The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

من القاهرة إلى جنيف: قصص عن مطاردة المعارضين خارج أوطانهم

ساحة الأمم المتحدة
تقع ساحة الأمم أمام المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، وتستضيف بشكل متكرر فعاليات سياسية. في الصورة، معارضون روس ينددون بالحرب في أوكرانيا، في مارس 2025. Keystone / Martial Trezzini

لم تسلم سويسرا، من القمع الذي تمارسه الدول الاستبدادية في الخارج. وتعاني جنيف، عاصمة حقوق الإنسان منه بشكل خاص. وتتعامل السلطات مع هذا التهديد، بطريقة خجولة. 

تقول بسمة مصطفى، صحفية استقصائية مصرية تعيش الآن لاجئة في ألمانيا، مستذكرةً إقامتها الأخيرة في سويسرا، العام الماضي: “لم أتوقّع عيش تجربة كهذه في جنيف؛ لقد لاحقوني لمدة ثلاثة أيام متواصلة، حتى وصلوا إلى الفندق الذي كنت أقيم فيه”. 

وفي اليوم الثالث، اقترب مني رجل. وأخبرني بالعربية أنه يعرفني، وأنه من أفراد الأمن المصري، وأنه يستطيع اعتقالي إن شاء. وتسترسل الشابة التي عانت من القمع في وطنها لسنوات لتقول: “لم أستطع النوم في تلك الليلة، خشيت أن يعودوا ويأخذوني.” 

لا تعرف بسمة مصطفى تحديدًا من هم هؤلاء الرجال، لكنها متأكدة من أنهم مواطنون من بلدها. وتوضح قائلةً: “كان الأمر مروعًا. حيث يتجلى أسلوبهم في إثارة الشك إلى أبعد الحدود الممكن الوصول إليها معك، وقدراتهم الحقيقية. فهم يلعبون على نقاط ضعفك. وفي هذه الحالة، كنت وحدي تمامًا في سويسرا، بلد لا أعرفه، بعيدًا عن أسرتي”.

لمعرفة المزيد عن قصة بسمة مصطفى، اقرأ.ي مقالنا أدناه:

المزيد
القمع

المزيد

جنيف الدولية

في منفاها الإجباري… المصرية بسمة مصطفى ضحية للقمع والمطاردة

تم نشر هذا المحتوى على مراقبة وترهيب وتهديدات: تعاني الصحفية المصرية بسمة مصطفى منذ سنوات، في ألمانيا وأماكن أخرى، من مضايقات صادرة عن نظام بلدها الأصلي. .بورتريه

طالع المزيدفي منفاها الإجباري… المصرية بسمة مصطفى ضحية للقمع والمطاردة

القمع العابر للحدود 

تندرج الأحداث التي وصفتها السيدة المصرية، ضمن ما يُعرف بالقمع العابر للحدود. وتتخذ هذه الظاهرة أشكالًا متعددة: من تهديدات، وترهيب، ومراقبة، وحتى الضغط على العائلات التي لا تزال في البلاد. لكن يهدف هذا القمع العابر للحدود دائمًا إلى إسكات الانتقادات، داخل الجالية المصرية في الخارج. 

ولا يعد ما واجهته الصحفية المصرية حالةً معزولة. ويؤكد فيل لينش، مدير منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)، وهي منظمة غير حكومية مقرها جنيف، أن “القمع العابر للحدود الوطنية، وخاصةً ضد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، يتفاقم، وهو خطرٌ يجب على النشطاء رجالا ونساء، مراعاته” عند السفر إلى سويسرا. 

جنيف أرض خصبة للقمع العابر للحدود  

تعد جنيف، المدينة الواقعة في أقصى ضفاف البحيرة الحاملة لاسمها، معرضة بشكل خاص لهذا الخطر. إذ يتيح وجود مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان. بالإضافة إلى تمثيل دبلوماسي لجميع الدول الأعضاء تقريبًا في جنيف، بيئةً مواتيةً للتجسس، والمتابعات الأمنية السرية. 

ويوضح رالف فيبر، الأستاذ بجامعة بازل، قائلًا: “من الصعب للغاية تقدير مدى هذا القمع في سويسرا بدقة، ولكن يُمكننا افتراض أنه كبير”. وفيبر هو مؤلف دراسة حول القمع الذي تعاني منه مجتمعات التبت والأويغور المحلية، في بلادها، وهو تقرير طلبت الحكومة إعداده، وجرى نشر نتائجه في وقت سابق من هذا العام. وتكمن الصعوبة الرئيسية، حسب قوله، في تردد الضحايا غالبًا في الإبلاغ عن حالاتهم. ن، خوفًا من أن تتحمل عائلاتهم. ن العواقب. 

إيران
يوفر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمعارضين السياسيين وضحايا القمع فرصة نادرة لمواجهة سلطات بلدانهم الأصلية. Keystone / Martial Trezzini

ومن جانبه، يؤكد فيل لينش توثيق منظمته غير الحكومية “عددًا من الحالات” المرتبطة بالصين، وروسيا، ومصر، من بين دول أخرى، بما في ذلك قضية بسمة مصطفى. لكنه لم يُقدّم رقمًا محددًا. وأوضح أن “هذه الأفعال تتراوح بين التهديد، والمراقبة، والرصد، والترهيب”، مضيفًا أنها تحدث على الأراضي السويسرية، وكذلك داخل الأمم المتحدة. 

وكشف التحقيق الدولي، الصادر خلال شهر أبريل، “أهداف الصين” كيف تقوم الصينرابط خارجي، بمراقبة معارضيها ومعارضاتها في جنيف، وترهيبهم.ن، بما في ذلك تصويرهم.ن أثناء المظاهرات، أو عند زيارتهم.ن قصر الأمم. 

وفي اتصال مع وزارة العدل والشرطة الفدرالية، أشارت الوزارة إلى أنها لا تملك نظرة شاملة عن حالات القمع العابر للحدود الوطنية، الواقعة على الأراضي السويسرية. 

ظاهرة عالمية 

وثّقت منظمة “فريدوم هاوس” الأمريكية غير الحكومية، منذ عام 2014، أكثر من 1،200 حالة قمع عابرة للحدود الوطنية، في حوالي مائة دولة. ولم يجر حساب سوى المسمَّى بالحوادث “الجسدية”، الشاملة 48 دولة لجأت إلى عمليات اختطاف، واحتجاز تعسفي، واعتداءات، وعمليات طرد غير قانوني. كما استخدمت 19 دولة برامج تجسّس لتتبع معارضيها، رجالا ونساء. ولم تشمل الدراسة سويسرا.  

ومن بين الدول الرئيسية المتورِّطة في هذه الأحداث، الصين، وتركيا، وروسيا، ومصر، وإيران، وعدد من دول آسيا الوسطى. 

محتويات خارجية

ويُركز تقرير الحكومة الفدرالية المنشور هذا العام في سويسرا، على مواطني.ات التبت، والأويغور المواجهين.ات لتهديدات، ومراقبة من جانب الصين. كما يُشير إلى روسيا، وإيران، وتركيا، وإريتريا، كجهات رئيسية مرتكبة لأفعال مماثلة. ويوضح رالف فيبر: “هذه ليست ظاهرة جديدة، لكن تسهّل الوسائل التكنولوجية الحديثة مراقبة مواطني الشتات ومواطناته، وتزيد من فعاليتها”. 

الوعي السياسي بذلك  

شكل نشر تقرير الحكومة أول اعتراف رسمي للكنفدرالية بالمشكلة، ما لاقى ترحيبًا من لدن المنظمات غير الحكومية، المدافعة عن الضحايا. 

يقول فيل لينش، من منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان: “هذه مشكلةٌ تُوليها السلطات المعنية اهتمامًا متزايدًا”. ويعتقد أنّ سويسرا وجنيف، بصفتهما مقرين للمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، تتحملان “مسؤولية ضمان الوصول الآمن إليهما”، بالنسبة إلى النشطاء رجالا ونساء، الساعين والساعيات، إلى إيصال أصواتهم.ن. ويشير إلى “زيادة في قدرة جهات إنفاذ القانون على رصد أعمال القمع، العابرة للحدود الوطنية، والإبلاغ عنها، والتصدي لها”، ولكنه يُشدد على إمكانية بذل المزيد من الجهود. 

وهذا أيضا هو رأي سيلينا موريل، رئيسة برنامج الصين في منظمة “فويسز” (Voices) غير الحكومية ومقرها برن. وتعتقد أنه يتعين على الكنفدرالية، وضع تعريف واضح للقمع العابر للحدود الوطنية، وإرساء استراتيجية وطنية لمواجهته. وتضيف أن من شأن ذلك، ترسيخ رسالة مفادها أن هذه ليست حالات معزولة، بل هي مضايقات منهجية، تطال الأشخاص العاديين أيضًا. 

>> لمعرفة المزيد عن الضغوط التي تتعرض لها الجاليات التبتية والأويغورية في سويسرا، اقرأ.ي مقالنا حول هذا الموضوع:

المزيد
التبت

المزيد

الدبلوماسية السويسرية

ضغوط وترهيب… الصين تلاحق أقليتيْ التبت والأويغور في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على تظهر دراسة أنجزت بتكليف حكومي كيف تقوم الصين بمراقبة وترهيب شتات شعبي التبت والأيغور في سويسرا.

طالع المزيدضغوط وترهيب… الصين تلاحق أقليتيْ التبت والأويغور في سويسرا

استجابة خجولة حتى الآن 

لا تزال سويسرا حذرة. وبينما اعتمدت الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، تشريعات محددة لمكافحة هذه الظاهرة، يُسلّط تقرير برن الضوء على عدة سبل للنظر فيها، بما في ذلك الحوار الثنائي، والتوعية، وتبادل وجهات النظر مع الجاليات في الخارج، وإنشاء خدمة استشارية. 

وصرحت وزارة العدل والشرطة الفدرالية، بأن “العمل المتعلق بالتدابير الوطنية […] قيد الإعداد، ومن المتوقع أن يبدأ في النصف الأول من عام 2026”. وأضافت أن وزارة الخارجية أعربت عن قلقها إزاء الصين، في حوارها مع بكين. 

وترى سيلينا موريل أنه “لم يعد بإمكان الحكومة الفدرالية، غضّ الطرف عن ذلك. حيث إنها أدركت الآن حجم المشكلة. وحان الآن، وقت التحرك”. ودعت إلى إنشاء هيئة تُمكّن الضحايا من الإبلاغ عن الانتهاكات، وكشف سويسرا علنا عن المعلومات المتعلقة بوقوع مثل هذه الحالات. وأضافت أنه ينبغي النظر في فرض عقوبات، في الحالات الأكثر خطورة. 

للتذكير، جرى تأخير نشر تقرير الحكومة الفدرالية رسميًا؛ بسبب تغيير في أولويات الإدارة الفدرالية، عقب غزو أوكرانيا. لكن يشتبه بعض المنتقدين في عودة ذلك إلى الرغبةِ في تجنب إهانة بكين، الشريك التجاري الرئيسي لسويسرا في آسيا، في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات بشأن تحديث اتفاقية التجارة الحرة. 

المزيد
النشرة الإخبارية جنيف الدولية

المزيد

جنيف الدولية

جنيف الدولية

جنيف الدولية عالَمٌ في حدّ ذاتها. نأخذك عبر نشرتنا الإخبارية، في رحلة تغطّي مختلفَ جوانب هذه المدينة السويسرية العالمية.

طالع المزيدجنيف الدولية

المصالح والتوترات  

ويُحذّر الأستاذ رالف فيبر قائلا: “من المهم إدانة أعمال القمع العابرة للحدود الوطنية، عند وقوعها. ولكن، من السذاجة الاعتقاد بكفاية هذا لثني الدول عن القيام بها؛ ببساطة، ستجد سبيلًا آخر للضغط”. ويرى أنّ توجّهات سويسرا، رغم هذا الوعي، هي توجهات براغماتية محددة. و”ثمة حسابات سياسية وضغوط، لا سيما الاقتصادية منها. ولكن إذا جازفنا بالإفراط في التسويات، فسننتهك دستورنا. ومن ثم فإن شرعية سيادة القانون، هي التي ستكون على المحك”. 

وبصفة سويسرا دولةً مضيفةً للأمم المتحدة، فإنها تجد نفسها في موقفٍ حساسٍ للغاية؛ إذ يجب عليها ضمان جاذبية جنيف الدولية، بالنسبة إلى الدول الأعضاء، مع ضمان عدم تمكن هذه الدول من ارتكاب انتهاكاتٍ، من دون عقاب. فبالنسبة إلى العديد من ضحايا القمع، غالبًا ما يكون مقر الأمم المتحدة في جنيف، هو الملاذ الأخير. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: باتريسيا إيسلاس

ما هي العقبات والتهديدات التي تواجهها حرية الصحافة في بلد إقامتك؟

رأيك مهمّ! شاركنا.ينا أفكارك حول حماية حرية الصحافة.

36 إعجاب
51 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: إيموجين فولكس وسامويل جابيرغ

ترجمة: مصطفى قنفودي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية