مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بيروت متوجسة من “ما بعد” حبيقة..

جثة ايلي حبيقة بعد مصرعه جراء انفجار سيارته في بيروت يوم الخميس Keystone

"السؤال المقلق في بيروت الان ليس من قتل ايلي حبيقة، بل ماذا بعد قتل ايلي حبيقة"؟

هذا ما قاله ل “سويس انفو” نجاح واكيم زعيم “حركة الشعب القومية العربية”، اثر محادثات اجراها مع بعض كبار المسؤولين اللبنانيين حول عملية اغتيال الوزير والنائب (وامير الحرب السابق ايضا) حبيقة بواسطة سيارة مفخخة يوم (الخميس)،
واوضح واكيم ان ما يقلق المسؤولين اللبنانيين هي المؤشرات الاتية: البيان الذي اصدرته في قبرص منظمة مسيحية لبنانية قالت انها تدعى “اللبنانيون من اجل لبنان حر ومستقل” ادعت مسؤوليتها عن عملية الاغتيال.

وبرغم ان أحدا لم يسمع من قبل بمثل هذه المنظمة، الا ان ما جاء فيها من تهديد بقتل الرئيس السوري بشار الاسد اذا ما زار لبنان خلال القمة العربية في مارس \ آذار المقبل، استوقف الانتباه حول امكانية كون قتل حبيقة جزءا من خطة أشمل.

الجهود الكثيفة التي بذلتها اسرائيل فور مصرع حبيقة لالصاق التهمة بسوريا(…)، وهكذا ذكر ديفيد كيمحي، المسوؤل السابق في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي “الموساد” عن العلاقات مع حزب الكتائب ابان الحرب الاهلية اللبنانية 1975-1989، انه لو ذهب حبيقة الى محاكمة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في بروكسل، “لكانت اسرائيل ستكشف الكثير من التفاصيل عنه وعن حلفائه الجدد”.

هذا في حين كانت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية تنشر تحليلا تدعي فيه ان الاغتيال جاء بعد اندلاع الخلافات بين حبيقة وغازي كنعان، رئيس جهاز الاستخبارات السورية في لبنان.

وأخيرا، ما تناهى الى مسامع المسؤولين اللبنانيين قبل عملية الاغتيال بأيام، من انهم يتوقعون “اضطرابات ما في المناطق المسيحية الشرقية” قريبا، وانهم ينوون اتخاذ اجراءات امنية سريعة “قد تصل الى حد تعليق الكثير من الحريات”.

وتشير مصادر سياسية لبنانية أخرى اتصلت بها “سويس أنفو” الى انها تتوقع الان ان تقوم اسرائيل باعادة فتح “الملف اللبناني” على “جبهتين” : الجنوب، حيث يمكن لها ان تستفيد من المطالب الامريكية للبنان يتجريد “حزب الله” من السلاح لتوجيه ضربات الى هذا الحزب، والشمال ذو الاغلبية المسيحية من خلال تحريك شبكات استخباراتها فيها للايقاع بين دمشق والموارنة.

وتضيف المصادر ان بيروت ودمشق قرأتا بيان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، والذي قال فيه أن تل ابيب غادرت لبنان ولا تنوي التورط بسياساته مجددا، بالمعكوس. إذا هي رأت فيه تدشينا محتملا لهذه العودة الخطرة.

وهذا ما أشار اليه النائب الماروني فريد الخازن، الذي أعرب عن اعتقاده بان اغتيال حبيقة “دشن مرحلة امنية جديدة في لبنان”.

آثار الاقدام

لكن ماذا عن عملية الاغتيال نفسها؟.
لا يساور احدا في بيروت ظل من الشك بأن تل ابيب كانت المخطط والمدبر وحتى المنفذ لهذه العملية. فآثار أقدامها موجودة في كل مكان. وهي المستفيد الاول والاخير من ازاحة حبيقة عن مسرح الاحداث في هذه المرحلة.

فحبيقة أكد للسيناتور البلجيكي فنسنت فان كويكنبورن الذي التقاه هذا الاسبوع في العاصمة اللبنانية، انه ينوي التوجه الى بروكسل “للادلاء بشهادة تبرؤه من مجزرة صبرا وشاتيلا (الذي قتل فيها العام 1982 مئات الاطفال والنساء والرجال الفلسطينيين واللبنانيين)، وتقلب رواية تقرير كاهانا الاسرائيلي عنها رأسا على عقب”.

ومعروف ان تقرير كاهانا كان اتهم حبيقة بالمجزرة، واعتبر شارون مسؤولا “مسؤولية غير مباشرة عنها”. ومن المؤكد ان تقرر محكمة الاستئناف في بروكسل قبل 8 مارس/ آذار ما اذا كانت محاكمة شارون بتهمة ارتكاب المجزرة من صلاحياتها ام لا.

وهنا كان ملفتا ان يعلق كويكنبورن على مصرع حبيقة بقوله: “ان التطور كان ضربة رئيسة في القضية لانه كان شاهدا مهما”.
بيد أن المصادر اللبنانية تأمل الان بان يكون حبيقة قد سلم كل المستندات التي قال أنه يملكها ضد شارون الى محامييه. هذا برغم انهم لا يستبعدون ان يصاب المحامون بالرعب من أن يلقوا مصير حبيقة نفسه ويتواروا بالتالي عن الانظار.

في مطلق الاحوال، وسواء تعلق الامر بمحاكمة شارون أو باحتمال عودة العبث الاسرائيلي بالامن الداخلي اللبناني، يبدو واضحا ان الامور في لبنان متجهة الى مزيد من “التسخين” وان المحدود.

وكما أبلغ عضو في وفد مجلس الشيوخ الامريكي، الذي زار بيروت مؤخرا، المسؤولين اللبنانيين بقوله: “لا يستطيع لبنان ان ينعم بالسلام، فيما الحرب مشتعلة في كل مكان حوله”.

سعد محيو- بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية