مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تفهم للهجوم وقلق من المستقبل

الصحف السويسرية الصادرة يوم الاثنين 8 اكتوبر 2001 swissinfo.ch

إذا كانت الصحف السويسرية أبدت تفهمها للضربة العسكرية ضد أفغانستان فإنها أعربت عن قلقها بشأن تداعياتها، واتفقت جميعها على أن التحدي الحقيقي هو في الكشف عن أسباب التوتر وموطن الداء، إلا أن البحث عن العلاج سيبدأ على ما يبدو، في نظر معظم المعلقين، بعد العمليات العسكرية.

بدأت نقطة اللاعودة

الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، خصصت عناوينها الرئيسية وعددا كبيرا من صفحاتها لتغطية تفاصيل الرد الامريكي والحرب التي اعلنتها واشنطن ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة بقيادة بن لادن.

لكن هذه الصحف لم تكتف بمجرد التغطية الحدثية، بل اختارت التعليق على الحملة الامريكية المدعومة دوليا وابعادها وطرحت وجهات نظر متعددة حول اهدافها ومآلاتها.

صحيفة لوتون (الزمان)، الصادرة في جنيف، ركزت اهتمامها على الفترة الزمنية التي ستستغرقها الحرب واعتبرت ان مخاطر مواجهة مباشرة ضد افغانستان مرتفعة مثلما اظهرت ذلك بما فيه الكفاية، التجارب البريطانية والسوفياتية في القرنين الماضيين.

وذكرت الصحيفة بان الحرب لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية من وجهة النظر الغربية، وحذرت من تحويل بن لادن، الذي وصفته بالخارج عن القانون، الى بطل وشهيد في العالم الاسلامي في صورة تأخر بروز علامات ملموسة لنجاح الحملة والانتصار.

وذهب ايريك هوسلي، كاتب الافتتاحية في لوتون، الى القول بانه لاشك بان بعض الانظمة الحليفة للغربيين في المنطقة قد تنهار اذا ما طال امد النزاع او تعفنت الاوضاع. كما ان استمرار الحرب لفترة طويلة، ستكون له آثار مخيفة على الاقتصاد الامريكي والعالمي.

صحيفة 24 ساعة الصادرة في لوزان، اعتبرت ان نقطة اللاعودة في الحرب التي قررت الولايات المتحدة خوضها ضد الارهاب، قد قطعت مساء الاحد السابع من اكتوبر، لكنها تساءلت عن حجم الاقتناع الدولي بصحة هذا الرد على التفجيرات التي ضربت واشنطن ونيويورك في الحادي عشر من سبتمبر.

وقالت، اذا ما اقررنا بان واشنطن ستتوصل الى القضاء على نظام طالبان والى مسح بن لادن ومعسكراته الارهابية من الخارطة الافغانية، فلا يجب ان ننسى بسرعة موجة العداء للغرب التي ستثيرها الحرب التي بدأت يوم الاحد في بعض المناطق البائسة من العالم الاسلامي.

واهتم “نيكولا فيردان” في افتتاحية 24 ساعة بقناة الجزيرة القطرية، التي وصفها بالقوية، حيث اعتبر ان بن لادن الذي وجه من خلالها نداء جديدا للحرب ضد الولايات المتحدة بعد ساعات قليلة من بدء الضربات الامريكية، قد اظهر بذلك حجم تاثيره في العالم العربي.

في نفس الصحيفة دعت بعض الاصوات الى التعامل بشكل مغاير مع الارهاب، حيث طالبت باستيان انهورن منسقة المنظمات غير الحكومية السويسرية المهتمة بالشؤون التنموية، الى اصلاح جذري للنظام الاقتصادي العالمي، وقالت يجب ان توضع العولمة في خدمة تلبية الاحتياجات الاساسية لكل الشعوب والعدالة الاجتماعية والحوار بين الثقافات.

اخيرا، تساءلت صحيفة كورياري ديل تيتشينو الصادرة في لوغانو، الناطقة بالايطالية، عن كيفية تحديد الانتصار في هذه الحرب الخفية وغير التقليدية. واعتبر بييرو اوستيلينو، ان التعقيدات السياسية والدبلوماسية والثقافية الكامنة وراء هذه المواجهة ستجعل منها حربا غير مرئية مكلفة، لكن سيحاول القائمون عليها اخفاء تكاليفها عن الانظار.

علاج الاسباب أصعب من نجاح الحرب

على صعيد الصحف الناطقة بالالمانية ترى “نوية تسورخر تسايتونغ” الصادرة من زيوريخ أن النجاح على الصعيد الديبلوماسي في مكافحة الإرهاب هو أهم من عمليات عسكرية لا يستطع أحد معرفة متى ستكلل بالنجاح، منوهة إلى ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى معاناة المدنيين الأفغان و عدم ترك فراغ سياسي حال ما نجحت واشنطن في إسقاط حركة طالبان.

صحيفة “برنر تسايتونغ” التي تصدر من العاصمة برن عنونت صفحتها الأولى قائلة “أن هدف الولايات المتحدة بسيط ولكن الطريق إليه شائك” و أشارت إلى ما يمكن أن تسفر عنه هذه الحرب، و أكبر التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة طبقا للصحيفة هو أن تصبح العدو الأول في العالم الإسلامي، وتغيير هذه الصورة هو أصعب من الانتصار في أفغانستان.

أما صحيفة “تاغس أنتساغر” من زيوريخ فقد أعربت عن ومخاوفها من اتساع رقعة الحرب لتصل إلى مرحلة “الأرض المحروقة”و المشكلة تكمن في عدم إمكانية الإدارة الأمريكية بإقناع العالم الإسلامي بما تقوم به، لذا يتحتم على وزير الخارجية الأمريكي كولين باول حسب الصحيفة أن يحاول إقناع العالم الإسلامي بالبحث عن جذور المشكلة بين صفوفها و ليس في البنتاغون أو البيت الأبيض.

بينما اعتبرت صحيفة “دير بوند” من برن العملية العسكرية استمرارا لسياسية بوش الأب العسكرية ضد أطلال العاصمة الأفغانية كابول، و تشككت الصحيفة في تعليقها إن كانت الهجمات الجوية فقط كفيلة بالقضاء على حكومة طالبان وتنظيم القاعدة، فغالبية الأفغان لم يتمكنوا حسب الصحيفة من الربط بين بلادهم و الهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في الحادي عشر من سبتمبر أيلول الماضي، وهم يعتبرون بن لادن بطلا قوميا في نظر الكثيرين لانه خلص أفغانستان من الغزو السوفيتي، وتشير الصحيفة إلى أن تداعيات الحرب التي بدأها بوش ضد الإرهاب ستكون في الغالب وخيمة وبالغة التعقيد، فبعد كل حرب تطل رؤوس جديدة لتغذية شبكة الإرهاب.

وتحت عنوان ” قنابل وخبز” ذكرت صحيفة “آرغاور تسايتونغ” التي تصدر من آرغاو شمالي سويسرا أن هدف العمليات العسكرية ليس فقط دحر طالبان و انما أيضا خلق فجوة بين الحركة والشعب الافغاني من خلال القاء خبز في مناطق اللاجئين.

ومشكلة اللاجئين كانت محور تعليق ” نوية لوتسرنر تسايتونغ” من لوتسرن في وسط سويسرا التي حذرت من مأساة إنسانية مع اقتراب الشتاء و طالبت بحملة مياعدات مكثفة وواسعة النطاق تتناسب مع حجم الكارثة ، حسب الصحيفة، التي ترى أن العمليات العسكرية مخاطرة قد تضر بوش إذا لم يتمكن من التخلص من شكبة بن لادن.

سويس أنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية