The Swiss voice in the world since 1935

مؤتمر الحوار الوطني يضع الخطوط العريضة لبناء دولة جديدة في سوريا

afp_tickers

وضع البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني في دمشق الثلاثاء الخطوط العريضة لبناء دولة جديدة في سوريا عقب إطاحة حكم بشار الأسد، مشددا على أهمية تحقيق العدالة الانتقالية وترسيخ قيم الحرية وحصر السلاح بيد الدولة.

وأكد المجتمعون رفض “التصريحات الاستفزازية” الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، والتي أكّد فيها أن بلاده لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار جنوب دمشق، متمسكين بوحدة سوريا “وسيادتها على كامل أراضيها”.

وفي مشهد لم تعتده الحياة السياسية في البلاد منذ عقود، اجتمعت مئات الشخصيات من معارضين وممثلين عن المجتمع المدني وباحثين وفنانين بدعوة من السلطات في قصر الشعب في دمشق، حيث اعتبر الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أن ما تشهده بلاده منذ إطاحة الأسد في كانون الأول/ديسمبر، يشكل عنوانا “لمرحلة تاريخية جديدة”.

واعتبر المجتمعون في بيان ختامي من 18 بندا تلته عضو اللجنة التحضيرية هدى الأتاسي، بحضور الشرع، “أي تشكيلات مسلحة خارج المؤسسات الرسمية جماعات خارجة عن القانون”، في إشارة ضمنية إلى قوات سوريا الديموقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، وفصائل ومجموعات لا تزال تحتفظ بسلاحها منذ إطاحة الأسد.

وفي موازاة تأكيد المجتمعين “نبذ كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب”، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية تغييبها عن المؤتمر.

وقالت في بيان الثلاثاء إن “المؤتمر لا يمثّل الشعب السوري، ونحن، كجزء من سوريا ولم يتم تمثيلنا، نتحفظ على هذا المؤتمر شكلا ومضمونا، ولن نكون جزءا من تطبيق مخرجاته”.

وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أوضحت في وقت سابق أنه لن تتم دعوة أي كيانات أو تشكيلات عسكرية ما زالت تحتفظ بسلاحها الى المؤتمر.

وكانت السلطات الجديدة دعت كل الفصائل المسلحة ومن بينها قوات سوريا الديموقراطية التي تلقت دعما أميركيا كبيرا خلال سنوات النزاع السوري، إلى تسليم أسلحتها. وأعلنت مرارا رفضها الحكم الذاتي الكردي.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الشرع أن “وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية بل هو واجب وفرض”، مشددا على أن “سوريا لا تقبل القسمة فهي كلّ متكامل وقوتها في وحدتها”.

– “خطوة أساسية” –

ودعا البيان الختامي السلطات الى “تشكيل لجنة دستورية لإعداد مسودة دستور دائم للبلاد، يحقق التوازن بين السلطات، ويرسخ قيم العدالة والحرية والمساواة، ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات”.

وأكد على “ضمان حرية الرأي والتعبير” و”مشاركة كافة فئات المجتمع في الحياة السياسية، و”نبذ كافة أشكال العنف والتحريض والانتقام”، إضافة الى “تحقيق العدالة الانتقالية، من خلال محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وإصلاح المنظومة القضائية”.

وأكد المجتمعون أن البيان الختامي “خطوة أساسية في مسيرة بناء الدولة السورية الجديدة”. 

وجاء تنظيم المؤتمر قبل أيام من تشكيل السلطات حكومة انتقالية مطلع الشهر المقبل، تعهد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في وقت سابق أن تكون “ممثلة للشعب السوري قدر الإمكان وتراعي تنوعه”. 

وعلى هامش انطلاق أعمال المؤتمر، كتبت عضو اللجنة التحضيرية هدى الأتاسي على منصة “أكس”، “يوم يُسجَّل في التاريخ كتجربة جديدة يعيشها الشعب السوري، وسط مشاعر متباينة من الفرح والقلق والمسؤولية”.

وتابعت “خطوة نأمل أن تكون بداية حقيقية لمسار يعيد لسوريا استقرارها ووحدتها”.

وتضمن المؤتمر ست ورش عمل، تابعها عبر رابط الكتروني أكثر من عشرة آلاف شخص، وفق المنظمين.

– تصريحات “استفزازية” –

وتزامنا مع انعقاد المؤتمر، شهدت مدن سورية بينها دمشق والسويداء تظاهرات منددة بتصريحات نتانياهو حول جنوب سوريا، مطالبين المجتمع الدولي للتدخل والضغط على إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية.

وكانت إسرائيل سارعت عقب سقوط الأسد، الى نشر قواتها في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في هضبة الجولان، في خطوة لقيت تنديد أطراف دولية عدة. وطالب نتانياهو الأحد بجعل “جنوب سوريا منزوع السلاح بالكامل”، مؤكدا عدم السماح “للجيش السوري الجديد بدخول المنطقة”.

وفي دمشق، تجمع عشرات أمام مقر الأمم المتحدة، وفق ما شاهد مصورو فرانس برس. وتلا أحد المعتصمين بيانا باسمهم قال فيه “نرفع صوتنا عاليا من أجل التضامن معنا لان الصمت اليوم هو موافقة ضمنية على الاحتلال والعدوان”.

وندد البيان الختامي لمؤتمر الحوار بتصريحات نتانياهو “الاستفزازية”، بموازاة “إدانة التوغل الاسرائيلي في الأراضي السورية”. وأكدوا تمسكهم بـ”الحفاظ على وحدة” سوريا و”سيادتها على كامل اراضيها ورفض اي شكل من اشكال التجزئة والتقسيم او التنازل عن اي جزء من أرض الوطن”.

وأوضح وزير الخارجية السوري في كلمة خلال المؤتمر إن سياسة سوريا الخارجية تقوم على “التوازن والانفتاح”، مضيفا أن دمشق حريصة على “تطوير علاقات متينة مع الدول التي احترمت سيادتنا دون أن نغلق باب الحوار مع أي طرف يرغب في إعادة بناء علاقاته معنا على أساس الاحترام المتبادل”.

وفي بيان، رحبت وزارة الخارجية السعودية بانعقاد مؤتمر الحوار، آملة “أن يسهم ذلك في تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق وتعزيز وحدته الوطنية”. 

واكدت دعمها “لجهود بناء مؤسسات الدولة السورية”، و”لأمن واستقرار سوريا وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها”.

منذ إطاحة الأسد، شكّلت دمشق وجهة لوفود دبلوماسية عربية وغربية أبدت دعمها للسلطات الجديدة وحثتها على إشراك كل المكونات السورية في إدارة المرحلة الانتقالية.

وغداة إعلانه في 29 كانون الثاني/يناير رئيسا انتقاليا للبلاد، تعهّد الشرع إصدار “إعلان دستوري” للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل “لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر” وحلّ مجلس الشعب. 

وقال إن بلاده ستحتاج من أربع إلى خمس سنوات لتنظيم انتخابات.

بور-لو-لار/كام

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية