جدل في الأراضي الفلسطينية حول موعد عيد الفطر

أثار إعلان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الأربعاء أول أيام عيد الفطر جدلا واسعا في صفوف الفلسطينيين إذ إنها المرة الأولى التي تخالف فيها الأراضي الفلسطينية السعودية في تحديد موعد العيد.
وأعلن المفتي العام محمد حسين مساء الإثنين في تسجيل مصور أن “غداً الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان المبارك ويوم الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر السعيد”.
وقال المفتي “في الاجتماع المنعقد في دار الافتاء الفلسطينية في المسجد الأقصى المبارك لمتابعة تحري هلال شهر شوال لهذا العام 1440 للهجرة، فقد تعذرت رؤية هلال شهر شوال هذه الليلة”.
وأعلنت المحكمة العليا في السعودية مساء الإثنين أن الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر.
وقال خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا عكرمة صبري أن هذه المرة الأولى منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1994، التي لم يتوافق قرار مجلس الإفتاء مع السعودية في تحديد عيد الفطر، مشيراً إلى أن اللغط الحاصل مرده إلى عدم الالتزام بوحدة مطالع الأهلة.
وقال صبري “كان الأولى أن نتقيد بمبدأ وحدة المطالع، أي اتباع أي دولة تثبت لديها رؤية الهلال. فنحن في فلسطين ليس لدينا أجهزة مثل تلك التي في السعودية وجغرافية بلادنا لا تساعد على رؤية الهلال”.
وانقسم الفلسطينيون في موقفهم من مخالفة السعودية في تحديد العيد، منهم من أيد الإعلان ومنهم من اعترض عليه، في حين قابل الآخرون الأمر بتهكم مطلقين الطرائف.
ورفض “حزب التحرير” الإسلامي في الأراضي الفلسطينية إعلان المفتي بعدم رؤية الهلال، وأعلن في بيان نشره على موقعه الإلكتروني ثبوت رؤية الهلال وهنأ الأمة الإسلامية بالعيد.
وفي بيان للمكتب الإعلامي للحزب قال إن “مرد الخلاف هو التبعية والمواقف السياسية، وأن هذه الأنظمة (…) لا تكترث بعبادات الناس ولا تقيم وزنا لشعائر الإسلام”. والحزب، وفق ما ورد على موقعه الإلكتروني، هو تكتل سياسي يسعى إلى “إعادة الخلافة”.
واستجاب بعض أتباع الحزب لإعلانه، كما حصل في الخليل، أكبر مدن الضفة الغربية، لكن الأجهزة الأمنية الفلسطينية منعته من إقامة شعائر العيد.
ووصل الجدل الحاصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب إبراهيم الرنتيسي الذي عرف عن نفسه على أنه صحافي على تويتر، “لا أذكر يوما أن فلسطين وحتى الأردن قد خالفتا السعودية في قضية العيد إلا هذا العام، بشارة خير إن شاءالله”.
في حين كتب عمران الرشق على صفحته على فيسبوك “ودرءاً للفتنة أقترح على الناس أن تصوم غدا نصف نهار”.
– “صفقة القرن” –
ويرفض الفلسطينيون ما يصفونه ب”صفقة القرن” أو الخطة الأميركية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي التي لم يُكشف عنها بعد، ويرون أنها تتجاهل معظم حقوقهم التي تلقى إجماعاً دوليا ومن بينها حلمهم في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، في حين أوردت تقارير أن الأميركيين سعوا لترويجها لدى دول عربية بينها السعودية.
ويرى فلسطينيون أن هذه المخالفة في إعلان يوم العيد سببها سياسي، ولها علاقة بالخطة الأميركية التي كان يُتوقع أن تعلن نهاية هذا الشهر لكنها قد تؤجل بعد قرار إعادة الانتخابات الإسرائيلية.
وعبر المواطن علي مواسي على فيسبوك عن تأييده لقرار المفتي وكتب “الخروج عن قرار دار الإفتاء في القدس (…) وتحديدا في أجواء ما يسمى صفقة القرن خطأ يجب تفاديه”.
أما سامر رويشد فنشر على تويتر خبر إعلان المفتي وعلق عليه بالقول “لا لصفقة القرن..ههههه”.
وفي معرض إجابته على سؤال لفرانس برس حول إمكانية أن تكون السياسة سبباً في مخالفة فلسطين والأردن لإعلان السعودية، أكد الشيخ عكرمة صبري أن الأمر بعيد عن السياسة.
وقال “لا أتوقع أن هذه المخالفة سببها السياسة، مصر حليفة للسعودية وأعلنت أن العيد الأربعاء”.
ويتوافق رأي رئيس الهيئة الإسلامية العليا مع رأي المحلل وأستاذ العلوم السياسية أحمد جميل عزم إذ قال “لا أعتقد أن الأمر له بعد سياسي، لكن الجميع تحضر لأن يكون العيد الثلاثاء”.
في هذا الصدد، يعبر أحمد عزم عن اعتقاده بان الجانب الفلسطيني بات أكثر ارتياحاً بعد تصريح مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر الذي قال في مقابلة لموقع “أكسيوس” الإخباري أن على الفلسطينيين أن يتمتعوا بحق “تقرير مصيرهم بأنفسهم” دون أن يوضح إن كان ذلك يعني إقامة دولة مستقلة أو شكل أقل من أشكال الحكم الذاتي.
وبحسب المحلل السياسي فإن مثل هذه التصريحات تأتي بعد أن أوصلت الدول العربية رسالة للأميركيين بأنه لا يمكن الحديث عن شق اقتصادي دون التطرق إلى السياسة، وأن أفكار الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل لا تلقى قبولا أو حماسة.
احتفلت عدة دول عربية بالعيد الثلاثاء وبينها السعودية والإمارات والكويت وقطر والعراق ولبنان والبحرين واليمن والجزائر.
في حين أعلنت كل من مصر المغرب وسلطنة عمان وسوريا والأردن وليبيا والسلطات الدينية الشيعية في لبنان العيد الأربعاء.