مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تـقـاعَدَتْ من الحكومة.. ليس من السياسة

استقالت السيدة درايفوس من الحكومة السويسرية يوم 31 ديسمبر 2002، وترأس حاليا لجنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية RDB

وزيرة الداخلية ورئيسة الكنفدرالية السابقة روت درايفوس لم تتقاعد بعد استقالتها من الحكومة، بل مازالت تواصل نضالها السياسي، خاصة في مجال حقوق الإنسان.

وتعتقد السياسيةُ الوفية للحزب الاشتراكي في جنيف أن تأسيس مجلس حقوق الإنسان الجديد يعد انتصارا حقيقيا للدبلوماسية السويسرية ودفاعا هاما عن مصالحها.

بعد مضي ثلاث سنوات ونصف عن مغادرتها الحكومة الفدرالية، تترأس السيدة روت درايفوس اليوم لجنة حقوق الملكية الفكرية والإبتكار والصحة العمومية التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وهو انتداب يهدف إلى تسهيل حصول الدول الأكثر فقرا في العالم على الأدوية المحمية بشهادة براءة الاختراع.

وقريبا، ستتولى السيدة درايفوس التي شغلت في الحكومة السويسرية منصب وزيرة الداخلية ورئيسة الكنفدرالية، رئاسة اللجنة التي تدعم الاستفتاء الشعبي المُزدوج ضد القانون حول الأجانب ومراجعة قانون اللجوء.

سويس انفو: تتميز الدبلوماسية السويسرية بأداء عال جدا على مستوى الحقوق الإنسانية. ألا يتعارض ذلك مع سياسية داخلية تتجه شيئا فشيأ نحو المزيد من التشدد إزاء الأجانب ومع تنامي ظاهرة العداء للأجانب في سويسرا؟

السيدة روت درايفوس: إن تشديد قانوني الأجانب واللجوء يتضمن خطر إضعاف التزامات سويسرا ببعض الاتفاقيات الدولية. ويتعلق الأمر هنا بالفعل بتعارض هام سأواصل محاربته بكامل قواي.

لكن المسألة لا ترتبط بمعرفة ما إذا كنا نعيش وسط تناقضات، بقدر ما تتعلق بتقييم ما إذا كانت الآليات الدولية للحماية تعمل في سويسرا أيضا. ولحد الآن، تبين أنها تعمل وتنتهي، طال الزمن أو قصر، بالتأثير على النقاش العام في سويسرا.

في مجال حقوق الإنسان، لا يمكن أن نحرز تقدما إلا إذا مضينا سويا جنبا إلأى جنب، ويجب أن يكون النقاش حول هذه القضايا مفتوحا، ولئن خرج بآراء تخالف الالتزامات الدولية لسويسرا.

المهم هو أن تصلح المعاهدات الدولية كحواجز (للانتهاكات) وأن تواصل سويسرا احترام الاتفاقيات التي وقعتها وصادقت عليها.

سويس انفو: هل يمكن لبلد مثل سويسرا الترويج لهذه القيم العالمية والدفاع عن مصالحها الخاصة في نفس الوقت؟

روت درايفوس: لقد ناقشنا مرارا هذه النقطة في الحكومة عندما كنت عضوا فيها. بالنسبة لبلد صغير، من المهم بالفعل وبشكل خاص الدفاع عن القانون الدولي.

هنالك إمكانيتان للشعور بالحماية في عالمنا في صورته الحالية: إما كبلد يحاول أن يكون الأقوى (وهو هدف تجد صعوبة في تحقيقه حتى الولايات المتحدة)، أو خلق وتطوير القانون الدولي. لكن كلما كانت البلاد صغيرة كلما كان في مصلحتها الحث على احترام القانون الدولي، الذي يعد أفضل وقاية من قانون الأقوى (هو الذي يسيطر).

سويس انفو: في مارس 1999، عندما كنتم رئيسة الكنفدرالية، واجهتم شخصيا صعوبات في الحديث عن مشكل حقوق الإنسان مع الرئيس الصيني جيانغ زيمين (آنذاك). كيف تنظرون لهذه المسألة اليوم؟

روت درايفوس: كلما تعززت أهمية الصين كشريك اقتصادي مُغر، كلما زادت أهمية توازنها الداخلي بالنسبة للمستثمرين الأجانب. هذه هي الرسالة التي أوضحها مؤخرا العديد من الشركات متعددة الجنسيات النشيطة في الصين، والقلقة حول فقدان البلاد لتوازنها نتيجة اتساع الهوات الاجتماعية والمخالفات في مجال حقوق الإنسان.

وبالتالي، ليس هنالك في الأساس تعارض بين المصلحة الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان.

فضلا عن ذلك، لا يمكن الاستهانة بدور سويسرا في هذا المجال. فبفضل علاقاتها العريقة مع جمهورية الصين الشعبية، استطاعت سويسرا أن تقيم حوارا تأسيسيا منذ بداية التسعينات مع بيجين حول حقوق الإنسان.

وتمارس من خلال ذلك الحوار ضغوطا ملموسة في مجالات مثل تطبيق عقوبات السجن والعدالة ودور المحامين. ويتعلق الأمر هنا بقطرة ماء، لكن المحيط مكون من قطرات ماء.

أما فيما يخص تجربتي الشخصية المرتبطة بزيارة الرئيس جيانغ زيمين إلى سويسرا، فقد أظهرت أن الخطاب حول حقوق الإنسان ليس هو الذي أزعج أكثر الرئيس الصيني – فهو كان متعطشا جدا لتقديم مبرراته والدفاع عن وجهة نظره- بل بالأحرى ترجمة تلك الحقوق على أرض الواقع، والتي تمثلت في المظاهرة التي نظمها أبناء التيبيت في سويسرا وأصدقاءهم أمام مقر الحكومة الفدرالية في برن أثناء زياته.

وكان الرئيس الصيني بلا شك يفضل ان تظل تلك المناقشات تصريحات كلامية مثلما قد تقول “لوكانار أونشيني” (الصحيفة الفرنسية الساخرة، التحرير).

سويس انفو: مجلس حقوق الإنسان الجديد يفترض أن يعطي الأولوية للحوار بدل التنديد. هذا على الأقل أمل السيدة كالمي ري، وزيرة الخارجية. هل هو خيار حكيم؟

روت درايفوس: يجب التمييز بين الدول المنتهكة للحقوق وضحاياها. يبدو لي ضروريا التعاون مع البلدان التي تعاني من انتهاكات كبيرة للحقوق الإنسانية. ولمساعدتها على تجاوز وضع داخلي صعب، يجب التحلي بالصبر والمثابرة.

في المقابل، لا يمكن لضحايا تلك الانتهاكات الانتظار. يجب بالتالي إدانة تلك الأوضاع في كل مناسبة ومحاولة حماية الأشخاص الذين يقعون ضحية لها، وذلك من خلال استجواب الحكومات المعنية.

سويس انفو وانفو سود

اختتمت الدورة الثانية والستون للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة يوم 27 مارس الماضي لتمرير المشعل لمجلس حقوق الإنسان الذي سيحل محلها.
في 9 مايو القادم، يفترض أن تنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة 47 دولة عضو في المجلس الجديد. وتنوي سويسرا الترشح للعضوية.
في 19 يونيو المقبل، يتوقع أن يفتتح مجلس احقوق الإنسان أولى دوراته في جنيف.

السيدة روت درايفوس من مواليد 9 يناير 1940 بسانت غالن.
عملت ما بين 1972 و1981 في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية.
في عام 1981، أصبحت أمينة اتحاد النقابات السويسرية. وكانت مسؤولة في هذا المنصب على العلاقات مع منظمة العمل الدولية.
في 10مارس 1993، انختبها البرلمان السويسري عضوا في الحكومة الفدرالية.
من 1 أبريل 1993 إلى استقالتها يوم 31 ديسمبر 2002، ترأست وزارة الداخلية السويسرية المكلفة بقضايا الصحة العمومية والتأمين الإجتماعي والأبحاث والقضايا النسائية والثقافة والبيئة. ومثلت سويسرا في العديد من المؤتمرات الدولية.
في عام 1999، أصبحت السيدة السويسرية الأولى التي شغلت منصب الرئاسة الدورية للكنفدرالية السويسرية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية