مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جنين: في انتظار الموافقة الاسرائيلية

لا تزال لجنة تقصي الحقائق حول مخيم جنين تنتظر الضوء الاخضر الاسرائيلي لانجاز مهامها Keystone

يواصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مشاوراته مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومع وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز بهدف انتزاع موافقة إسرائيلية على قدوم لجنة تقصي الحقائق بخصوص ما جرى في مخيم جنين.

بقطع النظر عن موافقة إسرائيل أو رفضها قدوم لجنة تقصي الحقائق في مخيم جنين والتي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة، فان حكومة أرييل شارون أظهرت إلى أي مدى تستخف بمجلس الأمن المتمسك بإرسال هذه اللجنة للكشف عن حقيقة ما جرى في مخيم ومدينة جنين أثناء الاجتياح الإسرائيلي.

فقد رحبت إسرائيل بقدوم هذه اللجنة فور الإعلان عن تشكيلها قبل عشرة أيام، ثم تراجعت عن ترحيبها مشككة في مصداقيتها، إذ تعتبر حكومة شارون أن غياب خبراء عسكريين وخبراء في مقاومة الإرهاب عن تشكيلة اللجنة سيؤدي إلى تحقيق غير موضوعي واحادي الرؤيا، لا يأخذ في الاعتبار طبيعة ما جرى من مواجهات بين المقاتلين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين.

وبالفعل، اعلن يوم الاثنين في جنيف ان اللجنة اصبحت تضم عشرين شخصا يغطون الجوانب السياسية والانسانية والقانونية والعسكرية. وقال المتحدث باسم اللجنة، انه تمت اضافة خبيرين ارلنديين في شؤون مقاومة الارهاب وذلك استجابة لمطالب الحكومة الاسرائيلية.

وأمام إصرار مجلس الأمن والدول دائمة العضوية على إرسال اللجنة التي يراسها الرئيس الفنلندي السابق مارتي اتيساري وتضم في عضويتها المفوضة السابقة لشؤون اللاجئين صاداكو اوغاتا والرئيس السابق للجنة الدولية للصليب الأحمر كورنيليو سوماروغا، لم تجد حكومة ارييل شارون سبيلا افضل من المماطلة الدبلوماسية لإعاقة سفر اللجنة أو على الأقل لتأخيره أقصى ما يمكن.

وجاء في رسالة وجهها سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة يهودا لانكري إلى الأمين العام كوفي انان، أن إسرائيل تطالب بضمانات بان يقتصر دور هذه اللجنة على جمع المعلومات وليس على وضع الاستنتاجات. كما تحتفظ حكومة شارون لنفسها بحق تحديد الأطراف الإسرائيلية التي سيقابلها أعضاء اللجنة والوثائق التي ستعرض عليها. وتطالب رسالة السفير الإسرائيلي أعضاء اللجنة باطلاع السلطات الإسرائيلية على كافة المعلومات والوثائق التي تحصل عليها اللجنة من الطرف الفلسطيني.

إصرار مجلس الأمن

هذا التصرف الإسرائيلي من شانه أن يعزز مصداقية التقارير والتقديرات التي نشرتها العديد من منظمات حقوق الإنسان، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية ومنظمة ميدل ايست واتش وبعض المنظمات الفلسطينية بارتكاب القوات الإسرائيلية في مخيم جنين أعمالا تتنافى مع القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة. لا بل ان منظمة العفو الدولية أكدت وقوع جرائم حرب في المخيم وتعرض سكانه إلى أعمال إبادة.

ومن شان الرفض الإسرائيلي وصول لجنة تقصي الحقائق أن يعيق المساعي التي تبذلها إدارة الرئيس جورج بوش لانفراج الوضع . فقد نجح الرئيس الأمريكي خلال نهاية الأسبوع في التوصل إلى صيغة مقبولة فلسطينيا وإسرائيليا، تمكن من رفع الحصار المفروض منذ أربعة اشهر على الرئيس الفلسطيني ووضع الأشخاص المتهمين بقتل وزير السياحة الإسرائيلي رهن الاعتقال تحت حراسة أمريكية أو بريطانية، كما أن إدارة الرئيس بوش أجرت في نهاية الأسبوع محادثات مع ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز حول مبادرة السلام السعودية التي أقرتها القمة العربية، وصفها الجانب السعودي بأنها بناءة ومثمرة.

وأمام هذا المأزق الذي آلت إليه لجنة تقصي الحقائق حول مخيم جنين، تؤكد بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن على ضرورة أن تتوجه اللجنة لإنجاز مهامها، حتى وان تمسكت إسرائيل برفضها قدومها، إذ أن الأمر لم يعد يتعلق باللجنة في حد ذاتها بل بمصداقية وهيبة مجلس الأمن، خصوصا وان الولايات المتحدة والدول الدائمة العضوية في المجلس هي التي كانت وراء تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في جنين، ولم يعد بإمكانها التراجع عن ذلك، مهما كانت الذرائع والمماطلة الإسرائيلية.

سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية