مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحرب أو الالتزام اقتصاديا بما لا يلزم!

تبدو أمريكا مستعدة لخوض الحرب ضد العراق بمفردها مهما كانت تكاليفها Keystone

بعد موافقة مجلسي الكونغرس على منح الرئيس بوش صلاحيات مطلقة لمعالجة الأزمة مع العراق، وافق مجلس النواب على زيادة الميزانية العسكرية بنسبة %10.

ومن المتوقع جدا أن يوافق مجلس الشيوخ أيضا على الميزانية العسكرية الجديدة للعام المقبل وتبلغ 355,1 مليار دولار.

هنالك من الخبراء في الولايات المتحدة والخارج، مَن يؤكد أن الاقتصاد الأمريكي، رغم الكساد المزمن والراهن، يستطيع تحمّل أعباء مثل هذه الحرب المقترحة ضد العراق في حالة لم تتقاسمها أطراف أخرى مع واشنطن، خاصة وأن التكاليف المتوقعة لا تزيد على %1 أو %2 من الإنتاج الوطني الإجمالي للولايات المتحدة.

وتؤكد فئة أخرى من الخبراء أن تخصيص مثل هذه الأموال الطائلة لحرب وشيكة ضد العراق، سيبعث على بعض الانتعاش ولو بصفة مؤقتة في الاقتصاد الأمريكي واقتصاد البلدان الحليفة، شريطة أن تكون الحرب قصيرة الأجل من جهة، وأن لا تطول بصفة تترك المضاعفات السلبية على إمدادات النفط من جهة أخرى.

فمن الواضح أن ضخ مائة إلى مائتي مليار دولار في مثل هذا المشروع الحربي، سيبعث بعض الحركة في المصانع الحربية والمدنية على حد سواء، مما قد يقلل من معدلات البطالة المتصاعدة في الولايات المتحدة والبلدان الحليفة، ومما قد يعود بنتائج انتخابية إيجابية على زعاماتها، ذلك على عكس الانتخابات الأخيرة في ألمانيا التي راهن زعماؤها ضد الحرب مع العراق.

التركيز على السبب وليس المسُبّب!

وبغض النظر عن التكاليف الإنسانية والمجازفات السياسية الإقليمية للحرب التي تلوّح بها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد العراق، فإن عددا من خبراء الاقتصاد الدولي يؤكد أن الحرب إذا تواصلت زمنا أطول من المخطط، ستلحق كبير الضرر باقتصاديات جميع البلدان المعنية عن قريب أو بعيد بهذه الحرب، حتى بالاقتصاد الأمريكي ذاته.

وتبني هذه الفئة الأخيرة من خبراء الاقتصاد الدولي هذه النظرية على المعطيات الاقتصادية التي سادت عالم الاقتصاد قبل 11 سبتمبر وما بعد تلك الهجمات الإرهابية على أهداف في الولايات المتحدة، خاصة على واجهاتها الاقتصادية.

وتقول هذه الفئة، إن الاقتصاد الأمريكي ومعه الاقتصاد الدولي كانا في حالة يُرثى لها قبل 11 سبتمبر، وأن تلك الضربة ضد الولايات المتحدة قد أدت فقط لتعجيل النقلة الاقتصادية من الركود إلى الكساد التام ولانهيار البورصات الأمريكية والدولية التي لم تنتعش رغم الحقن المالية المتكررة منذ عامين أو أكثر.

وتشير هذه الفئة من الخبراء إلى أن الحرب المقترحة ضد العراق، سوف لا تستعيد الأموال التي ذهبت أدراج الرياح في البورصات العالمية منذ مارس عام 2000، وتزيد على 7000 مليار دولار بالنسبة للولايات المتحدة وحدها.

العلاج للأعراض أم للأمراض الاقتصادية؟

ويلاحظ المراقبون أيضا أن الحرب المتوقعة ضد العراق، سوف لا تعزز الثقة المهدورة في آليات الضبط الذاتي أو الحكومي للاقتصاد الأمريكي الحر أو غيره، بعد فضائح التزييف والاحتيال المتفرقعة بلا انقطاع منذ انهيار عدد من الإمبراطوريات الاقتصادية في الولايات المتحدة والخارج.

ومما يزيد الطين بلة بالنسبة لخبراء الاقتصاد على وجه العموم، أي بالنسبة للأنصار والمعارضين للحرب ضد العراق، هو أن الاقتصاد العالمي وعلى رأسه الاقتصاد الأمريكي، قد مر منذ فترة من الركود والكساد إلى مرحلة التقلص والانكماش، على ضوء التشاؤم الذي أخذ يسود نفوس المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.

ويؤكد المحللون أن الإضراب عن الاستثمار والاستهلاك لا يعود لأسباب اقتصادية فحسب، وإنما لعوامل نفسانية أيضا قد تكون الأهم في تسيير الآليات الاقتصادية وإنعاش الاقتصاد العالمي، نظرا للتفاعلات المعروفة منذ القدم بين تصرفات المستثمرين والمستهلكين.

ومن بين هذه العوامل التي تترك حاليا أسوء التأثيرات على التصرفات المتبادلة للمستهلكين وأصحاب الاستثمارات، هنالك التخوف من الاستهلاك نتيجة الخوف من خسارة موطن العمل وخسارة الدخل، والخوف على مستقبل أية استثمارات جديدة وسط الضجيج المتصاعد لرحى الحرب التي تدور بطريقة متسارعة هذه الأيام.

جورج انضوني – سويس انفو

هنالك من الخبراء في الولايات المتحدة والخارج مَن يؤكد أن الاقتصاد الأمريكي رغم الكساد المزمن والراهن، يستطيع تحمّل أعباء مثل هذه الحرب المتوقعة ضد العراق في حالة لم تتقاسمها أطراف أخرى مع واشنطن، خاصة وأن التكاليف المتوقعة لا تزيد على %1 أو %2 من الإنتاج الوطني الإجمالي للولايات المتحدة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية