مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الكمين الدامي في النيجر يعكس صعوبات مواجهة الجماعات المتطرفة

دورية للجيش النيجري في نيامي في 20 آذار/مارس 2016 afp_tickers

يعكس الكمين الذي شهده النيجر الاربعاء وأسفر عن مقتل ثمانية جنود اميركيين ونيجريين صعوبات مكافحة الإسلاميين المتطرفين في الساحل الأفريقي، رغم تعزيز قوة الجيوش الغربية في المنطقة وإنشاء قوة عسكرية مشتركة لدول الساحل الخمس.

وأعلنت وزارة الدفاع النيجرية ان الدورية الاميركية النيجرية وقعت “بمكمن نصبه عناصر ارهابيون على متن حوالى عشر اليات وعشرين دراجة نارية” في جنوب غرب النيجر قرب الحدود مع مالي.

وقتل أربعة جنود نيجريين وأربعة أميركيين وفق ما اكدت وزارة الدفاع الأميركية.

ويندرج هذا المكمن الذي تم اعداده بدقة ضمن سلسلة هجمات لا تحصى في المنطقة، حيث يواصل المتطرفون استهداف القوات النيجرية والوضع مشابه في شمال بوركينا فاسو المجاورة وشمال مالي.

وعزز الاوروبيون القلقون انتشارهم بقوة منذ سنوات في المنطقة، وأبرزهم فرنسا مع عملية برخان التي تعد 3000 جندي تقريبا. كما يتواجد الاميركيون الاكثر تكتما عبر قاعدة للطائرات المسيرة في اغاديز (شمال النيجر) وكذلك قوات خاصة ومدربين في الميدان لم تعلن أعدادهم لكن مصادر محلية قدرتها ببضع مئات.

ويخوض الفرنسيون والاميركيون عمليات عسكرية ويدربون جيوش بلدان المنطقة لتحسين فعاليتها. في المقابل تعد قوة الامم المتحدة في مالي حوالى عشرة الاف رجل.

لكن الغربيين يدركون عجزهم عن مكافحة الجماعات الجهادية بفعالية دون جيوش دول الساحل نفسها. فليس صدفة ان يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنفسه باماكو بمناسبة اطلاق قوة مجموعة دولة الساحل الخمس في تموز/يوليو. ويفترض ان تضم القوة الخماسية في مرحلة أولى 5000 جندي من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

مؤخرا أكد الرئيس المالي ابراهيم بوبكر كيتا ان قوة مجموعة الخمس الساحلية “ستثبت فاعليتها في مستقبل قريب”. وأضاف “ادركنا ان دفاعنا وامننا هي امتيازات وواجبات تقع على عاتقنا نحن أولا”.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في نيامي في مطلع الاسبوع “انا مقتنع ان تشكيل هذه القوة رد مناسب على المسائل الأمنية”.

لكن مصدرا امنيا غربيا رفض الكشف عن اسمه صرح “باستثناء بعض الوحدات، تبدو الجيوش الافريقية التي تفتقر الى التجهيز والتدريب عاجزة في الوقت الراهن عن التمتع بقدرة هجومية كفيلة بمواجهة هذه الجماعات”.

– ضعف الاستخبارات –

أضاف المصدر “باستثناء تشاد، أفضل ما يمكن للدول الاخرى فعله هو نشر جنود لحراسة القواعد والمراكز، لا أكثر. وهذا أفضل من لا شيء، فقد يحرر وحدات يمكن الاستعانة بها في العمل الهجومي وهذا يجيز اثبات حضور. لكن علينا ألا نتوهم”.

اما العقبة الأخرى فتكمن في التمويل. ففي منتصف ايلول/سبتمبر دعا رئيس النيجر محمد ايسوفو “المجتمع الدولي الى التعبئة” لتزويد قوة مجموعة الخمس في الساحل “بوسائل اتمام مهمتها” نظرا لمواردها المالية المحدودة.

وقال لاسينا ديارا صاحب كتاب “المجموعة الاقتصادية لدول افريقيا الغربية امام الارهاب العابر للدول” ان “الخطاب السياسي موجود، لكن المطلوب إرادة تعاون فعلية”.

ولفت الخبير الى “انعدام الثقة” بين الدول احيانا، مذكرا على سبيل المثال بالعلاقات الغامضة بين رئيس بوركينا فاسو السابق بليز كومباوري والجماعات الإسلامية المتطرفة التي حمت بلاده حتى سقوطه، ما يثير تردد الماليين في التعاون مع واغادوغو.

وتعتبر الاستخبارات احدى الثغرات الكبرى في مبادرة مكافحة الجماعات الإسلامية. ففيما تبدو الطائرات المسيرة والمراقبة الالكترونية من العناصر الضرورية، “تبقى الاستخبارات البشرية أساسية” بحسبه.

غير ان “القوات الغربية غالبا ما ينظر اليها بصفتها قوات احتلال وفدت للاستيلاء على الثروات الجوفية” او حماية مصالحها الاقتصادية، بحسب ديارا.

واستفاض المصدر العسكري الغربي بهذا الاتجاه موضحا انه “في مالي، في النيجر، في بوركينا تتشكل أغلبية الجيوش من جنود من الجنوب وهم من اتنيات مختلفة عن شعوب الشمال. ولا يستسيغ العسكريون التوجه شمالا الى منطقة يجهلونها، فيما يبدي السكان حذرا واحيانا عداء ازاءهم”.

في المقابل في تلك المناطق الفقيرة التي غالبا ما تهملها الدول المركزية يجد خطاب الجماعات الإسلامية الذي “يزرع الشقاق” اصداء مؤيدة، فيما تملك هذه الجماعات قدرة استخباراتية بشرية فاعلة. ويشكل كمين الاربعاء برهاناً مأساوياً على ذلك.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية