مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الائتلاف يحمل علاوي والأكراد مسؤولية التأخير

من اليمين، السادة إياد علاوي وغازي الياور وعبد العزيز الحكيم أثناء الإجتماع الثاني للجمعية الوطنية العراقية يوم 29 مارس 2005 في بغداد swissinfo.ch

عشية انعقاد الجلسة الثالثة للجمعية الوطنية، تتزايد مشاعر الاحباط في الشارع العراقي بسبب خلافات الفرقاء السياسيين حول التعيينات وتقاسم الوزارات والصلاحيات وغيرها.

وفيما يلوح الائتلاف العراقي الموحد بفتح ملف الفساد، حذر بعض قيادييه من تعيينات جديدة قبل تشكيل الحكومة، وحملوا علاوي والأكراد مسؤولية التأخير.

أكثر من شهرين مضت على أول انتخابات شهدها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين في مارس/آذار من عام 2003، والخلافات ماتزال تعصف بالنخب السياسية حول انتخاب رئيس للجمعية الوطنية ونائبيه، قبل حسم اختيار هيئة الرئاسة (الرئيس ونائبان) ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة.

لقد نجح الأكراد في وضع العصي في عجلة العملية السياسية مستفيدين من الوضع الراهن للضغط باتجاه تكريس “الانفصال” عمليا والحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية.

ويمكن القول أيضا أن رئيس الحكومة الانتقالية أياد علاوي هو ايضا من المستفيدين لتأكيد أنه وحده القادر على اخراج العراق من أزمته الراهنة ملوحا حينا ومصرحا في أحيان كثيرة بأنه الوحيد الذي يملك التجربة وأنه هو من خبر التجربة الديمقراطية بمقاسها الغربي، ومحذرا في الوقت نفسه من حكومة اسلامية على غرار الجمهورية الاسلامية في ايران، ومن تأثير الأخيرة على مايجري في العراق، ومن سطوة المرجع الديني الأعلى آية الله علي السيستاني، وقدرته على تحريك الشارع (الشيعي) لصالح قائمة الائتلاف التي تعاني من التصدع رغم نجاحها في استقطاب هذا الشارع ومن الحصول على 140 مقعدا من اصل 275 في الانتخابات الأخيرة.

رفض للجبوري

وكانت الجمعية الوطنية عقدت اجتماعين منذ انتخاب أعضائها أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، وفشلت في اختيار رئيس لها ونائبيه، ما أدى إلى تزايد مشاعر الاحباط في الشارع العراقي الذي أخذ يرفع صوته منتقدا بشدة، كافة القوى السياسية المتعاونة مع الأمريكيين، في مشروع اسقاط النظام السابق.

ويعد اختيار رئيس الجمعية، الخطوة التمهيدية الأولى للعملية السياسية التي ستنتهي بإعلان الحكومة الجديدة والتي لن تتجاوز صلاحياتها مهمة تصلايف الأعمال، والاعداد لكتابة دستور دائم للبلاد لن يخرج عن دائرة مارسمه الحاكم المدني السابق بول بريمر فيما أصبح يُعرف بقانون إدارة الدولة.

ولاحظ عارفون بدهاليز العملية السياسية في العراق التي تجري على مرآى ومسمع، من السفير المنتهية سفارته(جون نغروبونتي)، أن السنة الذين قاطعوا الانتخابات ومن شارك فيها، عازمون على تنظيم اصطفافاتهم وسط شعور بالأسى من فقدانهم المرجعية الدينية والسياسية التي توحد صفوفهم.

وأشاروا إلى أنهم لجؤوا في خطوة مثيرة الى عقد اجتماع موسع (مساء الأربعاء 30 مارس) حضرته كافة الاحزاب والشخصيات السنية العراقية، وممثلون عن (المقاومة)، واختاروا النائب مشعان الجبوري المقرب من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، ليكون مرشحا لتسلم رئاسة الجمعية الوطنية الانتقالية، الامر الذي سارع الى رفضه مسؤولون في قائمة الائتلاف العراقي الموحد (الشيعية). وقد أكد النائب الجبوري رئيس “كتلة المصالحة والتحرير” التي حصلت على مقعد واحد، أن ترشيحه هو “خيار العرب السنة”.

وقد حضر الاجتماع (وهو ليس الأول من نوعه بعد انتخابات 30 يناير) ممثلون عن 30 حزبا وجماعة بمشاركة رئيس الحزب الاسلامي العراقي محسن عبد الحميد ورئيس الوقف السني عدنان الدليمي وعدنان الباجه جي (رئيس تجمع المستقلين الديموقراطيين) والشريف علي زعيم الحركة الملكية الدستورية، وحزب البعث والمقاومة والسلفيين والصوفيين ومعظم القوى السنية.

وحصل في التصويت الذي جرى بينه وبين عدنان الجنابي، على 29 صوتا من مجموع 30 صوتا وامتنع واحد عن التصويت، وتم تكليف الباجه جي بنقل القرار إلى قائمة الائتلاف الموحد.

ويتهم الائتلاف، مشعان الجبوري بدعم ما يسمونها بعمليات ارهابية، وقد بثت قناة “العراقية” شبه الحكومية، والتي يسيطر عليها نافذون من الشيعة، اعترافات لمتورط بأعمال ارهابية قال فيها إن مشعان الجبوري (الذي كان مقيما في دمشق) سهل هروبه الى سوريا والاتصال بالمخابرات هناك لتمويل عمليات استهدفت مدنيين وعناصر من الشرطة العراقية.

وقال جواد المالكي النائب في الجمعية الوطنية من حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه ابراهيم الجعفري إن “هذا الاسم(مشعان الجبوري) مرفوض بشكل مطلق ونحن ابلغناهم برفضنا هذا”. واضاف “هم (السنة) رشحوا هذا الاسم ولهم الخيار ان يرشحوا ما يشاؤون من الاسماء لكننا في الواقع لا نوافق على هذا الترشيح”. واوضح المالكي ان “موقع الرئاسة اكبر بكثير من ان يتولاه شخص لا يحظي بالموافقات المطلوبة”.

ويعتقد مقربون من الجعفري المرشح الأوفر حظا لتولي منصب رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة، أن ترشيح مشعان الجبوري، يأتي ليؤخر في اجراءات تشكيل الحكومة، ولاظهار الائتلاف ،بمظهر العاجز الضعيف، رغم حصوله على الأغلبية النسبية من مقاعد الجمعية الوطنية.

من جهة أخرى علم من مصادر في بغداد أن الائتلاف قد يلجأ الى تسمية فواز الجربا(السني) من أعضائه لرئاسة الجمعية، إذا لم يحسم السنة خيارهم وينجحوا في تقديم مرشح “مقبول”.

في المقابل، يفضل الاكراد ان يتولى الرئيس المنتهية ولايته غازي الياور او حاجم الحسني وزير الصناعة المنتهية ولايته منصب رئيس الجمعية الوطنية في حين يفضل كل منهما تولي مسؤولية اخرى غير هذا المنصب لأنهما يعلمان أن وظيفة رئيس الجمعية لاتخرج عن كونها لادارة الاجتماعات ليس الا..

وقال مصدر لسويس إنفو: “إن الياور يأمل في تولي منصب نائب الرئيس الجمهورية على تولي منصب رئيس الجمعية الوطنية” وربما تبدو حياراته محدودة مقابل الباجه جي.

الفجوة تتعمق

في هذه الأثناء تستمر الضغوط الامريكية على الائتلاف لسحب ترشيح الجعفري لصالح علاوي، الذي حصل على عروض متعددة للمشاركة في الحكومة المقبلة فرفضها وأكد أنه سيصطف في خانة المعارضة،إذا خسر خيار إعادة تشكيل الحكومة المقبلة.

ولم تفلح ثلاث اجتماعات مشتركة عقدها الائنلاف والقائمة الكردستانية،مع (العراقية) في التوصل الى اتفاق نهائي يحسم الخلافات قبل الاعلان عن تشكيل الحكومة.

وقد عقدت الاجتماعات الثلاث في 16 و17 و29 من شهر مارس/آذار وتتهم القائمة العراقية بالعمل على إطالة امد المفاوضات وتقديم شروط تعجيزية، تضاف الى تلك التي قدمها الأكراد، لأن المستفيد الأول من الوضع الراهن بغياب حكومة جديدة، هو اياد علاوي المستمر في تصريف أعمال حكومته المؤقتة، وفي تعيين من يريد في مواقع احساسة ومفصلية خصوصا في وزارات النفط والدفاع و الداخلية وعموم الأجهزة الأمنية.

وتشكل هذه النقطة من أهم نقاط الاختلاف التي تعرقل الاعلان عن تشكيل الحكومة، بعد تأجيل الحسم لمسألتي البيشمركة(المقاتلون الأكراد) وكركوك، الى مابعد كتابة الدستور.

كذلك فان تسمية رئيس للجمعية الوطنية، وصلاحيات نائب رئيس الوزراء (بالطول أم بالعرض)، وانتخاب مرشحي السنة لمناصب وزارية من خارج أو داخل الجمعية الوطنية، والخلاف حول وزارات النفط والداخلية والدفاع والمالية، واجتثاث البعث.

وكشفت شخصيات رفيعة داخل الائتلاف أنه عازم الى رفض التعيينات التي حصلت بعد الانتخابات، وعلى فتح ملف الفساد المالي والاداري والسياسي والامني على مصراعيه خاصة مايتعلق الأمر بعودة 997 من أعضاء حزب البعث المنحل الى وزارة الداخليةٍ،وكشف صفقات خطيرة في النفط والنقل وغيرها لصالح بعض الدول الاقليمية.

اتفاق الآلية لحل الحكومة المقبلة

تصر(العراقية) أيضا على أن يشركها الائتلاف في اتفاق تم التوصل بعد الحاح شديد من الأكراد، و ينص على أن تستقيل الحكومة الجديدة إذا أُخل بالاتفاق لأي سبب او هكذا يرى الأكراد،على أن يتم تشكيل حكومة جديدة في غضون شهر، وهذا ما يعتبره مراقبون قنبلة موقوتة من شانها تعطيل العملية السياسية وربما تفجيرها في المرحلة المقبلة.

ويُنظر الى اصرار قائمة علاوي على المشاركة في هذه (الآلية) الخطيرة، بل والى دخول القائمة على خط المفاوضات بين الائتلاف والأكراد،بعد رفض علاوي الصريح الا الترشح لمنصب رئيس الوزراء، على أنها الرغبة في عرقلة حسم الخلافات لتشكيل الحكومة.

ويقول مطلعون إن الرد المكتوب الذي تضمن 10 شروط وقد قدمته قائمة علاوي(يوم 29 مارس)، بعد طول انتظار، على عرض الائتلاف للمشاركة في الحكومة المقبلة، ينطوي على مطالب همها الوحيد اللعب طويلا خارج الوقت الأضافي،لاحراج الائتلاف والمراهنة ايضا على حدوث انشقاقات داخله تضعفه، وربما تطيح به.

أما اجتثاث البعث الذي مايزال مثبتا في قانون إدارة الدولة،يظل مدار بحث وسجال في المناقشات حول تشكيل الحكومة الجديدة، لأن الحكومة المؤقتة برئاسة علاوي، تُتهمُ على نطاق واسع من قبل القائمين على الائتلاف، بأنها وراء الاضطراب الأمني، والاغتيالات الواسعة التي راح ضحيتها مسؤولون في العهد الجديد، وأكثر من 1400 من عناصر الشرطة والجيش، ناهيك عن المدنيين.

الائتلاف يرى أن نمو الأجهزة الأمنية منذ الثلاثين من يونيو/حزيران موعد تكيل الحكومة المؤقتة، تم على أسس مناطقية وحزبية، وحتى طائفية، والاعتماد بشكل واسع على أكثر من 70% من عناصر النظام السابق في بنائها خصوصا المخابرات ومعظم الادارات المفصلية في وزارة الداخلية.

وقد رفض علاوي الا الاستمرار في هذه السياسة في الحكومة المقبلة وهو يبرر الاستعانة بهؤلاء المندسين بأنهم(الموجود) ويرى ضرورة مواصلة نهجه، وإدامة زخم الأجهزة الأمنية الحالية والبناء عليها كواحدة من شروطه العشرة للتنازل، وبالتالي السماح بتشكيل الحكومة الانتقالية التي ستكون معرضة للانحلال والاستقالة في أي وقت تشاءه القائمة الكردستانية، و”العراقية” إذا سمح لها بالانضمام لاتفاق (الآلية) الخطير.

وعموما قالت مصادر إن ما يقرب من 80 في المائة من المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة تم الإتفاق عليها بين التحالفات السياسية الفائزة في الانتخابات الأخيرة.

وشهدت الفترة الماضية مشاورات سياسية موسعة بين الإئتلافات السياسية الرئيسية، ولاسيما الشيعة والأكراد، للتوصل إلى صيغة تضمن الأغلبية المطلوبة للحكومة الجديدة. والمرشح الأول لرئاسة الحكومة الجديدة هو إبراهيم الجعفري، رئيس حزب الدعوة الإسلامية ونائب رئيس البلاد المؤقت، وينتمي للتيار الشيعي.

ورغم أن جميع القوى السياسية ترفض (في العلن) مبدأ المحاصصة، الا أن مايجري على الأرض يكرس بشكل عملي لطائفية تمهد لتقطيع اوصال العراق الموحد،إذ تم الاتفاق على أن يتولى رئاسة العراق كردي سني مع نائبين : سني عربي وشيعي، وترشيح سنّي عربي لرئاسة الجمعية الوطنية الانتقالية ويتم اختيار نائبين له بنفس الطريقة ، في محاولة لتوسيع المشاركة السنّية في الحكومة الانتقالية الجديدة.

ويتساءل تيار عريض من العراقيين : لماذا الانتخابات إذا كان كل شيء يتم على أساس مبدأ المحاصصة، والتوافقات المسبقة؟.

وقد حصل الائتلاف العراقي الموحد، التكتل السياسي الشيعي الفائز بالأغلبية في الانتخابات، على 140 صوتا. واحتل التحالف الكردي المركز الثاني بـ 75 صوتا. وجاءت لائحة رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي في المركز الثالث وحصدت 40 مقعدا في الجمعية الوطنية. ويلزم للتحالف السياسي الذي سيشكل الحكومة العراقية الجديدة الحصول على ثلثي أصوات الجمعية الوطنية.

إحباط وخيبة أمل

ورغم ذلك قالت مصادر من الجمعية إن ما يقرب من 80 في المائة من المناصب الوزارية بالحكومة الجديدة تم الإتفاق عليها بين التحالفات السياسية الفائزة في الانتخابات الأخيرة.

وكانت الفترة الماضية قد شهدت مشاورات سياسية موسعة بين الإئتلافات السياسية الرئيسية، ولاسيما الشيعة والأكراد، للتوصل إلى صيغة تضمن الأغلبية المطلوبة للحكومة الجديدة. والمرشح الأول لرئاسة الحكومة الجديدة هو إبراهيم الجعفري، رئيس حزب الدعوة الإسلامية ونائب رئيس البلاد المؤقت، وينتمي للتيار الشيعي.

وكان مسؤولون في التحالفين قد أعربا علنا عن رغبتهم بترشيح سنّي عربي لرئاسة الجمعية الوطنية الانتقالية، في محاولة لتوسيع المشاركة السنّية في الحكومة الانتقالية الجديدة.

ويحتاج التحالف السياسي الذي سيشكل الحكومة العراقية الجديدة للحصول على ثلثي أصوات الجمعية الوطنية لدى التصويت بمنح الثقة.

هذا وسادت مشاعر الإحباط وخيبة الأمل أوساط العراقيين بمختلف شرائحهم واتجاهاتهم إزاء السجال المستمر حول تشكيل الحكومة ،وقال عدد كبير من المواطنين إنهم لن يسكتوا على هذه المهزلة بعد انتظار أكثر من عامين على قارعة الوعود بتطبيق الديمقراطية في بلادهم.

يشار الى ان الاجتماع الثالث للجمعية الوطنية يعقد الاحد 3 أبريل لاختيار رئيس ونائبين للرئيس، وقد وصُف بـ “الحاسم” لإنهاء أمر هيئة رئاسة الجمعية.

وفيما طرد الاعلاميون من الاجتماع الثاني الأخير، هدد عدد من الأعضاء بمقاطعة الجلسات في حالة فرض أمر واقع على الأعضاء. ويرى مراقبون أن طرد ممثلي وسائل الإعلام ُمن متابعة أعمال الجلسة الثانية للجمعية الوطنية كان محاولة لإخفاء ما يجري عن أنظار المواطنين في وقتٍ تتعمق فيه الفجوة بين أعضاء الجمعية والشارع العراقي بسبب التأخير في تشكيل الحكومة.

نجاح محمد علي – دبي

حصل الائتلاف العراقي الموحد، التكتل السياسي الشيعي الفائز بالأغلبية في الانتخابات، على 140 صوتا.
احتل التحالف الكردي المركز الثاني بـ 75 صوتا.
جاءت لائحة رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي في المركز الثالث وحصدت 40 مقعدا في الجمعية الوطنية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية