مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استمرار المطالبة بفرض حماية دولية للفلسطينيين

اجتماعات لجنة حقوق الانسان تثير المشاكل الحقيقية لكنها نادرا ما تنجح في حلها Keystone

بعد لجوء الولايات المتحدة يوم الاربعاء الى استعمال حق النقض في مجلس الامن لرفض قرار يدعو الى ارسال قوة دولية من المراقبين الى الاراضي الفلسطينية المحتلة، عاد المتدخلون امام لجنة حقوق الانسان في جنيف الى طرح الموضوع من جديد.

استمرت اجتماعات لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف، وتركزت المداخلات التي اشتركت فيها المفوضة السامية لحقوق الإنسان والمقرر الخاص حول الانتهاكات في الأراضي المحتلة ولجنة التحقيق المنبثقة عن الدورة الخاصة لحقوق الإنسان، على التاكيد على ضرورة فرض حماية دولية للفلسطينيين، فيما جددت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية اعتبار ذلك تحيزا وتسييسا للقضية.




ككل سنة، قدم الخبراء المكلفون بالتحقيق في الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي، تقاريرهم امام لجنة حقوق الانسان.

المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة ماري روبنسن، ذكرت بخلاصة التقرير الذي أعدته بعد زيارتها للمنطقة في شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي، وعبرت عن “قلقها من تصاعد وتيرة العنف الذي يحصد أرواح الأطفال من الطرفين” وتساءلت “متى سيتم وضع حد لهذا الوضع، ومن ستكون لديه الشجاعة الاخلاقية لكسر حلقة العنف؟

وكانت المفوضة السامية أدانت في تقريرها الاستعمال المفرط للقوة ضد الفلسطينيين وأوصت بإرسال مراقبين دوليين لحماية الفلسطينيين، ودعت الى وقف بناء المستوطنات اليهودية الجديدة وتفكيك ما يوجد منها داخل المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية.

اما اليوم، فترى السيدة ماري روبنسن “أن تطبيق هذه التوصيات، قد أصبح ملحا اكثرمن أي وقت مضى”.

من جهته تطرق المقرر الخاص حول أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، السيد جورجيو جياكوميليي في كلمة ادلى بها أمام دورة حقوق الإنسان، مساء يوم الاربعاء، الى ضرورة حماية الفلسطينيين”. واعلن عن قراره عدم الاستمرار في مهمته، موصيا بالمناسبة بضرورة تغيير المقررين الخاصين، تجنبا لانحيازهم الى جانب على حساب آخر مع مرور الوقت.

اما لجنة التحقيق التي انبثقت عن الدورة الخاصة التي عقدتها لجنة حقوق الإنسان الخريف الماضي والتي اوكلت لها مهمة التحقيق في الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ بداية الانتفاضة الجديدة، فقد أوصت بدورها بضرورة إرسال مراقبين دوليين لمعاينة احترام حقوق الإنسان.

وطالبت من جهة ثانية بضرورة عقد المؤتمر الدولي للبلدان الموقعة على معاهدات جنيف الدولية، للنظر في تطبيق المعاهدة الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في الأراضي التي تحتلها اسرائيل.

تزامن صدور توصيات لجنة التحقيق أمام الدورة السابعة والخمسين للجنة حقوق الإنسان في جنيف، مع لجوء الولايات المتحدة الى استعمال حق النقض أمام مجلس الأمن الدولي للاعتراض على إرسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية، دفع أعضاء اللجنة الى التعبير عن استيائهم من الموقف الأمريكي.

رئيس اللجنة جون دوجارد، وهو من جنوب افريقيا، أوضح “بأنه في غياب صدور قرار عن مجلس الأمن، فإن المجموعة الدولية مطالبة بإقناع إسرائيل بالقبول بتواجد دولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، على حد تعبيره.

ووصف السيد دوجارد، في ندوة صحفية عقدها اثر عرض التقرير امام اللجنة، امتناع بعض الدول الأوربية العضوة في مجلس الأمن الدولي عن التصويت لصالح قرار إرسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية، بأنه “إخفاق مؤسف يعكس مدى عدم قدرة الأوربيين على التعبير عن موقف مستقل عن الموقف الامريكي”.

عضو آخر في لجنة التحقيق السيد ريتشارد فولك أستاذ القانون الأمريكي، وصف من جهته عمليات الاغتيال خارج نطاق القانون التي يتعرض لها الفلسطينيون، “بالانتهاك الخطير لمعاهدة جنيف الرابعة والصريح لحقوق الإنسان”.

العضو الثالث في لجنة التحقيق، السيد كمال حسين وزير خارجية بنغلادش السابق، علق على لجوء واشنطن الى استعمال حق النقض مرة اخرى في مجلس الامن، بألاشارة الى “ان هناك محافل دولية لا يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم فيها حق الفيتو، مثل المؤتمر الدولي للبلدان الأعضاء في معاهدات جنيف الذي قد يعقد لمناقشة تطبيق المعاهدة الرابعة في الأراضي المحتلة”.

التفاصيل والتوصيات التي جاءت في التقارير المختلفة التي عرضت امام لجنة حقوق الانسان بخصوص الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، حظيت بطبيعة الحال بموافقة الممثل الفلسطيني السيد نبيل الرملاوي وعدد من ممثلي الدول العربية، لكنها اثارت رفض وانتقاد الجانب الاسرائيلي.

السفير الاسرائيلي جاكوب ليفي، عبر عن “أسف وفد بلاده لان تقرير لجنة التحقيق اشتمل على نقاط بعيدة عن الواقع”، حسب تعبيره. وقال “آن إسرائيل تعامل داخل اللجنة بصورة غير متزنة، لأن التقرير لم يتطرق ولو مرة واحدة للعنف الفلسطيني، على حد قوله.

اما سفير الولايات المتحدة الأمريكية، جورج مووس، فقد عبر عن اسفه لعدم اتخاذ تقارير اللجنة من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن وضع حقوق الإنسان في المنطقة، مثالا تحتذي به لانه “يعكس تقييما موضوعيا لوضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة” حسب قوله.

وهكذا تظل اوضاع حقوق الانسان في هذه المنطقة المضطربة من العالم، محل جدل يتكرر كل عام بنفس الصيغة تقريبا بين وقائع لا ترد وخطب تحاول اخفاء ما لا يمكن اخفاؤه، ولكن بدون اتخاذ أي قرار يخفف من معاناة مئات الالاف من البشر.


محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية