مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جاء وقت الغضب

مظاهرة حاشدة في ساحة امام مقر البرلمان الفدرالي في العاصمة السويسرية برن Keystone

عشرة الاف متظاهر امام مقر مصرف "او بي اس" في ضواحي زيوريخ.. وتجند نقابي وطني لتنظيم مظاهرة حاشدة في العاصمة الفدرالية يوم الخميس.. ومئات من صغار الحرفاء يسحبون اموالهم من اكبر مصرفين في البلاد.. وصحافة تتساءل عمن يحكم فعلا في سويسرا.. بعد الصدمة والفوضى التي نجمت عن انهيار شركة "سويس اير" المدوي، جاء دور الغضب.

لازالت سويسرا تعيش على وقع الانعكاسات الخطيرة لافلاس شركة “سويس اير”، التي كانت الى وقت قريب رمزا وطنيا يحظى بالاحترام والثقة داخل البلاد وخارجها.

فبعد ان توصلت الحكومة الفدرالية في اعقاب مفاوضات مضنية استمرت طيلة يوم الاربعاء بينها وبين مسؤولي شركة الخطوط الجوية السويسرية ومصرفي “او بي اس” وكريدي سويس الى حل مؤقت يسمح بعودة طائرات الشركة للطيران الى حين استلام شركة “كروس اير” للمشعل في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، انطلقت موجة من الانتقادات الحادة والغضب العارم في البلاد.

وسائل الاعلام كانت سباقة الى توجيه اصابع الاتهام الى الجميع. فلم يسلم من انتقاداتها لا المسؤولون السابقون عن شركة “سويس اير” ولا الحكومة الفدرالية ولا الاحزاب السياسية ولا البنوك الكبرى، التي حملت قدرا كبيرا من المسؤولية عن الضرر الفادح الذي لحق بصورة سويسرا في الخارج.

في المقابل، اطلقت النقابات سلسلة من التحركات الحاشدة افتتحتها يوم الاربعاء بمظاهرة ضمت اربعة الاف شخص امام مقر شركة “سويس اير” واخرى جمعت عشرة الاف شخص امام مقر مصرف “او بي اس” في زيوريخ، ودعت يوم الخميس الى تنظيم مظاهرة وطنية امام مقر نفس المصرف المجاور لساحة البرلمان الفدرالي في العاصمة برن، تكون متبوعة بمظاهرة اخرى امام مقرات مصرفي “كريدي سويس” و “او بي اس” في جنيف.

هذه المظاهرات لن تقتصر على العاملين في المؤسسات التابعة لمجموعة “اس اير غروب” المهددين بفقدان الالاف من وظائفهم بسبب الازمة الحالية، ولكنها ستشمل جميع العاملين في سويسرا في تضامن قلما يشاهد في هذا البلد، حيث تحرص كل فئة على الدفاع منفردة عن مصالحها ومطالبها.

وتسعى النقابات من خلال هذه المظاهرات الى التعبير عن الغضب الشعبي الذي نجم عن الاخطاء الفادحة في التسيير وادارة شؤون الشركة في هذه الفترة الانتقالية العصيبة. كما تحاول استغلال الاجواء السائدة حاليا، لارغام البنوك والحكومة على التقيد بخطة رئيس شركة “سويس اير” ماريو كورتي الداعية الى دمج مؤسستي “سويس اير” و “كروس اير” في شركة جديدة تحمل اسم “سويس اير لاينز”.

اتساع دائرة الغضب

اول الغاضبين والمحتجين، كانوا بطبيعة الحال المسافرون الذين يقدر عددهم بعشرات الالاف، والذين لم يتمكنوا من السفر على متن طائرات شركة “سويس اير”، التي ارغمت منذ صبيحة الاثنين على المكوث جاثمة في مطارات سويسرية واجنبية عديدة.

وعلى الرغم من المحاولات المتعددة، التي بذلت في اليومين الماضيين لتقليص حجم الكارثة، الا ان صورة سويسرا وشركة طيرانها قد لحق بها ضرر لا مزيد عليه لدى الراي العام بما يهدد يفقدان مصداقية الشركة التي ستعوضها في نهاية هذا الشهر.

لكن ظاهرة اخرى اثارت الاهتمام في اليومين الماضيين، عندما اقدم عدد لا باس به من حرفاء اكبر مصرفين في سويسرا على التعبير عن عدم رضاهم عن الاسلوب الذي تعامل به كبار المسؤولين فيهما مع مصير شركة سويس اير، بسحب اموالهم من المصرفين واغلاق حساباتهم فيها.

واعترف متحدث باسم مصرف محلي في زيوريخ (ثالث اكبر مصرف في سويسرا) ل “سويس انفو” بان اعدادا متزايدة من الحرفاء السابقين لمصرف “او بي اس” قد افتتحوا حسابات لديهم وانهم قالوا انهم يشعرون بانهم قد جرحوا بشكل شخصي، نظرا لعدم قدرة اكبر مصرفين في سويسرا على العثور على حل لانقاذ شركة “سويس اير”.

وعلى الرغم من الحجج القوية، التي قدمها يوم الاربعاء عدد من كبار المسؤولين في المصرفين المتهمين بالتقصير، الا ان تصريح رئيس الكنفدرالية موريتس لوينبرغر يوم الثلاثاء الماضي، سيظل راسخا لفترة طويلة من الاذهان.

اذ لم يسبق في تاريخ الكنفدرالية ان اتخذ وزير في الحكومة الفدرالية موقفا شبيها بما قاله السيد لوينبرغر، الذي لم يتردد في التصريح بانه “مستاء جدا من تصرف البنوك” في اشارة لعدم استجابة رئيسي المصرفين لنداءات الاستغاثة الصادرة من جميع الاطراف من اجل انقاذ الموقف وتمكين الطائرات من الاقلاع.

وتبقى الاسئلة

واليوم، بعد ان اقدمت الحكومة الفدرالية على اتخاذ قرار خطير بدفع اربع مائة وخمسين مليون فرنك في ظرف لم يتجاوز اربعا وعشرين ساعة، تظل التساؤلات المزعجة مطروحة على الجميع.

لماذا لم يتفطن احد الى خطورة الموقف، الا يوم الاحد الماضي؟ من المسؤول الحقيقي عن عدم التزام البنوك بدفع الاموال التي تعهدت بها في خطة الانقاذ؟ اين كانت الاحزاب السياسية والمجموعات البرلمانية طيلة الاسابيع والايام الماضية؟ واخيرا، مثلما قالت صحيفة لوتون ا، من يحكم فعلا في سويسرا؟ هل هم الساسة ام رجال المال والاعمال؟

وعلى الرغم من ترحيب وسائل الاعلام الصادرة يوم الخميس بالموقف الحاسم الذي اقدمت عليه الحكومة الفدرالية بعد تردد، الا ان الراي العام السويسري لازال يطالب بمحاسبة شديدة وقاسية لكل من تسبب في ما يصطلح عليه الان بالكارثة الوطنية.


سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية