مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بوش يمهد لشن الحرب

تتركز الأنظار هذه الساعات على الضغوط التي تمارسها واشنطن من أجل ضمان تأييد غالبية أعضاء مجلس الأمن الدولي للقرار الجديد الذي سيعطي في حال اعتماده الضوء الأخضر لشن حرب ضد العراق Keystone

فيما هددت روسيا باللجوء لإستعمال حق النقض ضد قرار جديد تدعمه واشنطن في مجلس الأمن يمهد في حال اعتماده لشن حرب ضد العراق، تتصاعد حمى التحركات الديبلوماسية حول العالم.

وكان الرئيس جورج بوش قد استعمل كل ما في جعبته من حجج للإقناع بوجهة نظر إدارته من العراق.

على غير العادة، طلب البيت الأبيض من شبكات التليفزيون الأمريكية الرئيسية إذاعة خطاب ألقاه الرئيس بوش أمام أقطاب اليمين المحافظ الجديد في معهد أمريكان إنتربرايز، الذي استعارت منه حكومة بوش 20 من أعضائه ليحتلوا مناصب حكومية فيها.

وسرعان ما أدرك الجميع أن سعي البيت الأبيض لبث الخطاب على الهواء استهدف حشد تأييد الشعب الأمريكي لقرار الحرب قبل ساعة تقريبا من بث الحوار الذي أجرته شبكة سي بي إس مع الرئيس صدام حسين، واستهدف أيضا الرد على كل الانتقادات التي يتعرض لها الرئيس بوش بسبب تسرعه في التوجه نحو شن تلك الحرب والتأكيد على ما يشكله النظام العراقي من خطر على الأمن الأمريكي، وأيضا لإقناع الدول العربية التي سيجتمع زعماؤها في مصر يوم السبت، بأن التخلص من النظام العراقي سيفتح الباب أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة من خلال خارطة الطريق.

“أفظع كابوس”

ولاحظ المحللون السياسيون نقاطا رئيسية في خطاب الرئيس بوش تشير إلى أن قرار الحرب قد تم اتخاذه بالفعل بغض النظر عن المعركة الدبلوماسية الجارية في مجلس الأمن حول فرص استصدار قرار ثان يبرر الهجوم العسكري على العراق.

وقد علق وزير الخارجية الأمريكي الأسبق لورانس إيغلبرغر على إغفال الرئيس بوش لعواقب دخول الحرب مع العراق فقال: “إنه بالغ في تصوير قدرة الولايات المتحدة على التحول بالعراق من دكتاتورية دامت 30 عاما، إلى نظام ديمقراطي على وجه السرعة”.

وشكك إيغلبرغر في قدرة الولايات المتحدة على الحيلولة دون تنامي المشاعر القومية للأكراد في العراق لتحقيق حلم الانفصال بدولة مستقلة لهم في الشمال، وما يمكن أن يثيره ذلك من مشاكل إقليمية مع تركيا.

ولم يستبعد كذلك، احتمال نشوب حرب أهلية داخل العراق قد تبدأ بمحاولة الشعب العراقي القصاص من قبيلة صدام حسين أو من بطش قوات الحرس الجمهوري، بالإضافة إلى ما سينطوي عليه سقوط النظام بالحرب من احتمال وقوع حمّـامات دم بين الفرقاء المتطاحنين في العراق، مثل تصفية الحسابات بين السنة والشيعة واحتمال تدخل إيران لحماية العراقيين الشيعة.

وقال إيغلبرغر، إن أفظع كابوس يمكن أن يواجه الأمريكيين عندما يقومون بدور قوة الاحتلال، هو أن يتعرضوا لمشكلة تصفية الحسابات أو مشاهدة حمامات الدم بين الخصوم العراقيين.

معركة مجلس الأمن

وفي محاولة أمريكية لكسب المعركة الدبلوماسية في مجلس الأمن، تسعى الولايات المتحدة لإقناع ست دول صغيرة من أعضاء المجلس بمساندة مشروع القرار الثاني وهي، أنغولا وغينيا والكاميرون والمكسيك وتشيلي وباكستان، بعد أن ضمنت أصوات بريطانيا وإسبانيا وبلغاريا.

وعلى الصعيد الإفريقي، سيسعى مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية والتر كاتشتينر في جولته في أنغولا وغينيا والكاميرون إلى التلويح بمساعدات أمريكية إضافية لتلك الدول إذا ساندت الولايات المتحدة في مجلس الأمن.

وهو ما أثار تعليقا طريفا من أحد راسمي الكاريكاتير في الصحف الأمريكية، إذ رسم تحت عنوان “تحالف الطالبين” للسخرية من “تحالف الراغبين” عددا من رؤساء الدول يقول أحدهم للعم سام “سأعطيك صوتي في مجلس الأمن بألف مليون دولار”؟

ولكن أصوات الكاميرون وغينيا غير مضمونة، بعد أن وعدت الدولتان فرنسا بتأييد فكرتها بمنح المفتشين وقتا أطول، كما أن باكستان قد تضطر إلى الامتناع عن التصويت لكونها دولة إسلامية تتنامى داخلها المعارضة لتعاونها المستمر مع واشنطن منذ 11 سبتمبر 2001.

وفيما يعتقد بأن تشيلي ستمتنع عن التصويت ما لم تتوصل الدول الدائمة العضوية إلى اتفاق، فإن واشنطن تمارس ضغوطا هائلة على المكسيك وصلت إلى حد إبلاغها أنها “ستدفع ثمنا باهظا” إذا لم تساند القرار الأمريكي البريطاني في مجلس الأمن.

أما سورية وروسيا وألمانيا وفرنسا، فتعارض استصدار قرار جديد، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان التلويح الأمريكي بحجب معونات اقتصادية عن روسيا بقيمة ثمانية مليار دولار سيعدل من الرفض الروسي، فيما يتوقع المحللون أن تواصل الصين الامتناع عن التصويت ومن شأن هذا السيناريو أن يعزل فرنسا إذا تجاسرت على استخدام حق الفيتو.

سيناريو بديل

وفي حوار خاص مع “سويس إنفو” قال المحلل السياسي والعسكري، الدكتور منذر سليمان، “إن الرئيس بوش يعتقد بثقة مفرطة أنه في نهاية الأمر، ومن خلال الضغط الدبلوماسي الأمريكي المحموم، سواء بإيفاد المبعوثين على مستوى عال إلى عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أو بدبلوماسية الهاتف أو بالترهيب والترغيب، ستتمكن الولايات المتحدة من تأمين استصدار قرار آخر استنادا إلى اعتقاد الرئيس بوش بأن فرنسا وروسيا والصين لن تقوى على المغامرة باستخدام حق الفيتو داخل مجلس الأمن، وأن أقصى ما يمكنها أن تفعله هو الامتناع عن التصويت”.

وخلص الدكتور منذر سليمان إلى أن خطاب الرئيس بوش أوضح أنه يستند كذلك إلى سيناريو آخر إذا أخفقت حسابات واشنطن للأصوات في مجلس الأمن الدولي. ويعتمد ذلك السيناريو على أن تبرر الولايات المتحدة لجوءها إلى خيار الرد العسكري بدون تفويض من مجلس الأمن، بأنها استنفدت كل المحاولات الدبلوماسية داخل مجلس الأمن وأن هناك قوى دولية عرقلت جهود واشنطن للحفاظ على هيبة ودور ومصداقية المجلس، وأن الولايات المتحدة – رغم اعتقادها بعدم الحاجة لاستصدار قرار ثان – فإنها حاولت أن يكون صدور مثل ذلك القرار عن المجلس إجراء يكون من شأنه تثبيت القرار رقم 1441 الذي صدر بالإجماع، مما سيجعل الدول التي وقعت عليه أصلا هي المسؤولة عن عدم صيانته من خلال الممانعة في تطبيق العواقب الخطيرة التي هدد ذلك القرار العراق باتخاذها في حال عدم الانصياع.

محمد ماضي – واشنطن

من أهم النقاط الواردة في خطاب الرئيس الأمريكي:

أشار الرئيس بوش إلى اعتزام القوات الأمريكية البقاء في العراق طالما اقتضت الضرورة ذلك، وتعهد بأن لا تترك الولايات المتحدة وراءها قوة احتلال في العراق، وإنما ديمقراطية تستند إلى دستور وبرلمان، وألا يحل دكتاتور آخر محل صدام حسين.

توعد بوش بمواجهة كل من سيحاولون إشاعة الفوضى أو إراقة الدماء في العراق بدافع الانتقام أو تصفية الحسابات، أو تهديد وحدة وسلامة الأراضي العراقية.

كما تعهد الرئيس الأمريكي بحماية آبار البترول العراقية من أي محاولة للتخريب قد يقوم بها النظام المحتضر في بغداد، وضمان أن تكون موارد البترول في خدمة الشعب العراقي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية