مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الطاقة النووية: ساعة الحسم؟

صورة جوية لمحطة مولوبيرغ النووية القريبة من العاصمة الفدرالية برن Keystone

شرع مجلس النواب السويسري يوم الخميس في مناقشة مسودة مشروع القانون الخاص بالطاقة النووية في سويسرا، وهو مشروع يرمي في الواقع لقطع الطريق على بادرتين شعبيّتين تدعو الأولى للتخلي تماما عن التيار النووي، بينما تطالب الثانية بالتمهل عشر سنوات أخرى قبل رفع الحظر على بناء محطات نووية جديدة.

يفتح البرلمان الفدرالي السويسري ملف الطاقة النووية من جديد بعد ما يزيد على عشر سنوات، منذ صوّت الناخبون بأغلبية %54.5 لصالح بادرة شعبية طالبت بتجميد بناء أية محطات نووية جديدة في سويسرا. لكن البرلمان سيبحث أيضا اقتراحا يتعلق بمشكل النفايات النووية، لا يأخذ برأي البلديات أو الكانتونات في البحث عن مواقع لدفن تلك النفايات الخطيرة.

فمشروع القانون المعروض على مجلس النواب في برن، أعده خبراء الحكومة الفدرالية ردا على بادرتين شعبيّتين اطلقتهما المنظمات المدافعة عن البيئة في أواسط التسعينات وتحظيان بتأييد الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، تطالبان بالتخلي عن الطاقة النووية تدريجيا من جهة، وبوضع حد لنشاط المحطات النووية القديمة من جهة أخرى.

ويتوقع المراقبون أن تكون المناقشات في مجلس النواب شاقة وطويلة، على ضوء صعوبة التوفيق بين المصالح الاقتصادية والبيئية من جهة، وحجم التاييد والمعارضة للطاقة النووية على المستويين الرسمي والشعبي.

مجلس النواب مرآة للرأي العام

الاقتراعات الأخيرة للرأي العام السويسري التي أجرتها ثلاث منظمات مناهضة للطاقة النووية، تبيّن أن أكثر من خمسين في المائة من السويسريين يعارضون الاستغلال المتواصل وإلى أجل غير مسمّى للمحطات النووية القديمة التي مضى على بنائها اربعون عاما أو أكثر.

وتعارض أغلبية الرأي العام موقف اللجنة الفدرالية للطاقة أو مجلس النواب الفدرالي. لكن الأهم من ذلك، كما تقول “غرينبيس” والصندوق العالمي للحفاظ على البيئة والحياة البريّة أو المؤسسة السويسرية للطاقة، هو أن الأغلبية الواضحة ترفض تمديد أجل المحطات النووية إلى ما لا نهاية.

وحسب هذه التنظيمات، يرفض السويسريون بأغلبية %53 مقابل %36 اقتراحا آخرا معروضا على مجلس النواب الفدرالي بوصفه اقتراحا ينتهك حقوق الشعب، لأنه لا يقضي باستشارة سلطات البلديات أو الكانتونات لدى تحديد مواقع تخزين النفايات النووية، لا بل وترفض أغلبية لا تقل عن %74 تصدير هذه النفايات الخطيرة إلى الخارج للتخلص من أذاها على الأمد البعيد.

وتعكس الاقتراعات الأخيرة للرأي العام أن %51 من الناخبين السويسريين على قناعة بإمكانية التخلي تدريجيا وتماما عن الطاقة النووية لصالح مصادر جديدة للطاقة النظيفة، كالطاقة الشمسية أو الهوائية والطاقة المائية وغيرها.

لكن نتائج الاقتراعات التي أجريت لحساب الرابطة السويسرية للطاقة النووية، تعكس مواقف أخرى، إذ تؤكد أن أغلبية الثلثين على قناعة بإمكانية حل مشكل النفايات النووية محليا، بينما تؤكد نسبة مشابهة أن مسألة الأمان في المحطة النووية هي الحاسمة لمواصلة تشغيلها، وليس عمر المحطة.

وتقيم هذه الاقتراعات للرأي العام الدليل على أن الأجواء حول القضايا المحيطة بالطاقة النووية لم تتغير في سويسرا منذ أواخر الثمانينات، حينما تمخضت في الاستفتاء الوطني عام 1990 عن أغلبية لصالح تجميد بناء أية محطات نووية جديدة لمدة عشر سنوات.

بعبارة أخرى، لا مجال للقول، بأن سويسرا قد وجدت “السلم النووي”، نظرا لعدم ترجيح الكفة بين المؤيدين والمعارضين للطاقة النووية، التي كانت ولا تزال حيوية لتسيير عجلة الصناعات وللتقليل من الاعتماد على الخارج في قطاع الطاقة.

وفي هذا لم تنجح التكتلات السياسية والاقتصادية التي تقف وراء المجموعات المالكة للمحطات النووية السويسرية الخمس، في حشد أغلبية واضحة لصالح الطاقة النووية خلال السنوات العشر الماضية، على الرغم مِما أنفقت من ملايين خلال التسعينات على الحملات الدعائية المروّجة لفوائد الطاقة النووية.

طاقة نظيفة لكنها خطيرة الجوار

لا يزال السويسريون في حيرة بشان الطاقة النووية رغم توصيات جهات مستقلة مثل الوكالة الدولية للطاقة التي نصحت سويسرا في أواسط عام 1999 بعدم التخلي عن الطاقة النووية، باعتبارها من المصادر النظيفة للطاقة وتغطي أكثر من %42 من احتياجات البلاد للتيار الكهربائي.

وتذكّر الوكالة الدولية للطاقة بأن المحطات النووية السويسرية الخمس، إضافة للمحطات العاملة بالطاقة المائية ويبلغ عددها حوالي 450 محطة، تؤمن %98 من الاحتياجات للتيار الكهربائي في سويسرا، دون أي تلوث بالغازات الصناعية، خاصة ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر من أهم غازات الدفيئة.

وفيما يتعلق بمحطة موهليبيرغ Mühleberg القريبة من برن، أكد خبراء مستقلون، من بينهم فريق ألماني أجرى فحوصات دقيقة على المحطة في أواخر التسعينات لحساب الحكومة الفدرالية السويسرية، أن المحطة لا تمثل أي خطر يذكر رغم التصدع الظاهر في الغطاء الخارجي للمفاعل النووي.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية