مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المساهمة الأوروبية في استقرار أفغانستان

أتت الحروب على الاخضر و اليابس في افغانستان Keystone

حرصت الولايات المتحدة على الانفراد بالقرار في كل ما يتعلق بالحرب التي خاضتها في أفغانستان، لكنها سمحت لأوروبا بلعب دور محدود جدا لا يكاد يتجاوز تمويل إعادة الإعمار والمساعدة في بعض مهام الإسناد اللوجيستي والإنساني.

شارك الاتحاد الأوروبي في الحملة العسكرية على نظام طالبان وشبكة القاعدة من خلال الجهود المتعددة الأوجه التي بذلها الاتحاد، داخل مجلس الأمن، وعلى الصعيد الداخلي عبر وضع خطة لمكافحة الارهاب، وبشكل خاص عبر مشاركة بعض البلدان مثل بريطانيا وبشكل نسبي فرنسا في الحملة العسكرية في افغانستان و تقديم المعونات الانسانية للاجئين.

فعلى الرغم من أن البلدان الأوروبية توفر القسط الأكبر من القوات المتعددة الجنسية التي عهد اليها مجلس الأمن مهام حفظ السلام وتأمين نشاط الحكومة الانتقالية والمنظمات الدولية والهيئات الإنسانية في أفغانستان، فإن الدور الأوروبي سيبرز بشكل ملموس في جهود إعادة إعمار البلاد، وبصفة أولية في توفير الموارد المالية لتغطية نفقات انطلاق نشاط موظفي الحكومة الانتقالية والمساعدة على تحديد المهام الانسانية والإنمائية العاجلة مثل خدمات الصحة و التعلم و تحسين أوضاع المرأة.

ولم تحمل القوات العسكرية الأوروبية في افغانستان راية الاتحاد لأن الأخير لا يمتلك بعد سياسة دفاعية ويفتقد للقدرات اللوجيستية والاستراتيجية الكفيلة بنقل القوات العسكرية من قواعدها في اوروبا الى ميدان المعارك على بعد آلاف الكيلومترات. و قد تزود الاتحاد بآليات اتخاذ القرارات العسكرية في نطاق بنائه السياسة الدفاعية و ذلك في انتظار انجاز مشروعه تشكيل قوات للتدخل السريع من أجل مهام حفظ السلام.

وكانت بعض البلدان الأعضاء ترددت منذ بداية الأزمة في دعم الحملة العسكرية ضد نظام طالبان خارج نطاق قرارات مجلس الأمن، فيما رأت دول أخرى ضرورة الانتباه إلى مواقف عدد من البلدان العربية والإسلامية والتحسب من أخطار ضرب استقرار بعض هذه الدول جراء مضاعفات الأزمة والتي بدت في مرحلة أولى بمثابة “الحملة الصليبية ضد بلد مسلم”.

الديبلوماسية الأوروبية بذلت جهدا كبيرا من أجل تبديد انطباعات “الحملة الصليبية” التي خلفتها تصريحات الرئيس جورج بوش وحديث رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلوسكوني عن تفوق الغرب على حضارة الاسلام، وتحول دور الرئاسة البلجيكية للاتحاد الى مهمة إحتواء الموقف المتدهور الذي تخلفه التصريحات المهينة وشعور الأوساط العربية والإسلامية بازدواجية المعايير.

وزارت الترويكا البلدان الاسلامية والعربية المؤثرة – من باكستان حتى سورية – من أجل استمالة دعمها للحملة العسكرية على الارهاب الدولي.

تمويل إعادة الاعمار

البلدان الأوروبية ساندت مؤتمر بون وأكدت غالبيتها المساهمة في نشر القوات الدولية التي تتولى مهام حفظ السلام في كابول استنادا الى قرارات الشرعية الدولية. وذكرت القمة الأوروبية في منتصف شهر ديسمبر في ضاحية لاكين، قرب بروكسيل، بأن القوات الدولية ستكلف مهام حفظ السلام وتأمين سير الإدارات الدولية والأفغانية وتدريب قوات الأمن والقوات المسلحة الأفغانية.

الى ذلك يبدو الموقف الأوروبي حيال مضاعفات الأزمة منسجما، إلا أنه منقسم إزاء تداعيات الوضع وبشكل خاص إزاء احتمالات توسيع الحملة العسكرية وعمليات القصف خارج أفغانستان، حيث برز الخلاف داخل القمة الأوروبية الأخيرة عندما اعترضت بريطانيا وايطاليا بشدة على بند يربط توسيع نطاق الحملة خارج افغانستان بشروط موافقة المجموعة الدولية.

أما على صعيد المعونات الإنسانية فقد وافق الاتحاد على تخصيص قيمة 352 مليون يورو منها 103 من الموازنة المشتركة، وتؤكد القمة الأوروبية استعداد البلدان الأعضاء لمساعدة الشعب الأفغاني على إعادة بناء البلاد التي دمرتها الحروب على مدى أكثر من عقدين، وعينت الألماني كلاوس بيتر كلايبير لتنسيق الجهود المدنية الأوروبية في أفغانستان.

ويترأس الاتحاد الأوروبي الى جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية واليابان لجنة التوجية الدولية التي تهيأ مساهمات الدول المانحة لإعادة إعمار البلاد. و تذكر تقديرات أولية أعدها البند الدولي حاجة البلاد الى ما لا يقل عن مليار دولار في السنة خلال فترة لا تقل عن خمس سنوات. وعقدت اللجنة اجتماعاتها يومي الخميس 19 و الجمعة 20 ديسمبر في بروكسيل وتمهد لعقد اجتماع الدول المانحة على المستوى الوزاري في مطلع العام المقبل في اليابان.

نور الدين الرشيد – بروكسل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية