مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

افتتاح أول فندق للنساء في سويسرا

حمام تركى فى الطابق الرابع من فندق "ألنساء أولا" Keystone

سابقة بحق. لأول مرة في التاريخ السويسري، تم في التاسع والعشرين من شهر يناير الماضي فى زوريخ، إفتتاح اول فندق للنساء فقط. فندق Lady’s First أو "النساء أولا" أستقطب بالتأكيد اهتمام وكالات الأنباء بسبب طابعه النسائي البحت؛ لكن ذلك الاهتمام كان مبعثه أيضا موقع الفندق في سويسرا، قلب أوروبا.

لو أن هذا الحدث تم في بلدٍ عربي أو مسلم، لفسرته وكالات الأنباء في إطار الأوضاع “الصعبة” التي تعانى منها المرأة في تلك المجتمعات، واعتبرته دليلا جديدا على ظروف التمييز والتحيز القائمة ضدها هناك. لكن الفندق، ويا للغرابة، تم إنشاؤه في سويسرا، التي، رغم تاريخها المعروف وغير المشرف تجاه تصويت المرأة، تعتبر نفسها من الدول المدافعة عن حقوقِ المرأة والساعية لتهيئة فرص المساواة لها في المجتمع. فمالداعي إذن إلى إنشاء فندق يقتصر على النساء فقط في مجتمع يدعو إلى الاختلاط ولايجد أية غضاضة فيه؟

ترد يائيل شنايدر، مدير فندق Lady’s First “النساء أولا”، في حديث لسويس إنفو، بإن إنشاء الفندق جاء تلبية لحاجةٍ ملحة، غير متوافرة فى قطاع الفنادق، لنساء الاعمال ممن يضطررن نتيجة لظروف عملهن للانتقال والسفر. فالحادث هو أن هؤلاء النساء عادة ما يتعرضن لمواقف وأوضاع “غير سارة” في الفنادق العادية خاصة عند إقامتهن بمفردهن في الفندق.

يائيل شنايدر تعرضت شخصيا لتجربة مماثلة. فقد حدث مرة أن نزلت في فندق عادى بعد رحلة عملٍ شاقة. وبعد فترة، قررت أن تقضى أمسية هادئة بمفردها في قاعة الاستراحة. لكنها ما أن دخلت هناك حتى أدركت أن الرجال المتواجدين ظنوا أن تواجدها وحدها دعوةً لهم للتطفل عليها ومحادثتها. مثل هذه المواقف “غير المريحة”، تقول شنايدر، تدفع نساء الأعمال دفعا إلى تجنب استخدام الاماكن العامة فى الفنادق العادية بل وتجبرهن فى أحايين كثيرة على البقاء فى غرفهن تفاديا لازعاج الرجال. ومن هنا انبثقت فكرة إنشاء فندق النساء، حيث قررت مجموعة من نساء الأعمال في زوريخ ممن تعرضن لمثل هذه المواقف اتخاذ عملٍ حاسم، وتَمكنّ بعد جهد استغرق سنوات عديدة من تأمين التمويل اللازم لإنشاء فندق Lady’s First “النساء أولا”.

يوفر الفندق لنساء الأعمال المسافرات، كما توضح شنايدر، بديلا عن الفنادق العامة. إذ يتيح لها المجال للإقامة الآمنة والمريحة بين النساء وبعيدا عن المضايقات في مكان ُخصص لتلبية احتياجاتها. فعدا عن اقتصار نزلاء الفندق على النساء وعدم السماح للرجال بالتواجد فيه، تستطرد شنايدر، تتوفر للمرأة إمكانية إستخدام فعاليات منطقة للاستجمام والراحة. والاهم، هو أن هذا الفندق يوفر خدمة اجتماعية حيوية. فمؤسسات الفندق اتخذن منه وسيلة لتوفير الوظائف للنساء من العاطلات عن العمل، وتم بالفعل تعيين 12 امرأة، ممن عانين لسنوات طويلة من البطالة.

رغم ذلك، فإن الوضع القانوني للفندق قد يثير علامة استفهام. فقرار إنشائه ينص صراحة على حظر إقامة الرجال فيه. من الطبيعي التساؤل إذن، ألا يعتبر هذا المنع تمييزا ضد الرجال؟
كلا. تصر شنايدر. فهناك بدائل أخرى متاحة في قطاع الفنادق للمرأة التي لا ترغب في الإقامة في فندق Lady’s First” النساء أولا”. كما أن هناك فنادق مختلطة عديدة موجودة في نفس المنطقة. ومن الناحية القانونية لا يخرق الفندق في لوائحه أي قانون سويسري . فالمشرع السويسري وضع نصوصا واضحة ضد العنصرية لكنه لم يفعل الشيء ذاته عند تعامله مع التمييز ضد النوع.
وإذا كانت لوائح الفندق تشدد على حظر إقامة الرجال، فإن هذا لا يعنى، كما تقول شنايدر، منع دخوله إلى الفندق جملة وتفصيلا. فبمقدوره انتظار إحدى نزيلات الفندق في الردهة، أو مرافقتها إلى قاعة الاستراحة. وماذا لو تنكر رجل في زي امرأة وسعى للإقامة في الفندق؟ ترد شنايدر ضاحكة: دعيه يحاول، وسيرى!!

إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية