مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

النفوذ الإيراني في العراق

يعتقد البعض أن إيران ستُـصبح القوة البارزة في الخليج، إذا غادرت الولايات المتحدة المنطقة، وإذا بقي العراق موحّـداً وبحكومة مستقرة Keystone

تتهم عدة أحزاب عراقية شكلت ميليشيات خاصة بها من جانب بقية الأطراف على الساحة بأنها "حليفة أو تابعة لإيران".

التقرير التالي يرصد خريطة حلفاء إيران العنكبوتية في العراق وفي المحافظات الجنوبية بشكل خاص.

يثور جدل بين الحين والآخر عن حقيقة النفوذ الإيراني في العراق، وسط اتهامات أمريكية وبريطانية ومن دول إقليمية مهمة لإيران بالتدخل في العراق، لزعزعة الأمن فيه.

ويمكن القول أن الميليشيات هي ممر إيران إلى العراق، إذ أن عددا كبيرا من الأحزاب التي اختارت إيران حاضنة لها أيام النفي القسري، كونت لها ميليشيات خاصة تحصل على الدعم من إيران، وبشكل خاص من أجهزة الاستخبارات الرديفة لوزارة الاستخبارات، ومن الحرس الثوري وأجهزته المتعددة.

يعتقد عدد من المتابعين للشأن الإيراني أن إيران ستصبح القوة البارزة في الخليج إذا غادرت الولايات المتحدة المنطقة، وإذا بقي العراق موحداً وبحكومة مستقرة. ولهذا، لدى إيران كل الأسباب لتأمل بتحول يقود إلى حكومة شيعية في العراق يقودها الشيعة.

ولكي نكون أكثر دقة، يبدو أن الهيمنة السياسية السُـنية في الشرق الأوسط تضعف، بينما يكسب الشيعة المزيد من القوة من خلال تحركاتهم السياسية. لكن، يجب أن نذكر أن البريطانيين أو الأمريكيين لن يقبلوا بقيام دولة إسلامية.

فمن الواضح جداً أن ظهور جمهورية إسلامية ثانية سيُـنظر إليه على أنه يشكل خطراً كبيراً للدول العربية الغنية بالنفط في المنطقة، لكنه بالتأكيد سيضخ حياة جديدة في روح الثورة الإيرانية التي فقدت عبر السنوات العشر الماضية شعبيتها السابقة بين الشباب الإيراني والمسلمين الراديكاليين في الشرق الأوسط.

لكن من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب أمريكي من العراق، خصوصا وأن الولايات المتحدة لم تدخل العراق لكي تنسحب منه وتسلمه إلى إيران أو الشيعة الموالين لها، كما أن أمريكا أسقطت نظام صدام حسين في إطار مشروع كبير لا يوفر إيران ولا سوريا.

وفي العقل الباطن الأمريكي رغبة جامحة لتغيير النظام في إيران، و تعقيدات الملف النووي تسير في هذا الاتجاه. وتظل الأمور رهن ما يجري في العراق. فلو فشلت السياسة الأمريكية في العراق، فقد يطول عمر النظام الإيراني والعكس صحيح.

لذلك يرى مراقبون للساحة أنه إذا انسحبت أمريكا من العراق، فإن الجنوب ومعظم الوسط الشيعي قد يتحول إلى “لقمة سائغة” بيد إيران التي خططت لهذا الأمر وراهنت عليه، منذ أن سمحت للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بزعامة السيد محمد باقر الحكيم بالانخراط في المشروع الأمريكي لإسقاط نظام صدام.

النفوذ الإيراني

رغم النفي العراقي الرسمي، الذي لا يخرج عن سقف حدّدته الولايات المتحدة للعلاقات الإيرانية العراقية، فإن تنامي النفوذ الإيراني في البصرة، ثاني أكبر المدن العراقية، يثير قلقا لدى معظم العراقيين، وبينهم أيضا قطاع كبير من الشيعة، وهؤلاء ليسوا على وفاق مع إيران، ولكنهم قد يُـُدفعون إلى الاحتماء بها إذا استمرت عمليات القتل الطائفية التي تستهدفهم، وإذا لم يضع علماء المسلمين حدا للزرقاوي، الذي أعلنها حربا شاملة على الشيعة، ولم يجمع علماء الدين السُـنة على إصدار فتوى واضحة وصريحة، تحرم قتل الشيعة، وتكفر قاتليهم ومن يصر على ذبحهم.

لقد أحكمت إيران سيطرتها على عدد من المحافظات العراقية، وباتت العُملة الإيرانية وتحديدا (ورقة الألف تومان التي تحمل صورة السيد الخميني) متداولة في العراق، وهيمنت إيران على الجنوب، إستراتيجياً ومالياً وأمنياً وحتى ثقافيا، إلى درجة أن بعض الموظفين الرسميين في البصرة باتوا لا يتحدثون إلا الفارسية.

وفي الأحداث الأخيرة التي شهدتها البصرة، وقضية الجنديين البريطانيين اللذين اعتقلا من قبل الشرطة، فان التدخل الإيراني كان تم بشكل غير ملموس وليس بشكل مباشر، على العكس من الحالات السابقة، ونجحت إيران في بسط نفوذها من خلال الواجهات العديدة التي أنشأتها أو تدعمها، وعبر ما أصبح يُعرف بـ “البيت الخماسي”، الذي يتفرع الى تنظيمات عدة صغيرة، ينفذ عدد منها عمليات الاغتيال التي تجري على قدم وساق وتستهدف رجالات النظام السابق، والشخصيات الشيعية التي تعارض التسلل الإيراني، الذين صاروا يُعرفون بأعداء “ولاية الفقيه”.

كما أن بعض هذه التنظيمات يستهدف فقط السنة “الوهابية”، لإثارة الفزع بين سكان البصرة من السُـنة لحملهم على الرحيل، قبل إعلان الفدرالية الموعودة في وقت لاحق، إلى إقليم البصرة.

البيت الخماسي

يتألف البيت الخماسي من:
أولاً: المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
ثانيا: منظمة بدر، التي كان اسمها فيلق بدر، وهي الذراع العسكرية للمجلس الأعلى
ثالثا: منظمة سيد الشهداء.
رابعا: حركة ثأر الله.
خامسا: مؤسسة شهيد المحراب.
وأخيرا تم تأسيس “أنصار بدر” من العراقيين في الداخل غير المنتمين أصلا إلى فيلق بدر(أثناء تواجده في إيران)، وهي قوة إضافية تعمل لصالح تعزيز النفوذ الإيراني.

وهناك عدد من المنظمات الشيعية الأخرى وكلها مرتبطة بشكل أو بآخر بإيران ومنها:

1/ القواعد الإسلامية التابعة للمجلس الأعلى
2/ منظمة 15 شعبان
3/ حركة حزب الله التي يترأسها كريم ماهود المحمداوي
4/حركة حزب الله (حسن الساري)
5/ النخب الإسلامية.
6/ حركة بقية الله
7/حركة ثأر الله
( يشار إلى أن “بقية الله” و “ثار الله”، تعرضتا إلى حملة اعتقالات من قبل استخبارات الشرطة بتهم تنفيذ اغتيالات.)

• يرتبط عدد من هذه التنظيمات المدنية منها والعسكرية وشبه العسكرية والمخابراتية بالسيد عبد العزيز الحكيم وبفيلق بدر في آن واحد، إذ أن قيادة فيلق بدر ترتبط بالسيد عبد العزيز الحكيم مباشرة.

• وللمجلس الأعلى ومنظمة بدر نفوذ قوي في مجلس محافظة البصرة ولكنه ينازع القوة مع:

– حزب الدعوة الإسلامية – خط إبراهيم الجعفري، ويترأسه في البصرة عامر الخزاعي ويمارس السياسة، وهو غير متورط في أعمال اغتيال وعنف. وكانت العلاقة بين الحزب وإيران قبل سقوط نظام صدام، ليست على ما يرام، وقد جرت محاولات لتحسينها خلال الفترة الأخيرة خلال زيارات مكوكية قام بها الجعفري قبل وبعد توليه رئاسة الوزراء.

– حزب الدعوة الإسلامية – تنظيم العراق، ويمثله في الحكومة وزير الأمن الوطني عبد الكريم العنزي.

وبشكل عام، يعتبر المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وبدر مفاصل البيت الخماسي، الركيزة الأساسية للنفوذ الإيراني في الجنوب، إلا أن إيران تعتمد أيضا على دعم الجماعات الأخرى.

– حركة الدعوة الإسلامية، خط رئيس مجلس الحكم المنحل عز الدين سليم..
– حزب الفضيلة الإسلامية (محافظ البصرة محمد الوائلي)، على خطى المرجع محمد اليعقوبي.

– تيار مقتدى الصدر، باسم مكتب الشهيد الصدر، وجيش المهدي الأضعف تأثيرا في الدوائر الرسمية في البصرة، ولكنه يمتلك تأييداً في أوساط معينة من المجتمع البصري. ويتميز بالعنف ضد القوى المختلفة معها وتحاول فرض قواها على المجتمع.

– مجموعة الفضلاء التي يترأسها الشيخ خزعل السعدي المتخصصة بشؤون الفقه والتشريع. وهي قريبة من السنة ولديها علاقات مع مشايخهم.

– منظمة العمل الإسلامي التابعة لمحمد تقي المدرسي (صار مرجعا) ومقره كربلاء: هي منظمة سياسية إسلامية ابتعدت حتى الآن عن ممارسة العنف والقوة في العمل السياسي العراقي، وهي منظمة ليست عدوانية حتى الآن وليست كبيرة أيضاً, إذ لا تمتلك الكثير من الأتباع والمريدين. ولكن لها علاقات واضحة مع إيران وهي علاقة مصلحية من الطرفين لان الثقة بينهما شبه معدومة بسبب الاختلاف حول نظرية ولاية الفقيه.

– حزب الطليعة الإسلامي، تأسس بعد سقوط صدام وهو أيضا واجهة لمحمد تقي المدرسي ويروج لمرجعيته ويستعد للانتخابات القادمة.

تشكلت العديد من التنظيمات السياسية الإسلامية التي يطلق عليها “قوى الانتفاضة الشعبانية” لتخليد حركة الانتفاضة الشعبية (التي اندلعت في 15 مارس 1991)، وهي:

– حركة الانتفاضة الشعبانية.
– حركة الانتفاضة الديمقراطية.
– الحركة الوطنية لثوار الانتفاضة.

ولابد أن من الإشارة إلى أنه وبعد سقوط صدام مباشرة، تأسست لجنة تنسيق تضم جميع الأحزاب الإسلامية (ما عدا الفضيلة وجماعة مقتدى الصدر)، وأيضا الحزب الشيوعي العراقي والحركة الاشتراكية العربية والحزب الوطني الديمقراطي.

تقرير خاص بسويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية