مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العلاقات السودانية التونسية بين المد والجزر

swissinfo.ch

أدانت محكمة سودانية يوم الجمعة مواطنا تونسيا بالتجسس والتخابر مع السفارة التونسية في الخرطوم واختلاق معلومات تضر بالبلاد سياسيا واقتصاديا وتصورها دولة إرهابية وقضت عليه بالسجن 15 عاما والغرامة 500 ألف دينار "الفا دولار أميركي" وأوصت بإبعاده عقب تنفيذ العقوبة.

كما اصدرت المحكمة في حق أربعة سودانيين حكما بالسجن لمدد متفاوتة بين عام وعشرة أعوان اعتبرتهم متعاونين معه وبرأت اثنين آخرين.

وكانت السلطات السودانية قد اعلنت في التاسع من تموز “يوليو” الماضي إلقاء القبض على شبكة تجسس يتزعمها التونسي علي بن مصطفى “40 عاما” ومعه ستة سودانيين اتهمتهم بالتورط في تزويد جهاز الاستخبارات التونسي بمعلومات ملفقة عن دعم السودان للإرهاب وتقديم روايات كاذبة عن علاقة الخرطوم بالمنشق السعودي أسامة بن لادن، وحركة طالبان الأفغانية وشبكات الإرهاب حول العالم وفتح معسكرات لتدريب أصوليين عرب في السودان.

وسارعت دوائر تونسية إلى نفى صلتها بالمتهم التونسي وقالت انه ينتمي إلى حركة النهضة الإسلامية المعارضة المحظورة في تونس وانه مطلوب في جرائم عدة في بلاده.

وبعد يوم من إعلان السلطات السودانية الكشف عن شبكة التجسس، غادر السفير التونسي لدى الخرطوم محمد البلاجى عائدا إلى بلاده على الرغم من أن الحكومة السودانية شددت على أن تونس نفسها كانت ضحية للمعلومات المضللة التي ظل يزودها بها المتهم الذي وصف بأنه “تاجر معلومات محترف” .

ادعاءات تضر بسمعة السودان

وذكر قاضى محكمة الخرطوم شمال محمد سر الختم في حيثيات الحكم الذي أصدره يوم الجمعة ان المعلومات التي نقلها التونسي على بن مصطفى إلى الملحق الثقافي في السفارة التونسية لدى الخرطوم عن تدريب إرهابيين عرب وتحركات الجيش، يمكن أن تضر بالسودان سياسيا واقتصاديا وتصورها دولة إرهابية تستضيف المرتزقة والإرهابيين والانفصاليين. الأمر الذي يقود إلى حملات لاتهامه بانتهاك حقوق الإنسان ورعاية الإرهاب.

كما انه زور أختاما ووثائق رسمية تخص القوات الخاصة في الجيش وارتدى زيا عسكريا، واستبعد الحكم عليه بالإعدام نسبة لعدم وجود حرب بين السودان وتونس رغم إفشائه معلومات أمنية وعسكرية.

ودعت الخارجية السودانية الشهر الماضي السفير التونسي محمد البلاجى فى خطوة مفاجئة بعد تسعة اشهر من اعتماده، وقالت الخارجية في بيان صحافي مقتضب إن وزير الدولة شول دينغ ودع السفير بمناسبة انتهاء فترة عمله في السودان، وعين البلاجى بعد التحسن الذي طرأ على علاقات البلدين في أعقاب اللقاء الذي جمع بين الرئيسين السوداني عمر البشير والتونسي زين العابدين بن على نهاية العام الماضي على هامش القمة العربية التي عقدت في القاهرة وذلك بعد سنوات من القطيعة بين بلديهما.

حركة النهضة الإسلامية المعارضة محل خلاف..

وساءت العلاقات السودانية التونسية في مطلع العقد الماضي بسبب اتهام تونس الخرطوم باستضافة زعيم حركة النهضة الإسلامية المعارضة راشد الغنوشى ومنحه جواز سفر سوداني وتدريب معارضين تونسيين أصوليين، الأمر الذي أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن الحكومة السودانية راجعت سياسية “الباب المفتوح” التي كانت تتبعها مع العرب واتخذت ضوابط مشددة لدخول العرب المعارضين لحكوماتهم وأبعدت الموجودين على أراضيها، الأمر الذي قاد إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية ومن بينها تونس وأدى إلى انفراج في سياستها الخارجية، وتبادل البلدان التمثيل الدبلوماسي.

واعتمدت الأسبوع الماضي أوراق اعتماد السفير السوداني الذي سبق مغادرته الخرطوم السفير التونسي. لكن الحكومة التونسية بدأت منذ حزيران “يونيو” الماضي تتبرم من نشاط معارضتها إعلاميا عبر محطة تلفزيونية في لندن تتهم تونس الخرطوم بدعم صاحبها ماليا، ونشرت صحيفة تونسية شبه رسمية وثيقة عن دعم الحكومة السودانية لصاحب المحطة بمبلغ مليون ومائة الف دولار أميركي، واتجت تونس رسميا لدى السودان في هذا الشأن لكن التوتر بين الدولتين ظل طي الكتمان، ويبدو انهما فضلا حل خلافاتهما بعيدا عن الضجيج الإعلامي.


ورغم عودة العلاقات الدبلوماسية بين السودان وتونس في الفترة الماضية إلا أنها لم تصل درجة من الدفء والحيوية نسبة لضعف تبادل المنافع، وغياب التعاون التجاري والاقتصادي وضعف تنقل المواطنين بين البلدين حيث أن الوجود الشعبي لكل دولة في الأخرى يكاد يكون منعدما. ولذا فيتوقع أن تظل العلاقة بينهما في حالة من المد والجزر لان الهاجس الأمني لا يزال يلقى بظلال كثيفة على مراكز صنع القرار في الدولتين.

النور احمد النور – الخرطوم

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية