مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التوقعات الإقتصادية بين الآمال والمخاوف

التصنيع من أجل التصدير هو الهدف الذي تسعى إليه أغلب الشركات السويسرية اعتمادا على الإبتكار والتميز والتقنية المتطورة swissinfo.ch

يترقب السويسريون العام الجديد وما سيحمله معه من جديد على الساحة الاقتصادية، وسط قلق ومخاوف الغالبية من الغلاء والبطالة.

وبينما يميل بعض المحللين إلى إعطاء إشارات إيجابية بأن الحال سيكون أفضل مما هو عليه الآن، يرى آخرون بضرورة استخدام الواقعية عند رسم التكهنات، حتى وإن كانت ليست وردية.

مع بداية كل عام ينصت الرأي العام السويسري إلى توقعات حركة المؤشرات الاقتصادية، وآراء المحللين وتوقعاتهم، ويحاول القراءة بين سطورها لاستشراف المستقبل. ولا تتواني الدوائر الرسمية والخاصة عن رصد كل كبيرة وصغيرة في السوق، من توجهات الاستهلاك إلى معدلات النمو، وحالة البطالة، مرورا بتقلبات البورصة وتحركات رأس المال، لمحاولة رسم صورة ولو تقريبية لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع في العام الجديد.

وتقول آخر توقعات كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية SECO بأن العثرات التي مرت بها السوق السويسرية خلال العام 2005 يمكن تجاوزها في السنة الجديدة، لاسيما مع وجود دفعات قوية في مجال التصدير، مما قد يعمل على رفع نسبة نمو الناتج القومي الخام من 1.3% في عام 2005 إلى 1.7% في العام الجديد، وقد يساعد ذلك في وقف ارتفاع معدلات البطالة أو يفسح المجال لبعض فرص العمل الجديدة، إلا أنه من المتوقع أن نسبة البطالة لن تقل، لان النسب المرتقبة للنمو الإقتصادي ليست أعلى من المعدلات السابقة على أية حال، ولن تتجاوز 2%.

وتتوافق هذه التوقعات مع ما أعلنه مصرف “يو بي اس” UBS، أكبر بنك سويسري، الذي يتوقع أيضا تحسنا في نسبة نمو الناتج القومي الخام مع حلول العام الجديد، وتراجع البطالة بفضل إقامة بطولة أندية أوروبا لكرة القدم في العام 2008 في سويسرا وتتطلب استعدادات كبيرة للغاية ستفتح مجالا كبيرا للعمل في قطاعات مختلفة مثل التشييد والبناء والفندقة والمواصلات والاتصالات، إلى جانب إعلان بعض الدوائر الاقتصادية الأوروبية عن تعديل ايجابي في توقعاتها للعام الجديد، إلا أن المصرف لم يغامر بوضع أرقام محددة أو نسب واضحة.

آفاق جديدة ونجاح يتواصل

في المقابل، يتوقع بعض الخبراء السويسريين أن تزدهر في العام الجديد تجارة تسويق الطاقة البديلة، كأحد المجالات الجديدة التي تشهد حضورا جيدا الآن في الأسواق، فبعد ارتفاع أسعار النفط، وعدم وجود توقعات بعودتها إلى ما كانت عليه، حقق الإقبال على التدفئة بالوسائل التقليدية مثل الأخشاب والغازات الطبيعية والبيولوجية ارتفاعا ملحوظا، وزاد الإقبال على أجهزة نقل الطاقة الحرارية بنسبة 20% خلال العام 2005، مما يعني بأن الإقبال سيكون كبيرا عليها في العام الجديد، ومعها أيضا معالجة النفايات الخشبية التي يتم استخدامها الآن كأحد أنواع الوقود البديل، لاسيما بعدما أكد الخبراء أنها ارخص ثمنا من النفط، وتصدر انبعاثا حراريا جيدا، ويفتح هذا المجال فرص عمل وتسويق في مجالات البناء والترميم والميكنة.

وعلى الرغم من الصراع من أجل البقاء الذي تخوضه شركات الميكنة الثقيلة السويسرية، فإن اتحاد الصناعات التعدينية السويسري SWISSMEM متفائل من العام 2006، ويتوقع أن يشهد نجاحا جيدا لاسيما في المعدات والتقنيات المتميزة التي تنفرد بها الخبرة السويسرية، فإذا كانت مبيعات ABB لمعدات نقل الطاقة مثلا قد تراجعت بنسبة 6.7% أثناء العام 2005، فقد قفزت مبيعات سولتزر للمحركات والماكينات بنسبة 13.2%، ومجموعة بوبست لتقنية الصناعات الورقية بنسبة 21.3% ، وذلك اعتمادا على الابتكار والتجديد في البرامج، وإستراتيجية التعامل مع الأسواق الجديدة لاسيما في شرق أوروبا.

ويعني ذلك بأن التصدير سيظل أحد الدعائم الأساسية في الاقتصاد السويسري، لاسيما مع الإتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة، وستبقى المنتجات الصيدلانية والكيماويات والمعدات التقنية الدقيقة هي المفتاح الرئيس لنجاحها، إلى جانب القطاعات الصناعية الهامة مثل الساعات الثمينة والخدمات المالية والمصرفية التي ستواصل على الأرجح نجاحاتها في العام الجديد.

وللرأي العام مخاوف أخرى

ومع النجاح الذي حققته سوق الأوراق المالية في زيورخ خلال العام 2006، التي ترفعت مؤشراتها بشكل جيد، وحققت أرباحا تصل إلى 35% مقارنة مع العام الماضي، فمن المتوقع أن يتواصل هذا الارتفاع في العام الجديد، لاسيما في أسهم شركات صناعة الأدوية والمركبات الكيماوية، مع تركيز المستثمرين على تجارة المواد الخام بالتحديد، التي تشهد إقبالا كبيرا، لاسيما من دول جنوب شرق آسيا، وهذا النجاح سيكون مقتصرا بطيعة الحال على المستثمرين فقط.

هذه التوقعات المتفائلة لا تعالج مخاوف الرأي العام من ثوابت أصبحت تأتي تلقائيا مع التقرير ربع السنوي للدوائر الاقتصادية، والشهري لمكاتب العمل ونسبة البطالة ومعدلات الاستهلاك، فالإيجابيات المتوقعة لا تخدم سوى العاملين في قطاعات محددة، بدليل الإرتفاع المتواصل في عدد الباحثين عن عمل وإغلاق معامل أو بيعها لشركات أجنبية مختلفة، رغم إعلان الشركات والمؤسسات عن تحقيق نجاحات كبيرة.

ويتزامن هذا مع المخاوف من الخطوات المقبلة لتصفية الحكومة الفدرالية لحصصها في الشركات السويسرية الكبرى في مجال الاتصالات والإنتاج الحربي والنقل والمواصلات، في غياب أية توجهات لتخفيض الأسعار، لاسيما في مجالات الخدمات الأساسية الإجبارية مثل التأمين الصحي وتكاليف العلاج، الذي تبرره الشركات بارتفاع الأسعار المرتبط بالغلاء، وما على المواطن إلى السداد، مع غلاء في أسعار المواد الاستهلاكية ليس من المتوقع أن تكسره منافسة الشركات الأجنبية حسبما توقع البعض، وأكد المصرف الوطني أن نسبة الغلاء في العام المقبل قد تصل إلى 0.8% مقارنة مع العام 2005، التي ارتفعت فيها الأسعار اصلا بنسبة 1.2% ، وهو ما يعني بأن الغلاء سيطال مجالات مختلفة.

وتبقى الصورة في عام 2006على الأرجح، في إطار نجاح البورصة لأصحاب رؤوس الأموال، وزيادة نسبة البطالة إن لم تبق على ما هي عليه، لتدور العجلة الاقتصادية، إما لتتحول إلى كرة ثلج، أو ربما لتفسح أماكن لقلة ليحصلوا على جزء من خيراتها.

تامر أبوالعينين – سويس انفو

وصلت نسبة البطالة في سويسرا حتى موفى شهر نوفمبر 3.6%
ارتفعت مؤشرات بورصة زيورخ خلال السنة بنسبة 35% مقارنة مع السنة الماضية.
حققت أغلب الشركات والمؤسسات المالية ارباحا جيدة في النصف الأول من عام 2005

على الرغم من التوقعات الإيجابية في زيادة معدلات النمو الإقتصادي وفتح مجالات جديدة للنشاط الإقتصادي في سويسرا، إلا أنه ليس من المتوقع أن تتراجع معدلات البطالة أو تنخفض نسبة الغلاء.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية