ترامب “لا يعرف” ما إذا كان عليه الالتزام بالدستور

أكّد دونالد ترامب الذي يسعى إلى توسيع الصلاحيات الرئاسية منذ عودته إلى البيت الأبيض أنه لا يعرف إن كان عليه الالتزام بالدستور، أسمى المعايير القانونية في الولايات المتحدة.
وفي مقابلة مع كريستين ويلكر مقدمة برنامج “Meet the Press with Kristen Welker” على قناة “إن بي سي نيوز”، ردّ الرئيس الأميركي عندما سئل إن كان يعتقد أنه ينبغي احترام الدستور، بالقول “لا أعرف”، وفق مقتطفات من المقابلة التي من المقرّر بثّها بالكامل في وقت لاحق الأحد.
لكنه استطرد قائلا “أتعامل مع محامين ممتازين وهم سيلتزمون بطبيعة الحال ما يصدر عن المحكمة العليا”.
ومنذ بداية الولاية الرئاسية لترامب في كانون الثاني/يناير، يتعامل الرئيس الأميركي مع السلطة لتنفيذية كما لم يفعل أيّ رئيس آخر في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، موقّعا أكثر من 140 مرسوما لاحتواء الهجرة غير القانونية على نطاق واسع والتصدّي لبرامج التنوّع والإدماج التي لا يستسيغها المحافظون والتخلّص من البيروقراطية الفدرالية.
لكن حتّى لسلطة الرئيس حدود في الولايات المتحدة وقد علّق القضاء عدّة قرارات صادرة عن ترامب، مثيرا سخط الملياردير الجمهوري.
وعلى وجه الخصوص، علّقت محاكم استئناف والمحكمة العليا موقتا العمل بقانون يعود للعام 1798 حول “الأعداء الأجانب” كان يستخدم حصرا في أوقات الحرب واستعانت به إدارة ترامب لتوقيف مهاجرين تشتبه في انتمائهم إلى عصابات وترحيلهم بالقوّة العسكرية إلى السلفادور من دون إحالتهم على القضاء.
وأثارت هذه الاستراتيجية تنديدا واسعا في أوساط المجموعات الحقوقية والمنظمات الدولية.
وردّا على سؤال محدّد بشأن ما إذا كان المواطنون الأميركيون وغير الأميركيين على السواء يستحقون الاستفادة من الإجراءات القانونية الواجبة، كما ينص ّالدستور الأميركي، قال ترامب “أنا لست رجل قانون. لا أعرف”.
– نهج استبدادي؟ –
تثير المقاربة الشخصية جدّا التي ينتهجها ترامب إزاء السلطة قلق جزء من الأميركيين الذين يخشون انحرافه إلى نهج سلطوي.
وسألته مراسلة “ان بي سي” في المقابلة “هل تدفعون البلد في منحى استبدادي؟”.
فبادر إلى الردّ عليها “لماذا لا تطرحين السؤال بطريقة مختلفة؟ كثيرون يريدون المجيء إلى بلدنا. كثيرون يحبّون ترامب. وأنا فزت بالانتخابات”.
وأكّد أنه يحقّ “طبعا” للأميركيين انتقاده من دون أن يخشوا تدابير انتقامية قبل أن يصف بعض منتقديه بـ”أصحاب النوايا السيّئة”.
وانتهز دونالد ترامب المناسبة لمهاجمة أحد ألدّ أعدائه الرئيس الديموقراطي السابق جو بايدن المسؤول في نظره عن “النواحي السيّئة” للاقتصاد الأميركي الذي نسب ترامب لنفسه الفضل في “نواحيه الحسنة”.
وقد تراجع الاقتصاد الأميركي في الربع الأوّل من العام، بينما كان مزدهرا في أواخر 2024.
كما أكّد الرئيس الجمهوري في المقابلة أنه لا يفكّر جدّيا في الترشّح لولاية ثالثة في البيت الأبيض بعد أن كان قد طرح الفكرة علنا، علما أن الدستور يحظر ذلك.
– الجارة الكندية –
وفي آذار/مارس أقرّ ترامب بأن حديثه عن ولاية ثالثة لم يكن “على سبيل المزاح”، مشيرا من دون الخوض في التفاصيل إلى “وسائل” تتيح القيام بذلك.
ووصل به الأمر الى عرض ملابس كُتب عليها “ترامب 2028” في إشارة إلى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، في متجره الإلكتروني.
وشكّك خبراء قانونيون ودستوريون في مدى جدّيته في التلميح إلى إمكان الترشّح لولاية ثالثة، بالاستناد إلى التعديل الثاني والعشرين للدستور الذي ينصّ على أنه “لا يحقّ لأحد أن يُنتخب في منصب الرئيس أكثر من مرّتين”.
وتعديل الدستور لإفساح المجال أمام ولاية ثالثة يمثّل مهمّة صعبة تتطلّب غالبية الثلثين في مجلسي الكونغرس ومصادقة 38 مجلسا تشريعيا على الأقلّ من مجالس الولايات الأميركية الخمسين.
و”هذا ليس أمرا أتطلع إلى القيام به”، بحسب ما قال ترامب في المقابلة مع قناة “إن بي سي نيوز” كاشفا “أتطلع إلى أن أحظى بأربع سنوات عظيمة وأسلّم المهمّة لشخص ما يفضَل أن يكون جمهوريا عظيما، جمهوريا عظيما ليدفعها قدما”.
وعندما سئل عن هويّة هذا الشخص، أشار إلى نائبه جاي. دي فانس واصفا إيّاه بـ”الرجل الرائع اللامع” وإلى وزير الخارجية ماركو روبيو، مضيفا “لدينا الكثير من الأشخاص الجيّدين في هذا الحزب”.
لكنه أكد أنه “ما زال من المبكر جدّا” التطرّق إلى هذه المسألة.
وقبل يومين من زيارة رئيس الوزراء الكندي المنتخب حديثا مارك كارني إلى واشنطن، سئل ترامب عن نيّته تكرار الدعوة إلى جعل كندا الولاية الحادية والخمسين من الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي الذي يواظب على التنديد باختلال التوازن التجاري بين البلدين والذي لا يصحّح في نظره سوى بضمّ كندا: “سأواصل الحديث عن هذه المسألة”.
غير أن ترامب أشار إلى أنه “من المستبعد جدّا” أن تلجأ الولايات المتحدة إلى القوّة ضدّ جارتها، وصرّح “لا أظّن أننا سنبلغ هذا الحدّ”.
بور-به/ح س-م ن/ب ق