The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

العوامل البشرية تزيد من حجم الكوارث الطبيعية وتفاقمها في باكستان

afp_tickers

تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في باكستان بفيضانات مدمرة أغرقت المنازل وأوقفت النشاط الاقتصادي مع انقطاع الكهرباء وارتفاع حصيلة الضحايا، فيما يحذر خبراء من أن غياب التخطيط العمراني وصيانة البنية التحتية يجعل هذه الكوارث تتكرر كل عام.

خلال زيارة في شمال غرب البلاد حيث قضى 450 شخصا جراء انهيارات أرضية، أقرّ رئيس الوزراء شهباز شريف الأربعاء بذلك.

وقال “الكوارث الطبيعية هي قضاء الله، لكن لا يمكننا تجاهل العوامل البشرية. لم يعد مقبولا أن تواصل شبكات النفوذ والفساد تحكمها بتصاريح البناء”.

في القرى الجبلية المتضررة التي زارها، كما في مناطق أخرى من البلاد، “بُنيت منازل كثيرة بالقرب من مجاري الأنهار، التي تُعد مسارات طبيعية لتصريف المياه”، على ما أوضحت وزيرة التغير المناخي السابقة شيري رحمن لفرانس برس.

أحد هذه المنازل يعود لفضل خان في مدينة مينغورا بوادي سوات. وقد لحقت أضرار كبيرة بالمنزل خلال فيضانات العام 2010 التي أثّرت على نحو أربعة ملايين شخص.

وقال خان (43 عاما) “أعدنا بناء المنزل في العام 2012 على أساسات أقوى، لكن الأسبوع الماضي اجتاحت المياه المكان من جديد وأغرقته بالكامل”.

وشدد خان على أنه لم يتلقَّ أي تحذير من السلطات في قريته حيث لا سجل للملكية العقارية،  معترفا في الوقت ذاته “كان من الخطأ بناء المنزل بهذا القرب من مجاري المياه”.

– مشكلة “سياسية” –

منذ أواخر حزيران/يونيو، تسببت الأمطار الموسمية التي تحمل لجنوب آسيا حوالى 70% من أمطارها السنوية وتعتبر ضرورية للزراعة، في وفاة نحو 800 شخص وإصابة ألف آخرين في باكستان، وقد تستمر هذه الأمطار لأكثر من شهر بعد.

وتتزايد الأمطار الغزيرة والجفاف الشديد والسيول الوحلية جراء تداعيات تغير المناخ، إضافة إلى استغلال الموارد الطبيعية في بلد يسعى لتحويل ثرواته المعدنية إلى عائدات مالية لتلبية الولايات المتحدة والصين.

وتتصاعد حدة الأمطار الغزيرة والجفاف الشديد والانهيارات الطينية نتيجة تأثيرات تغير المناخ، بالإضافة إلى استنزاف الموارد الطبيعية في بلد يسعى لتحويل ثرواته المعدنية إلى عائدات مالية.

وأوضحت وزيرة التغير المناخي السابقة شيري رحمن أن “تغيير مجاري الأنهار لاستخراج المعادن وتقليص المساحات الخضراء التي باتت 5% فقط، وهو أدنى معدل في جنوب آسيا، يلعب دورا رئيسيا في حصول هذه الكوارث، فالغابات الكثيفة تساهم في احتواء قوة المياه”.

وفي مواجهة هذه الفيضانات، تعاني البنى التحتية من قصور واضح، فقد سجلت كراتشي العاصمة الاقتصادية التي يقطنها أكثر من 20 مليون نسمة، عشر وفيات خلال ساعات فقط، نتيجة الصعق بالكهرباء أو انهيار أسقف المنازل.

ويعزو تقرير صادر عن اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان السبب إلى شبكات الصرف الصحي غير الكافية أو المسدودة بالنفايات التي تفيض ما ان تبدأ الأمطار بالهطول، ونقص أنظمة معالجة النفايات، والطرق المنخفضة التي تغمرها المياه بسرعة، إلى جانب سوء التخطيط العمراني وانتشار البناء العشوائي.

وكل المشاكل التي وردت في هذا التقرير بعد فيضانات 2020 المدمرة، لا تزال قائمة حتى اليوم.

وترى المنظمة أن السبب “سياسي” بامتياز إذ تستغل الأحزاب السياسية تصاريح البناء كأداة لتعزيز قاعدتها الشعبية.

وتستغل الأحزاب السياسية تصاريح البناء لإنشاء أحياء جديدة في مناطق يُفترض أنها غير صالحة للبناء، أو لتشييد أبنية فوق قنوات تصريف المياه المكشوفة التي تصبح تاليا مسدودة.

وتتوزع مسؤولية التخطيط العمراني في كراتشي بين نحو عشرين “سلطة” قضائية محلية ومناطقية واتحادية، إلا أن جميعها تتنصل من مسؤولية صيانة البنية التحتية، حسب تقرير اللجنة.

-مكلف للغاية –

أما مشاريع التنمية، فتُعالج أحيانا مشكلة واحدة وتُحدث أخرى، حسبما أوضح المهندس العمراني في كراتشي عارف حسن، الذي قال في تصريح لوسيلة إعلام محلية إن طريقا بُني أخيرا يسد ثلاث قنوات لتصريف المياه نحو البحر، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى المياه أثناء أمطار الصيف.

واختصر النائب عن المعارضة في برلمان إقليم السند طه أحمد خان الوضع بالقول “كراتشي ليست مدمرة بسبب الأمطار، بل بسبب سنوات من الإهمال” مضيفا “أعمال البناء غير القانونية التي تتعدى على قنوات تصريف مياه الأمطار إلى جانب الطرقات الرديئة، فاقمت الأزمة”.

من جهته، قال رئيس بلدية المدينة مرتضى وهّاب إنه يطالب سنويا بالحصول على دعم من إسلام آباد لكن من دون جدوى.

وأشار إلى أن “القول بتوسيع شبكة الصرف أمر سهل، لكنه مكلف للغاية إذ قد يستنزف كامل الميزانية الوطنية”. وأضاف في حديثه لفرانس برس “بعد فيضانات 2020 الضخمة، أعادت المدينة فتح ثلاث قنوات صرف فقط”.

وقال إن “صب الخرسانة كلف نحو 90 مليون دولار، بالإضافة إلى 50 مليون دولار لإعادة إسكان النازحين، وبالمجمل أنفقنا 180 مليون دولار وكل هذا لثلاث قنوات فقط”.

وفي حزيران/يونيو، خلال التصويت على الميزانية، اتهمت المعارضة البلدية ومموليها الدوليين بعدم صرف أكثر من 10% من أموال مشروع التطوير الحضري على الواقع، علما أن هذا المشروع كان من المفترض أن يضع حدا لمعاناة المدينة بحلول عام 2024.

سما-ستم-جما/ماش/غ ر

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية