مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

البحرين وإيران: “ألعاب” كبرى؟

اتفاقيات أمنية أثارت الاهتمام خلال الزيارة الأولى لملك البحرين إلى إيران! Keystone

أعلنت إيران والبحرين معارضتهما لأي عمل عسكري أحادي الجانب ضد العراق. جاء ذلك في ختام زيارة تاريخية قام بها نهاية الأسبوع الماضي إلى إيران ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.

لكن هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ قيام الثورة الإيرانية العديد من التساؤلات حول الدور الذي قد تتحمله طهران والمنامة، إذا ما نجحت واشنطن في إسقاط نظام الرئيس العراقي.

علامات استفهام وتعجب عديدة ارتسمت حول الزيارة التي قام بها ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة إلى إيران، والتي اختتمها يوم الاثنين.

وهي علامات تمحورت حول التوقيت والتهديف:

·لماذا تمت الزيارة، وهي الأولي لعاهل بحريني منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، في هذا الوقت بالذات. وما علاقتها باحتمال نشوب ثالث حرب كبرى في منطقة الخليج خلال أقل من ثلاثة عقود (بمعدل حرب كل عشر سنوات)؟

· هل تضمن جدول أعمال المحادثات، بنودا سرية غير تلك التي أعلن عنها وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي، وقال إنها شملت القضايا الإقليمية، بما في ذلك احتمالات الحرب مع العراق، والنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والعلاقات الثنائية؟

قبل محاولة الإجابة على هذين السؤالين، يجب القول، أولا أن العلاقات بين البلدين شهدت بالفعل تحسّنا ملموسا منذ عام 1997، وذلك بعد سنوات من التوتر مرتفع الوتيرة الذي تُـوّج عام 1996 باتهام البحرين لإيران بتنظيم محاولة انقلاب بواسطة شيعة البحرين.

وجاء هذا التحسن بفعل وصول محمد خاتمي إلى سدّة الرئاسة الإيرانية في أغسطس عام 1997 حاملا معه مشروعا للانفتاح على كل دول الخليج، وأيضا كنتيجة للانفتاح السياسي الذي بدأه الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة على شيعة البحرين الذين يشكلون غالبية السكان، بعد أن تولى السلطة إثر وفاة والده عام 1999.

ومن المقرر أن تجري في البحرين في أكتوبر المقبل أول انتخابات تشريعية في البلاد منذ عام 1973، يُنتظر أن تكرّس مشاركة الشيعة في السلطة الحكومية وإدارات الدولة الأخرى

وبالتالي، لو أن زيارة الشيخ حمد إلى طهران تمت في غير الظروف الإقليمية – الدولية الراهنة المشحونة بكل ألوان التوتر، لكانت محصلة لتطبيع ملموس في العلاقات بين البلدين. لكن الصورة ليست على هذا النحو. لماذا؟

كواليس.. كواليس

هنا تدخل على الخط سيناريوهات يتم تداولها على نطاق واسع في بعض العواصم العربية والغربية، مفادها أن ثمة محادثات سرية مكثفة هذه الأيام بين الإيرانيين والأمريكيين لاستطلاع آفاق التعاون المشترك بينهم في حقبة ما بعد صدام حسين

وكان كل من زاواي خليل زاد، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون أفغانستان، وريتشارد ارميتاج، نائب وزير الخارجية الأمريكي، أكدا في الآونة الأخيرة وجود محادثات من هذا النوع وألمحا إلى أن المسألة تتعلق بمقايضاتٍ ما، في كل من العراق وأفغانستان و”غيرهما”.

وقد توقّـف المحللون مليّا أمام تعبير “وغيرهما” ليتساءلوا: ماذا في الميزان خارج الجعبة الأفغانية والعراقية؟

هنا يدخل مركز الدراسات الاستراتيجية المتقدمة في واشنطن وتل أبيب على الخط، ليشير إلى وجود تفكير بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على أسس مذهبية – عشائرية جديدة، بداء من العراق ووصولا إلى كل دول منطقتي الخليج والهلال الخصيب.

ويتصّور هذا السيناريو دورا للأردن في تطوير الصيّغ والتحالفات العشائرية في منطقة الهلال الخصيب، انطلاقا من دور الأسرة الهاشمية في العراق. كما يتصور دورا آخر لدول عربية أخرى في تطوير الصيّغ المذهبية في منطقة الخليج

ولا يستبعد بعض المحليين، أن تمتدّ مرحلة ما بعد إسقاط صدام إلى إعادة رسم الخريطة المذهبية في الخليج، ويثيرون مسألة تعرض المملكة العربية السعودية إلى التقسيم على أساس طائفي يؤدي إلى فصل المنطقة الشرقية، التي تضم أغلبية سكانية شيعية.

ومثل هذا السيناريو، يعني فصل النفط المتواجد أساسا في المنطقة الشرقية من نفوذ السعوديين ووضعه تحت السيطرة المباشرة للأسطول الخامس الأمريكي الذي تتمركز قيادته في مملكة البحرين.

ومن شأن هذه الصيغة أن تُرضي، برأي المحللين، إيران التي ستجد في الاعتراف بدور شيعة السعودية ونفوذهم على هذا النحو، إضافة إلى دور ونفوذ شيعة جنوب العراق، جوائز الترضية التي تبحث عنها مقابل انغماسها (وإن بصمت) في الخطط الأمريكية لإطاحة صدام.

لكن، ألا يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفة المكاسب الجيو- إستراتيجية لإيران في منطقة الخليج، مما يشكل، بالتالي، تهديدا للمصالح الأمريكية؟

هنا يسّجل المحللون ملاحظتين:

الأولى، أنه سيكون في وسع الولايات المتحدة وحلفائها العرب اللعب دوما على الشرخ القومي التاريخي بين الشيعة العرب والشيعة الإيرانيين. وهذا الشرخ القومي يكمن أن يتضخم إذا ما باتت المكاسب الاقتصادية للشيعة العربية في النظام الإقليمي الجديد، مُغرية بما فيه الكفاية لحملهم على إدارة الظهر لطهران

والثانية، أن شيعة المنطقة الشرقية والبحرين والعراق، سيكونون، على أي حال، تحت الإشراف المباشر للقوات الأمريكية – العربية المتحالفة، التي ستشكل حاجز فصل أمني بينهم وبين إيران الشيعية.

أي معاهدات؟

هل كل هذه السيناريوهات، التي لا تزال حتى الآن مجرد تكهنات، واردة حقا؟ فلنقل على الأقل، أنها ليست مستبعدة.
وفي هذا الإطار، سيكون من المثير للغاية معرفة طبيعة المحادثات غير العلنية التي جرت بين الملك حمد بن عيسى آل خليفة ومرشد الثورة الإيراني أية الله علي خامنئي.

لقد أشار الطرفان إلى انهما اتفقا على إبرام “معاهدة أمنية” بينهما، بدون توضيح طبيعة هذه المعاهدة التي أبرمت برغم أن إيران ترفض بشدة وجود القوات الأمريكية في البحرين وفي باقي منطقة الخليج.

فهل هذه المعاهدة أول غيث معاهدات أخرى قد تتم في إطار “لعبة الأمم” الراهنة في الشرق الأوسط؟

سعد محيو- بيروت

يتداول المحلّلون تصوّرات عديدة لما تُعدّ له الولايات المتحدة في العراق ومنطقة الشرق الأوسط والخليج عموما، إذا ما نجحت واشنطن في إسقاط النظام العراقي. وإذا كانت طهران تعارض علنا أي تدخل أمريكي في العراق وفي المنطقة، فإنها تتابع عن كثب ما تُروّج له بعض الأوساط الأمريكية والإقليمية بشأن إعادة رسم خارطة المنطقة، ليس فقط على أسس جغرافية وسياسية، بل أيضا على أسس مذهبية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية