The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

التاريخ المنسي لصعود اليمين المتطرف في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية

ميلوني
تحدثت رئيسة المجلس الإيطالي جيورجيا ميلوني، المنتمية إلى حزب اليمين المتطرف "إخوة إيطاليا"، عبر الفيديو كونفرنس خلال مؤتمر نظمه حزب اليمين المتطرف الإسباني "فوكس" في مدريد في سبتمبر 2025. EPA/J.J. Guillen

أغفلت الدراسات التاريخية  اليمين المتطرف لفترة طويلة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. غير أنّ هناك توجهًا متزايدًا حاليًا للتركيز على كيفية ترابط هذه الجماعات في جميع البلدان، وعلى الدور السويسري في هذا الصدد.

كان غونزاغ دي رينولد شخصية فريدة من نوعها. وقد حاول إقناع الديكتاتور الإيطالي بنيتو موسولينيرابط خارجي، بإضفاء مزيد من الطابع الكاثوليكي على حكمه الفاشي.

وكان من رأي الكاثوليكي اليميني دي رينولد، تحوّل الديمقراطية كنظام حكم من دون المسيحية إلى “الأشد عداءً للإنسانية” حتمًا. فوفقًا لما ورد في سيرته، كان “من أشد المعجبين” بالديكتاتور البرتغالي سالازار، وتمنى لو أصبحت أوروبا “برتغالية”.

غونزاغ دي رينولد بين مناصرة الديمقراطية ومعارضتها

لكن بالموازاة، ترك دي رينولد بصمته على ثلاثينات القرن الماضي، خاصةً في مجال تحصين سويسرا فكريَّا، والمشاركة الفعَّالة في اللجنة الدولية للتعاون الفكريرابط خارجي التابعة لعصبة الأمم، وأصبحت لاحقًا نواة لمنظمة اليونسكو، كما عمل مستشارًا للحكومة السويسرية.

غونزاغ
كان غونزاغ دو رينو (1880-1970) كاتبًا ومؤرخًا. في هذه الصورة التي التقطت في مارس 1940، يظهر وهو يتنزه مع زوجته ماري لويز دو رينو في حديقة قصرهما في كريسييه. Photopress-Archiv / Str

اليوم، نسيه الكثيرون.ات في سويسرا، لكن ما يزال البعض يذكره. ومن هؤلاء الأشخاص منتمون إلى التيار المحافظ. فتقتبس نوادي المصارعةرابط خارجي اليمينية المتطرفة في غرب سويسرا أقواله. وتعيد بعض المدونات في فرنسا إحياء ذكرى دي رينولد بوصفه سويسريًّا “قاد الثورة المضادة”رابط خارجي

وحسب ما وصفه المؤرّخ دامير اسكندروفيتش، تمكن دي رينولد بعد الحرب العالمية الثانية من الاحتفاظ بدوره كـ “أحد بناة الجسور بين الأطياف السياسية”. وظل شخصية معروفة حتى وفاته عام 1970. 

بيد أنّ اسكندروفيتش يرى أنّ رينولد كان مثيرًا للجدل. فهو مثال على تمكن بعض الأشخاص بعد الحرب العالمية الثانية في سويسرا، من الانتقال من النظام الشمولي إلى النظام الديمقراطي دون تضرّر سمعتهم. وهو أمر كان، على حد قوله، من الصعب حدوثه في الديمقراطيات الأوروبية الأخرى مباشرةً بعد عام 1945. 

تاريخ الحركة اليمينية المنسي بعد عام 1945 

منذ نحو 30 عامًا، يهتم اسكندروفيتش باليمين المتطرف، وهو أحد القلائل في هذا المجال. ويقول المؤرخ السويسري: “لا يقتصر الأمر على سويسرا. فبعد 1945، تناولت الدراسات التاريخية بشكل عام اليمين المتطرف تناولًا محدودًا للغاية”. ولم يبدأ اهتمام المؤرخين والمؤرخات بهذا الموضوع في ألمانيا إلا منذ عام 2018، حين إصدارهم.نّ بيانًا في “يوم المؤرخين والمؤرخات الألمان”. وقد حذّروا.ن فيه من خطر حركات اليمين الشعبوية على الديمقراطية، وقُصد بذلك حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD).

وعلّق اسكندروفيتش على هذا الأمر قائلا: “لقد تساءل الحضور، أين التاريخ المعاصر؟ هل فاتنا؟”، كما يرى إهمال علم التاريخ هذه المسألة لفترة طويلة. بينما يزخر علما السياسة والاجتماع، بدراسات مستفيضة حول اليمين المتطرف منذ زمن طويل. 

تُعرِّف الحركات اليمينية نفسها بأنها أوروبية

اليوم، تغدو معرفة كيفية نسج الحركات القومية لروابط عابرة للحدود أمرًا ضروريًا. وذلك نظرًا لاستعراض اليمين السياسي للعلاقات الودية الرابطة بين أفراده عالميَّا، ونشاط عدة تكتلات لليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي. وكتبت الباحثة السياسية الإيطالية، مانويلا كاياني: “من الضروري لفت النظر إلى تعريف الجماعات والحركات اليمينية الحالية نفسها بفخر واعتزاز، على أنها أوروبية”. وذلك في مقال تشير فيه إلى محاولة أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربية التنسيق في ما بينها “منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي”. وقد باتت أكثر نجاحًا في ذلك. 

واستهلت كاياني هذا المقال العلمي باقتباس لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، دعمًا لحزب “فوكس” الإسباني اليميني المتطرف (VOX)رابط خارجي أثناء الحملة الانتخابية: “يمكن لفوزكم أن يعطي دفعة قوية لأوروبا بأكملها”. 

وتحتاج الدراسات التاريخية إلى اللحاق بالركب في هذا المجال. فيقول اسكندروفيتش: “لفترة طويلة، اعتُبر عام 1945 حدًا تاريخيَّا فاصلًا، فانصرف الاهتمام إلى قضايا أخرى“. لذا، بقيت جوانب كثيرة دونَ بحث ودراسة، على سبيل المثال، كيفية انتقال أفكار جيل جماعات اليمين المتطرّف الأكبر سنًّا إلى الأجيال الأصغر سنًّا. 

يوجد قاسم مشترك جمع بين غونزوغ دي رينولد وبين اسكندروفيتش. فمِثل دي رينولد، يعمل اسكندروفيتش أستاذًا للتاريخ بجامعة فريبورغ السويسرية. ودعا في هذه الجامعة تحديدًا، إلى عقد مؤتمر هذا الخريف حول “اليمين المتطرف العابر للقوميات”. إذ قارنت هذه الكوكبة القادمة من شتى أنحاء أوروبا، الدراسات التاريخية. كما بحثت حتى وجدت عوامل مشتركة بين سِيَر حياة بعض أفراد جماعات اليمين المتطرف بعد عام 1945، ثم ناقشتها خلال جلسات المؤتمر. 

دور الدول المحايدة إزاء التطرف اليميني

لعبت دول محايدة، مثل سويسرا والسويد، دورًا هامًّا في هذا الصدد. وكما ذكرت المؤرخة فاليري دوبسلاف، في عرضها المقدَّم خلال المؤتمر، كان من السهل على اليمين المتطرف في هذه الدول الاستمرار في “مشاركته في الحركة النازية” بعد عام 1945. وكان مؤتمر “مالمو” عام 1951، أوّل مثال على ذلك. وقد أدى هذا المؤتمر إلى تأسيس “الحركة الاجتماعية الأوروبية” (ESB)، الحركة العالمية القومية الجديدة. 

وشارك في هذه الحركة السويسري غاستون-أرماند أمودرو، المتوجِّه إلى الجمهور في أنحاء أوروبا عبر مجلة كورييه دو كونتينان (Courrier du Continent). ورغم بقاء هذه الحركة صغيرة الحجم، فقد عُرض هيكلها خلال المؤتمر على نحو لافت. فقبل تأسيس “المجموعة الأوروبية للفحم والصلب” عام 1951 (بعضوية كل من بلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، ولوكسبمورغ، وهولندا، وألمانيا الغربية)، التي كانت سلف الاتحاد الأوروبي الحالي، كان اليمين المتطرف قد أسس “اللجنة الأوروبية”، ومؤتمرًا مصغرًا. وبهذا الاتحاد، أكدت هذه الحركة منظورها الأوروبي المناهض للشيوعية. بل طرحت فكرة أوروبا كاتحاد بديل لحلف شمال الأطلسي (الناتو). 

ولكن، سرعان ما انشق أومودرو وآخرون عن “الحركة الاشتراكية الأوروبية” لتشكيل جماعة أكثر تطرفًا. كما فقدت هذه التحالفات أهميتها سريعًا. ومع ذلك، ظلّت العلاقات الدولية جديرة بالاعتبار. فقد استقبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر، زعيم الوحدة العربية، كارل-هاينز بريستر، الناشط بـ “الحركة الاشتراكية الأوروبية” والعضو السابق بالحزب النازي الألماني.  

مُنكر المحرقة النازية: غاستون أرمان أمودرو ودائرته

وفرت سويسرا إطارًا قانونيًّا لمن ينكر المحرقة النازية (الهولوكوست)، مثل أومودرو. فحتى إقرار قانون تجريم التمييز العنصري عام 1995، لم يكن هناك أي قانون يجرّم إنكارها. وبالتالي، انتشرت في سويسرا كتب تنكر إبادة النظام النازي الجماعيّة، المرتكَبة في حق ستة ملايين يهودي.ة. كما تمكن أمودرو من إرسال كتاباته إلى بلدان أخرى. 

المشكك في الهولوكوست
المشكك في الهولوكوست والناشط اليميني غاستون-أرماند أماودروز (1920-2018)، بعد محاكمة رفعت ضده حوالي عام 2000. بعد حوالي خمسين عامًا من نشره لشعارات معادية للسامية وإنكاره للهولوكوست في منشوراته، حُكم عليه بالسجن لمدة عام واحد. KEYSTONE/Laurent Gillieron

وتمكنت المجلات الصادرة عن الجماعات المُنكرة للمحرقة في أوروبا، والناشطة ما بين خمسينات القرن الماضي وتسعيناته، من الوصول إلى بضع مئات أو آلاف فقط. ولم تكن تحالفاتهم المستخدِمة لشعارات وطنية ظاهرة جماهيرية. 

اقرأ.ي أيضًا مقالنا حول المناقشات التي سبقت الاستفتاء الشعبي حول إدخال قانون مكافحة العنصرية في سويسرا في التسعينات:

المزيد
صورة بالأبيض والأسود لعشرات أحذية الضحايات المتكدسة فوق بعضها

المزيد

تاريخ

حينما تمكن منكرو المحرقة من الظهور العلني في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على في منتصف التسعينيات، فكرت سويسرا في سن قانون لمكافحة العنصرية، وقد شارك في النقاش حينها المشككون في جرائم النازية.

طالع المزيدحينما تمكن منكرو المحرقة من الظهور العلني في سويسرا

لكن اسكندروفيتش مقتنع بأنها قطع مهمة من أحجية فهم كيفية تمكّن الأفكار الفاشية، وغيرها من أفكار اليمين المتطرف، من مد جذور جديدة لها بعد عام 1945. أما قطع الأحجية الأخرى، كما أوضح مانويل ميرانو في مؤتمر جامعة فريبورغ، فهي الهجرة إلى المنفى والشتات. وقد استشهد بمثال رجل الأعمال الروماني يوسف دراغان، الذي استطاع تحقيق ثروة في إيطاليا بعد الحرب العالميّة الثانية. 

وبحسب اسكندروفيتش، هناك حاجة للمزيد من البحث حول دور الشتات في تشكيل شبكة علاقات اليمين المتطرف بعد الحرب العالمية الثانية. 

معاداة النسوية كقاسم مشترك بين جماعات اليمين المتطرف العالمية

تعكف عدة عناصر شابة من المؤرخين والمؤرخات مؤخرًا، على دراسة موضوع التطرف اليميني بعد عام 1945. ويقول اسكندروفيتش، كان الرجال لفترة طويلة، هم المهتمون بهذا الموضوع بشكل أساسي، “ما أدى إلى وجود تحيز معين في الأبحاث”. واليوم، تجري الكثير من النساء أبحاثهن حول المعاداة الدولية المستمرة للنسوية، وكذلك حول حملات مناهضة الإجهاض المنتشرة بين حركات اليمين المتطرف العالمية. 

وبحسب اسكندروفيتش، تتضح أهمية مثل هذه الموضوعات تدريجيًّا في تعزيز الروابط العابرة للحدود بين الجماعات اليمينية المتطرفة، والراديكالية. 

ورغم وجود الكثير مما يفرّق الجماعات القومية حين سعيها إلى التكتّل دوليًّا، فثمة عناصر جامعة بينها. فإلى جانب النظرة الأبوية إلى المرأة، يبرز موقفها من الهجرة القادمة من خارج أوروبا، وما يقابلها من هوية أوروبية مُميِّزة. يقول إسكندروفيتش: “استطاعت حركة اليمين المتطرف، والحركة القومية إظهار التضامن عبر الحدود الوطنية، بسبب تمكنهما من ترسيخ صورة أوروبا كوطن للثقافة الغربية، على عكس العنصرية الصريحة التي سعى إليها أمودرو على سبيل المثال”. أما الدراسات المتناولة لمدى تأثير مثل هذا الفكر في تاريخ الوحدة الأوروبية منذ خمسينات القرن الماضي، فما زالت في مرحلة البداية. 

أفكار يمينية متطرفة في الوحدة الأوروبية؟

يسلّط اسكندروفيتش الضوء على جانب آخر من المسألة قائلا: “ما مدى تسلل أفكار اليمين المتطرف إلى تاريخ الوحدة الأوروبية؟ هناك أيضًا بعض الدراسات التي بدأت قبل نحو عشر سنوات، وتوضح الدور الذي لعبته النزعة الاستعمارية لدى بعض الجهات الفاعلة في الوحدة الأوروبية خلال خمسينات القرن الماضي. إذ ساد تصور لدى هذه الأطراف بإمكانية تعزيز أوروبا الموحّدة قوتها الاستعمارية في أفريقيا مرة أخرى”. 

أما غونزاغ دي رينولد، الكاثوليكي اليميني المولود في مدينة فريبورغ، فقد كان يتبنّى توجّهًا عابرًا للقوميات. كما عمل على نشر فكرة “الوطن الأوروبي الموحد” في سويسرا. وكان النموذج الذي يطمح إليه هو الإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الجرمانية، والإمبراطورية الرومانية على وجه العموم، حسب الوارد في سيرته لكاتبها المؤرخ آرام ماتيولي. 

ولا يزال بعض المحسوبين.ات على اليمين المتطرف يتطلعون.ن إلى نفس هذه النماذج في عام 2025. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بنيامين فون فيل

هل تثقون بقدرة بلادكم على الصمود في وجه أعداء الديمقراطية؟

الديمقراطيات تواجه تحديات من الداخل والخارج. كيف تقيّمون مؤسسات بلدكم؟

27 إعجاب
82 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: دافيد أويغستر

ترجمة: هالة فرّاج

مراجعة: أحمد محمّد

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية