
بشار الاسد رئيس قلب الموازين بدعم من حلفائه

نجح الرئيس بشار الاسد الذي بقي لسنوات محور حملات عنيفة من دول غربية وخليجية تطالب برحيله، في تكذيب كل التوقعات، نتيجة قناعة بعدم وجود بديل له، وخصوصا بفضل دعم لا شائبة فيه من روسيا وايران، وفق ما يرى محللون.
واعلن الجيش السوري مساء الخميس استعادة مدينة حلب ثاني اكبر مدن سوريا، محرزا انتصاره الاكبر على الفصائل المعارضة منذ بداية النزاع في 2011.
ويقول الدبلوماسي الهولندي السابق والخبير في الشؤون السورية نيكولاس فان دام لوكالة فرانس برس “لطالما كان الامر بالنسبة الى الاسد معركة حياة او موت. لم يكن خيار وقف الحرب مطروحا لديه اصلا. فإما النصر واما الهزيمة”.
ويرى مؤلف كتاب “القتال من اجل السلطة في سوريا” ان “النظام يمتلك خبرة عمرها نصف قرن حول كيفية البقاء في السلطة. كما يحظى بدعم الجيش والاجهزة الامنية”.
وعلاوة على اعتماده على جيش كابد نحو عشر سنوات من الحرب لكنه بقي وفيا له، وعلى جهاز مخابرات موال وشعب يخاف ممارسات الجهاديين، فان الرئيس الاسد واجه معارضة مقسمة رفض رعاتها باستمرار التورط عسكريا معها.
وفي هذا الظرف فان الدعم الشعبي “ليس حاسما” وهو يأتي اساسا من الاقليات التي تشعر بانها مهددة من الاسلاميين والجهاديين، على غرار المسيحيين والطائفة العلوية التي ينتمي الاسد اليها. بحسب فان دام.
– ثقة كبيرة في النفس-
وصل بشار الاسد (51 عاما) الى السلطة في العام 2000 بعد وفاة والده الرئيس السابق حافظ الاسد الذي حكم سوريا بقبضة من حديد طيلة ثلاثين عاماً.
ومع اندلاع “الربيع العربي”، واجه الاسد حركة احتجاجات ضخمة في العام 2011، اختار قمعها بالقوة، مصنفا معارضيه على الفور بالمتطرفين، قبل ان تظهر المجموعات الجهادية او الاسلامية. واعتبر التحركات المعارضة لنظامه مؤامرة نسجتها الولايات المتحدة واسرائيل ضد “محور المقاومة” الذي يضم ايران وحزب الله اللبناني ويعتبر نفسه ممثلاً له.
ويرى محللون اليوم ان ما سمح للاسد بالنصر، هو في الواقع قناعته الراسخة بالفوز.
ويقول مدير ابحاث الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس “ردد مستشارو الاسد منذ البداية انهم واثقون بالنجاح طالما ان الطيران الاميركي لا يقصف دمشق والولايات المتحدة لم تتورط مباشرة في الحرب”.
ويضيف ان مستشاري الاسد دأبوا على “تقديم الخسائر على انها محدودة، ولطالما امتلكوا ثقة كبيرة بالنصر النهائي” حتى في اسوأ اللحظات حين طردت الفصائل المعارضة والجهادية الجيش من محافظة ادلب (شمال غرب) في العام 2015.
وعلى غرار والده، عرف الاسد كيف يصبر وينتظر التوقيت المناسب.
– تحالف متين مع موسكو-
يقول رئيس تحرير صحيفة “الوطن” السورية القريبة من دمشق وضاح عبد ربه ان الاسد “ينتمي الى مدرسة والده، وهذه المدرسة لطالما أتقنت التحكم بعامل الوقت وبتحويل مسار الرياح غير المؤاتية لصالحها”.
الا ان مفتاح النصر الذي يملكه الاسد هو صلابة التحالفات، بخلاف خصومه.
ويضيف عبد ربه “لم يشك يوميا بالنصر لانه كان يعلم ان بلاده انشأت منذ عقود تحالفا صلبا واستراتيجيا مع روسيا وايران وسواهما”.
وتعود علاقة دمشق مع موسكو وطهران الى اكثر من اربعين عاما، اي الى مرحلة الاتحاد السوفياتي من جهة والحرب العراقية الايرانية في الثمانينات من جهة ثانية.
ويقول الباحث في العلوم السياسية في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف سهيل بلحاج “هي علاقة قديمة قائمة على لقاء المصالح المادية والاستراتيجية والايديولوجية، هي مصالح ما زالت قائمة حتى اليوم”.
ويوضح “اثبت النظام السوري ايضا منذ بدء هذا التحالف انه حليف موثوق به عسكرياً واستراتيجياً وسياسياً وايديولوجياً واقتصادياً”.
– ضعف الخصوم –
في المقابل ومع مرور الوقت منذ بدء النزاع السوري، خسرت الفصائل المقاتلة تدريجا الكثير من الدعم.
ويعتقد فان دام ان “ضعف اعداء الاسد ناتج في جزء كبير منه عن الدعم غير الكافي من اصدقاء المعارضة”.
وفي اوج الحراك السوري السياسي والعسكري، تشكلت في شباط/فبراير العام 2012 مجموعة “اصدقاء سوريا” المؤلفة من دول غربية وعربية داعمة للمعارضة السورية. وقد اعترفت 11 دولة في وقت لاحق بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي وحيد للشعب السوري. وبدا الاسد في تلك الفترة رئيسا معزولا عن المجتمع الدولي في وقت فرضت العقوبات على بلاده.
لكن بعد اربع سنوات واثر نجاحات متتالية، لا يزال الاسد في منصبه ويتوقع المحللون استمراره في مسؤولياته.
ويقول لانديس “سيقود البلاد كما في الماضي بالتخويف والمحسوبية. الاسد غير قادر على تغيير طبيعة النظام المتجذرة”.
ويرجح فان دام بدوره ان يبقى الاسد “في الحكم بلا شريك مع اجراء بعض الاصلاحات التجميلية، لكن لا يمكن ضمان موقع الاسد هذا الى الابد”.