The Swiss voice in the world since 1935

التخييم في دبي وسط ناطحات السحاب

afp_tickers

قبالة ناطحات السحاب البراقة في دبي، ينصب سكان من الإمارة الخليجية الغنية خيامهم على طول رمال شاطئ جميرا للاستمتاع بتجربة التخييم التي يقولون إنها تذكّرهم بتقليد متجذّر في أصولهم البدوية.

المكان مزيج من البساطة والحداثة، رُكنت فيه عشرات المقطورات (كرافانات) في الهواء الطلق قرب شاطئ في منطقة جميرا، ويبدو في الخلفية برج خليفة الأعلى في العالم متوسطا المباني الشاهقة للمدينة.

ويشكّل المشهد تناقضا مع لصورة دبي المرتبطة بالترف والرفاهية والاستهلاك.

ويقول الإماراتي خالد القيسي البالغ من العمر 38 عاما إنه يُقدّر رفاهية العيش ووفرة الخدمات التي يحظى بها، والتي تضمنها العمالة الأجنبية التي تُستقدَم بشكل أساسي من بلدان آسيوية، في دبي.

لكنه يضيف “في بعض الأحيان تكون الأشياء البسيطة هي كل ما نحتاجه”. ويضرب مثالا على ذلك متعة “إعداد كوب الشاي الخاص بك بنفسك”، مشدّدا على رغبته في الإحساس ب”البساطة والتواضع”.

يبسط البعض السجاد والوسائد فوق الرمال متظللين بالخيام لتشكيل ما يُعرف بـ”المجلس” وهو مكان استقبال تقليدي في العادات الاجتماعية لسكان منطقة الخليج، بينما يكتفي آخرون بالجلوس على كراسي تخييم بسيطة.

وكانت الإمارات العربية المتحدة، مثل العديد من دول شبه الجزيرة العربية، عبارة عن صحراء واسعة في غالبيتها، قبل اكتشاف النفط في ستينات القرن الماضي.

– “إنك في النعيم” –

وكانت دبي، التي تُعدّ أقلّ حظّا من جيرانها من ناحية الثروة النفطية، من أولى مُدن المنطقة التي تمكّنت من تنويع أنشطتها لتصبح مدينة حديثة للغاية والوجهة المفضلة لملايين الزوار سنويا، بفضل مشاريع ضخمة عدة. كما يتدفّق على الإمارة الشهيرة عالميا عدد كبير من الوافدين الذين باتوا يشكّلون ما يقرب من 90 في المئة من السكان.

لكن يحبّ الكثير من الإماراتيين ثقافة التخييم القادمة من أصولهم البدوية، رغم التحوّل المتسارع في نمط حياتهم، وذلك عندما تسمح درجات الحرارة بتجنّب مراكز التسوّق المكيّفة والتي تكون غالبا الوجهة الوحيدة للترفيه.

ويقول الأميركي-الفلسطيني من أم إماراتية وسام حمد اسكندراني البالغ من العمر 33 عاما، بينما كان يشاهد مباراة كرة قدم عبر شاشة تلفزيون تحت النجوم وأمام برج خليفة المضاء ليلا، “الفكرة تأتي من أجدادنا وأسلافنا، فهم كانوا يعيشون في الصحراء فنقلوا لنا هذه التقاليد ونحن بدورنا نحبها”.

واعتاد الشاب وسام على التخييم في وسط الصحراء في عطلات نهاية الأسبوع خلال فصل الشتاء، لكن منذ أن عثر على هذا المكان قبل شهر، صار يلتقي أصدقاءه هناك بعد انتهاء عمله في منطقة مركز دبي المالي العالمي والتي تبعد دقائق قليلة عن موقع التخييم. ويقول “لديك المدينة وأمامك البحر وتستمتع بهذا المنظر (…) إنك في النعيم”.

– “من الخيال” –

لكن هذا المخيم الحديث، وإن كان يستقي فكرته من التقليد، إلا أنه يحتاج الى قدرات مالية للتجهيز.

وجاء أحمد راشد آل علي من إمارة رأس الخيمة المجاورة الى دبي للتخييم مع أصدقائه، مشيرا الى أنه أصبح يحبّ التنقّل بين مدن مختلفة في الإمارات والمنطقة منذ أن اشترى مقطورة قبل ثلاث سنوات.

ويوضح أحمد سهولة التنقل التي صارت توفّرها المقطورات المجهزة مقارنة بالتخييم بمفهومه التقليدي قائلا “قبل كانت الخيمة عبارة عن موقع واحد تبقى فيه، لكن الآن بإمكانك التحرك بفضل الكرافان والتخييم تارة في الشاطئ وتارة في الجبل وتارة في الصحراء”.

لكن يعي الجميع أن موقع التخييم هذا قد يكون مؤقتا، فهو يُقام على أرض لا تزال بمنأى عن التوسّع العمراني المكثّف لمدينة دبي، وقد لا يدوم ذلك طويلا.

ويوضح محمّد شماس البالغ من العمر 46 عاما، وهو صاحب مصنع للكرافانات، أن السلطات تتغاضى عما يجري في المنطقة طالما يحافظ المخيّمون على نظافة المكان. ويضيف “لكننا نتوقّع في أي لحظة أن يخبرونا بأن مشروعا سيُبنى هنا ويطلبوا منّا المغادرة”.

ولا يتوانى المخيمون على الشاطئ في مشاركة المكان على الإنترنت ليستمتع آخرون بالتخييم مع إطلالة على برج خليفة. وغالبا ما يدفع نزلاء فنادق دبي كلفة باهظة للحصول على هذا المشهد من غرفهم.

وتروي صوفي أولريخ، وهي ألمانية تبلغ من العمر 34 عاما وتجوب صحارى الخليج مع زوجها على متن سيارة دفع رباعي عدّلاها لتصبح مقطورة للتخييم، أنها “لم تكن تعرف دبي إلا من خلال برامج التلفزيون والمجلات”.

وتضيف “جلسنا نتأمل المنظر، وسيارتنا خلفنا (…) بدا المشهد كأنه من الخيال”.

ساع /مل/ع ش/رض

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية