مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بيروت كشفت عمق الخلاف بين الرباط والجزائر

swissinfo.ch

عدم انعقاد اللقاء الثنائي، على هامش قمة بيروت العربية، بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والعاهل المغربي الملك محمد السادس، أشار بوضوح إلى أن العلاقات بين البلدين لا زالت تحتاج إلى الكثير من الجهد لتُوصف مجددا بالطبيعية..

ويشير فشل الجانبين في الالتقاء على هامش قمة بيروت ايضا الى أن ملف نزع الصحراء الغربية، إذا ما رُبط بعدم اللقاء وبالحملة الدبلوماسية المغربية، لازال يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، ليدخل فعلا في إطار التسوية الحقيقية.قضية الصحراء الغربية هي الملف الأكثر حساسية في العلاقات المغربية الجزائرية منذ منتصف السبعينات. انفراج العلاقات بين البلدين يُربط دائما بمدى الانفراج بتسوية هذا الملف ويؤشر على أن علاقات البلدين ذاهبة باتجاه التعاون أم لمزيد من التعقيد أو القطيعة. والعكس أيضا يمكن أن يكون مقياسا، إذ أن انفراج العلاقات المغربية الجزائرية يؤشر على تقدم ملموس في تسوية نزاع الصحراء.

العلاقات المغربية الجزائرية كانت، بسبب نزاع الصحراء الغربية، قد عرفت خلال الأسابيع الماضية توترا تجسد في حملات إعلامية واتهامات متبادلة، وإذا كان التوتر قد خفت فإن الآمال بتصفيته، على الأقل مؤقتا، قد انتعشت مع انعقاد قمة بيروت العربية وما تردد عن قمة مرتقبة بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والملك محمد السادس على هامش قمة بيروت العربية، لكن اللقاء لم يتم، والآمال تبددت.

نشاط مكثف للدبلوماسية المغربية قبل اجتماع مجلس الامن

قبيل القمة العربية، كان موفدو العاهل المغربي يتجولون في عواصم الدول الأعضاء، الدائمين وغير الدائمين، في مجلس الأمن الدولي حاملين رسائل ملكية توضح الموقف المغربي من تطورات نزاع الصحراء الغربية، على ضوء التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى المجلس نهاية فبراير الماضي.

عنان في تقريره ذاك كان قد طلب من مجلس الأمن تبني خيار من أربعة خيارات هي العودة إلى المخطط الدولي المؤطر منذ 1991 لتسوية النزاع الصحراوي أو مقترح جيمس بيكر المبعوث الدولي بمنح سكان الصحراء الغربية حكما ذاتيا مؤقتا تحت السيادة المغربية أو اقتراح الرئيس الجزائري بتقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة البوليزاريو والخيار الرابع انسحاب الأمم المتحدة من النزاع.

والمغرب الذي رفض تقسيم الصحراء منذ أن طرحه بيكر على الملك محمد السادس، وجد في المقترح الجزائري، حتى لو لم يكن رسميا، مُستندا لحملة داخلية انطلقت منذ تقديم عنان لتقريره، لتأكيد اتهاماتها السابقة للجزائر بالتوسعية والهيمنة.

الجزائر التي وجدت نفسها في حرج لا تستطيع نفي مقترح رئيسها أو تأكيده، اكتفت بتجديد موقفها الداعم لمخطط الأمم المتحدة المؤدي إلى استفتاء الصحراويين في تقرير مصيرهم في دولة مستقلة أو الاندماج بالمغرب والتعهد بالقبول والالتزام بما سيسفر عنه الاستفتاء الاممي.

مجلس الأمن الدولي يناقش نهاية أبريل القادم تقريرا لكوفي عنان حول مواقف أطراف النزاع الصحراوي من مقترحاته والى جانب ذلك قد يقترب من اختيارات عنان، دون أن يتبنى أي منها، إذ أن عنان في تقريره السابق ترك للمجلس وقتا حتى نوفمبر القادم. لكن المجلس قد يعطي إشارات لخياره المستقبلي.

المغرب، واستباقا لأي خيار قد لا يتوافق مع مقاربته للنزاع ورُؤيته للتسوية، حرك آليته الدبلوماسية لتوضيح موقفه من خيارات عنان وتشجيع الدول الأعضاء لمجلس الأمن لتبني أو على الأقل لتشجيع التوجه نحو مقترح جيمس بيكر بمنح الصحراويين حكما ذاتيا مؤقتا كمقاربة لا غالب ولا مغلوب ما دامت تمنح الصحراويين وضعا متميزا وتحافظ على سيادة المغرب ووحدته الترابية.

المغرب العربي يهدر فرصة اخرى

الحملة الدبلوماسية، انطلقت الأسبوع الماضي وتمثلت في مبعوثين ملكيين إلى رؤساء الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، لازالوا يجولون ما بين بكين والمكسيك، وشكلت الحملة الدبلوماسية إزعاجا حقيقيا للجزائر كونها تتمحور حول مخاطر اقتراح الرئيس الجزائري بتقسيم الصحراء الغربية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

الجزائر وجدت في الحملة الدبلوماسية المغربية، حملة علاقات عامة تهدف إضافة لتحسين صورة المغرب، الإساءة للجزائر ورؤيتها للنزاع الصحراوي، كون الحملة تركز على “الكشف عن الأطماع الجزائرية في جزء من الأراضي المغربية” وتراجعت عن موافقتها عن لقاء كانت اتصالات قد نجحت في ترتيبه في بيروت على هامش القمة العربية تمهد لقمة مغاربية مقررا عقدها في الجزائر في وقت لاحق.

وهكذا ضاعت على المغرب العربي فرصة أخرى كانت متاحة، وتبددت آمال انتعشت خلال الأسابيع الماضية، التي أعقبت الحملات الدبلوماسية المتبادلة والتي رأى المراقبون في خفوتها، إشارة على توجه المغاربيين نحو استبعاد العراقيل التي تحول دون عقد قمتهم المؤجلة منذ 1994.

محمود معروف ـ الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية