مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بُعدٌ جديدٌ للعلاقات بين واشنطن والجزائر

التعاون الاستخباراتي المرتقب بين الولايات المتحدة والجزائر واقتناء هذه الاخيرة لاسلحة امريكية قد تكون لهما انعكاسات لا يستهان بها على المستوى الاقليمي Keystone

اسفر اللقاء الثاني بين الرئيسين الجزائري والامريكي في واشنطن عن نتائج ملموسة في مجالي تبادل المعلومات واقتناء الاسلحة.

للمرة الثانية في اقل من عام، التقى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالرئيس الأمريكي جورج بوش. وبعد أن كان اللقاء الأول فرصة لتدارس ملفات التعاون الاقتصادي والعسكري بشكل طبيعي، تأتى الزيارة الثانية التي انتهت في وقت متأخر من يوم الاثنين لتعطي بعدا آخر للعلاقات الأمريكية الجزائرية بسبب التعاون الاستخباري المُرتقب بين الطرفين في مجال مكافحة الإرهاب وبسبب عزم السلطات الجزائرية شراء كميات معتبرة من الأسلحة الأمريكية.

مُعطيات جَديدة أبرزتها زيارة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للولايات المتحدة وخاصة بعد لقاءه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش أعظمُها شأنا هو بناء شبكة استخبارية جديدة لمكافحة الإرهاب قوامها الكم الهائل من المعلومات التي بحوزة الاستخبارات الجزائرية، وهي معلومات لم تكن السلطات الأمريكية تلقي لها بالا في أعوام أربعة وتسعين وخمسة وتسعين عندما كانت الدبلوماسية الجزائرية تؤكد أن الكثير من الإسلاميين الجزائريين المقيمين في الغرب لهم علاقة بشكل أو بآخر مع المنشق السعودي أسامة بن لادن.

المخابرات الأمريكية و”خزينة علي بابا” الجزائرية!

يُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة تعاونا هائلا بين مصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ومكتب التحقيقات الفدرالي FBI ومصالح الاستخبارات الجزائرية. ويُنتظر أن يتم إيقاف عشرات الجزائريين وغيرهم المشتبه فيهم حول العالم. وإذا ما تم الاعتماد على تصريحات المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، فان ما تم العثور عليه لدى الاستخبارات الجزائرية يشبه ما يوجد في “خزائن علي بابا”.

وأكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر مستعدة للتعاون الكامل مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. وأضاف أن الجزائر تُكافح الإرهاب بدورها وهي في هذه الحرب في حاجة إلى الأسلحة المناسبة وهو ما يعني تجديد ترسانة الأسلحة الجزائرية لتصبح مزيجا بين السلاح الروسي والأمريكي خاصة وان مئات الضباط الجزائريين في مختلف التخصصات يتلقون الآن تدريبهم على يد ضباط أو صانعي الأسلحة الأمريكيين من غير العسكريين، وهو الأمر الذي دفع المراقبين إلى التأكيد أن الرئيس الجزائري تمكن من ربح نقاط عديدة لدى الإدارة الأمريكية ولدى عسكر الجزائر الذين سيحصلون على أسلحة جديدة هم في أمس الحاجة إليها.

تعاون ضد الإرهاب رغم اختلاف وجهات النظر

وفي مقابل هذه التطورات المثيرة، لم يتفق الأمريكيون تماما مع نظرائهم الجزائريين في مسالة ما اسماه بوتفليقة “أمام جورج بوش وجوب إنهاء أسباب الإرهاب” خاصة وان بوتفليقة ربط دراسة أسباب العنف في الشرق الأوسط بضرورة قيام دولة فلسطينية وهو ما يعني عدم اتفاق الجزائر مع الرؤية الأمريكية القائمة على أن حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وحزب الله هي جماعات إرهابية. وعلمت “سويس انفو” أن الرئيس الجزائري لا يحبذ سلوك بعض الضباط الجزائريين الذين يريدون إظهار مواقف جد عدائية تجاه التنظيمات الفلسطينية أمام نظرائهم الأمريكيين.

كما أن بوتفليقة، وحسبما تناقلته بعض المصادر، وجد صعوبة كبيرة في إفهام الأمريكيين أسلوبه الداعي للوئام المدني وذلك بالعفو عن الإسلاميين المسلحين إذا ما القوا سلاحهم وبين دعوته إلى تتبع الإسلاميين المطلوبين لدى الدولة الجزائرية في باقي أنحاء العالم، خاصة وان الإدارة الأمريكية اعتبرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي يتزعمها حسن حطاب ضمن الجماعات التي يجب القضاء عليها وتتبعها دوليا.

وهي نفس الجماعة التي يريد بوتفليقة العفو عن أفرادها وإنزالهم من الجبال لأنها اكثر الجماعات التي تهدد بنسف مشروع الوئام المدني وهو المشروع السياسي الذي بنى عليه بوتفليقة كل أسباب قبوله بمنصب رئيس الجمهورية منذ حوالي عامين.

وبالإضافة إلى هذه المعضلة، أراد الكثير من المتتبعين معرفة كيفية شراء الأسلحة الأمريكية الجديدة واثر ذلك على ميزانية الدولة وباقي القطاعات التي يمكن أن تتأثر بالمقتطعات التي تحتاج إليها وزارة الدفاع بسبب مطالبة الأمريكيين بالدفع السريع وهو ما يخالف أسلوب موسكو الذي يمنح وقتا لا بأس به للدول الراغبة في اقتناء أسلحة روسية.

وعلى الرغم من إيجابيات الزيارة العديدة للسلطات الجزائرية، فانها قد لن تمر من دون انعاكاسات إقليمية، بسبب توجس الرباط من مشتريات الجزائر من الأسلحة الأمريكية والقلق المغربي المحتمل من تسلح الجزائر الذي ينبني على معطيات دولية تصب في مصلحة الحكومة الجزائرية.

وقد يبرز في سياق هذه التطورات مجددا الدور الفرنسي وذلك من أجل عدم الأضرار بموازين القوى القائمة في المغرب العربي وبسبب قلق باريس المحتمل من تواجد أمريكي زائد عن اللزوم في منطقة تعتبر فرنسية النفوذ قبل كل شيء.

هيثم رباني – الجزائر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية