادية في العالم على الاقتصاد العالمي المصاب بالشلل على أي حال نتيجة التباطؤ الاقتصادي العنيد منذ حين.

هذا وينسب المحللون التراجع المتواصل في أسعار أسهم شركات التأمين الدولية ومن ضمنها أسماء سويسرية معروفة كمجموعة “زوريخ المالية” أو مجموعة “سويس ريه” لما ستتلقاه من فواتير للتعويض على خسائر الضربة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أعربت مجموعة “سويس ريه” عن الاعتقاد على سبيل المثال، بأنه سيترتب عليها دفع تعويضات قد تصل المليار وربع المليار فرنك سويسري، عن الأضرار المؤمنة لديها والتي نجمت عن الهجمات الانتحارية في الولايات المتحدة.

تضامن دولي للتخفيف من حدة الصدمة الاقتصادية

وإلى جانب انهيار أسهم التأمينات، دبّ التآكل يوم الأربعاء في أسهم الطيران والسياحة والمصالح المرتبطة بها، نتيجة الحد تماما من الحركة الجوية في المجال الجوي الأمريكي، وعلى إثر الإجراءات المشددة للغاية في المطارات العالمية بعد استخدام الطائرات المدنية في العمليات الانتحارية في الولايات المتحدة.

إلا أن بعض القطاعات الأخرى، مثل قطاعات الأدوية والمعدات الطبية والخدمات والبضائع الاستهلاكية وغيرها، أخذ يسترد شيئا من الخسائر الفادحة أمس في معظم البورصات الأوروبية الرئيسية قبل ساعات من افتتاح البورصة في ثاني قوة اقتصادية في العالم، اليابان.

هذا وفي الحين الذي احتفظ فيه المعدن الأصفر بجزء كبير من مكاسبه، خسر الذهب الأسود الكثير من مكاسب الأمس.

وينسب المحللون تراجع أسعار النفط الذي زاد على الثلاثين دولار أمريكي في غضون ساعات قليلة من حلول الكارثة، لسببين رئيسيّين وهما: احتمال تراجع الطلب عن النفط لريبة المستهلكين في مستقبل الاقتصاد العالمي من جهة، وإعراب معظم بلدان الأوبيك عن التضامن مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.

أما الدولار الذي سجل انخفاضا حادا أمس، فقد بقي على المنحدر اليوم بالمقارنة مع الفرنك السويسري والأويرو على وجه الخصوص. لكن البنوك المركزية الرئيسية في العالم ومن ضمنها البنك الوطني السويسري أعربت عن النية في توفير سيولة نقدية كافية لمساندة الدولار والاقتصاد العالمي.

وحسب أغلبية المحللين في سويسرا والعالم فان المجهودات الدولية المتعددة التي تمت منذ الهجمة الشنيعة على المراكز العصبية في الولايات المتحدة، تخفّف كثيرا من حدة الصدمة الاقتصادية، لكنها ليست كافية لإنعاش الاقتصاد العالمي بسبب تفاقم مسببات التباطؤ في الولايات المتحدة بالذات.

جورج أنضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية