مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الغوطة الشرقية قرب دمشق تحت وابل القصف قبل تصويت في مجلس الأمن

معالجة طفل في مستشفى ميداني في دوما بعد غارات شنتها طائرات سورية على الغوطة الشرقية في 22 شباط/فبراير 2018 afp_tickers

لليوم السادس على التوالي، تواصل قوات النظام السوري قصف الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، قبيل تصويت في مجلس الأمن الدولي على وقف لاطلاق النار لمدة شهر تضع حدا لمعاناة مئات آلاف المدنيين.

ومنذ الأحد، قتل 468 مدنياً في غارات جوية وقصف صاروخي ومدفعي طال مدن وبلدات الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق.

وأرجأ مجلس الأمن الدولي مرتين موعد اجتماعه الجمعة للتصويت على مشروع قرار جرى تعديله بعد اعتراض روسي وينص على وقف لاطلاق النار في سوريا لمدة شهر. ومن المفترض أن يعقد الاجتماع عند الساعة 19,30 ت غ.

وأوضح الرئيس الدوري لمجلس الامن سفير الكويت منصور العتيبي ان المجلس “يواصل العمل على فقرات” من مشروع، وبات “قاب قوسين من اقراره”. وقال “نكاد نصل”.

وتشارك الطائرات الروسية، وفق المرصد السوري، في قصف الغوطة.

وأسفر القصف المتواصل الجمعة عن مقتل 38 مدنياً بينهم 11 طفلا، وفق المرصد الذي كان أفاد صباحا عن مقتل تسعة مدنيين، لكن الحصيلة تواصل الارتفاع مع استمرار القصف.

وقد قتل مساء الجمعة ستة مدنيين، بينهم خمسة أطفال، بعد استهداف مبنى في بلدة كفر بطنا بقصف صاروخي.

كما أصيب الخميس أكثر من 200 آخرين بجروح، كما لا يزال كثيرون عالقين تحت أنقاض الأبنية المدمرة.

وبلغت حصيلة القتلى منذ الأحد 468 مدنياً، بينهم 109 أطفال. وأصيب أكثر من ألفين آخرين بجروح.

وبدت مدينة دوما خالية تماما سوى من أثار الدمار في شوارعها، وشاهد مراسل فرانس برس بضعة مدنيين يهرعون بحثاً عن ملجأ فور سماعهم تحليق الطائرات فوقهم.

في مستشفى في مدينة دوما، وفور وصوله بعد اصابته باحدى عينيه، سارع الطفل قاسم الكردي الى سؤال الطبيب “هل سأرى مجددا”؟، وقد غطت الدماء وجهه.

وعلى سرير قريب، انهمك ممرض بلف ضمادات بيضاء اللون حول رأس طفل بدت الصدمة على وجهه وكأنه لا يفهم ما يدور حوله، فيما عانق رجل جثة طفل آخر وهو غارق في البكاء.

وقال أبو مصطفى، الذي كان يرافق احد معارفه إلى المستشفى، “ما يحدث معنا يُبكي الحجر، لا يوجد أحد لا يفقد يومياً شخصاً او اثنين من عائلته”.

– “الأمم المتحدة متخاذلة” –

ومنذ سنوات، تشكل الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام السوري، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار المحكم منذ العام 2013 على استهداف العاصمة بالقذائف.

وقتل شخص وأصيب 15 آخرون الجمعة بعد استهداف حي ركن الدين في دمشق بـ”قذيفة صاروخية”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، التي افادت ايضاً أن قذيفة استهدفت أحد المستشفيات موقعة “أضرار كبيرة”.

ومنذ بدء التصعيد الأخير، قتل نحو 20 شخصاً وأصيب العشرات بجروح في دمشق نتيجة قصف الفصائل المعارضة لاحياء في العاصمة.

وبعد فشل مجلس الأمن الدولي الخميس في الاتفاق على مشروع قرار ينص على هدنة لمدة شهر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى، يعود ليجتمع الجمعة للتصويت على مشروع معدل.

ولا تزال المفاوضات مستمرة حول صيغة مشروع القرار برغم تعديله سابقاً ليتضمن لهجة مخففة، باستبدال كلمة “يقرر” بـ”يطالب” بوقف لاطلاق النار. كما أن الهدنة لا تطبق على “أشخاص وجماعات وتعهدات وكيانات مرتبطة” بتنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية. وكانت صيغة سابقة تتحدث عن التنظيمين فقط.

ولم يتضح بعد ما اذا كانت روسيا، التي عطلت في السابق قرارات عدة تدين النظام السوري، ستدعم مشروع القرار.

ووجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل رسالة مشتركة الجمعة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليطلبا منه الموافقة على مشروع القرار.

لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقد مشروع القرار. وقال “لكي يكون هذا القرار فعالا -ونحن مستعدون للموافقة على نص يكون كذلك- نقترح صيغة تتيح جعل الهدنة فعلية وقائمة على ضمانات من قبل جميع الذين هم داخل وخارج الغوطة الشرقية”.

ولا يعلق أهالي الغوطة الشرقية آمالاً كثيرة على المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

ودعا الاتحاد الاوروبي الجمعة الى وقف “المجزرة” التي تشهدها الغوطة الشرقية.

إلا أن أبو مصطفى في دوما قال “لم يقدموا لنا شيئاً، الأمم المتحدة قلقة، فرنسا تستنكر ولا تقدم شيئا (…) الأمم المتحدة متخاذلة”.

– “حلب أخرى” –

ويُذّكر ما يحصل في الغوطة الشرقية بمعركة مدينة حلب في العام 2016، التي انتهت بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من الأحياء الشرقية التي حوصرت لأشهر عدة، وذلك بعد هجوم بري وتصعيد عنيف للقصف.

وأعلنت موسكو الخميس أنها عرضت على الفصائل إجلاء مقاتليها مع عائلاتهم من الغوطة على غرار حلب، إلا أن “جبهة النصرة وحلفاءها رفضوا”.

وأكدت أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، وبينها جيش الاسلام وفيلق الرحمن، في رسالة إلى الأمم المتحدة رفض أي “تهجير للمدنيين أو ترحيلهم”.

وقال المتحدث باسم فيلق الرحمن وائل علوان أن الفصائل ترفض أيضاً إجلاء مقاتليها.

وخلال اجتماع مجلس الأمن الخميس، وفي مداخلة استمرت عشرين دقيقة، قال المبعوث السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري “نعم، ستصبح الغوطة الشرقية حلباً اخرى”.

ويتفق محللون على أن النظام السوري يتجه نحو الحسم في المنطقة التي تُعد إحدى بوابات دمشق.

ويتزامن التصعيد حالياً مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية تُنذر بهجوم بري وشيك لقوات النظام.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية