The Swiss voice in the world since 1935

حداد في إيران بعد مقتل رئيسي في حادث مروحية

afp_tickers

أعلنت إيران الاثنين الحداد خمسة أيام على رئيسها إبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث تحطّم مروحية مع ثمانية أشخاص آخرين من بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، وذلك بعد ثلاث سنوات من وصول الرئيس المحافظ المتشدد الذي كان يعدّ أحد أبرز المرشحين لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الى السلطة.

بمقتل رئيسي عن 63 عاما، تبدأ فترة من عدم الاستقرار السياسي في إيران، في وقت تشتد فيه الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس حليفة الجمهورية الإسلامية، في الشرق الأوسط.

وأمر رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلّحة الإيرانية اللواء محمد باقري الإثنين، بإجراء تحقيق في سبب تحطّم المروحية التي كانت تقلّ الرئيس ومسؤولين آخرين.

وأفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) بأنّ باقري أمر “لجنة رفيعة المستوى بفتح تحقيق في سبب تحطّم مروحية الرئيس” الأحد.

وتجمع الآلاف في وسط طهران الاثنين تكريما لذكرى رئيسي وعبد اللهيان.

وكلّف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مخبر بتولّي مهام الرئاسة.

وينصّ الدستور الإيراني على أن يتولّى النائب الأول لرئيس الجمهورية مهام الرئيس في حال الوفاة، على أن تُجرى انتخابات رئاسية في غضون 50 يوما بعد الوفاة.

وذكر التلفزيون الرسمي مساء الاثنين ان الانتخابات الرئاسية ستجري في 28 حزيران/يونيو.

وقال المرشد الأعلى في أول تعليق له بعد إعلان وفاة رئيسي رسميا “التزاماً بالمادة الـ131 من الدستور، يتولى مخبر رئاسة السلطة التنفيذية”، لافتاً الى أنه يتوجب عليه، بحسب القوانين النافذة، العمل مع رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية لإجراء انتخابات رئاسية جديدة “في مهلة أقصاها 50 يوماً”، معلنا خمسة أيام حداد في البلاد.

وعُيّن علي باقري، كبير المفاوضين في الملف النووي ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، وزيراً للخارجية بالوكالة خلفا لحسين أمير عبداللهيان.

ونعت الحكومة الإيرانية الإثنين رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي (63 عاما) بعيد العثور على المروحية التي كان فيها وتعرضت لحادث الأحد في منطقة جبلية في شمال غرب البلاد.

وقالت الحكومة في بيان أوردته وكالة “إرنا” الرسمية “ارتقت الروح العظيمة لخادم الشعب الإيراني الى بارئها، وأصبح خادم (الإمام) الرضا آية الله رئيسي، رئيسا للشعب وحبيبا في السماء”.

كما نعت الحكومة مسؤولين آخرين كانوا برفقة رئيس الجمهورية لدى سقوط الطائرة في محافظة أذربيجان الشرقية، منهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وإمام الجمعة في مدينة تبريز آية الله علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي.

وأكدت الحكومة للشعب الايراني أنه “لن يكون هناك أدنى خلل أو مشكلة في الإدارة الجهادية للبلاد”.

وأعلن الهلال الأحمر الإيراني صباح الاثنين أن فرق الإنقاذ انتشلت جثة رئيسي وثمانية آخرين كانوا في المروحية، مشيرا الى أن الجثث نقلت الى تبريز، مركز محافظة أذربيجان الشرقية.

وستبدأ مراسم تشييع رئيسي الثلاثاء في تبريز. 

وقال نائب الرئيس للشؤون التنفيذية محسن منصوري للتلفزيون الرسمي “سيقام صباح الأربعاء موكب التشييع في مدينة طهران” لرئيسي ومرافقيه الذين قتلوا في تحطم المروحية.

واعلن وزير النقل التركي الاثنين ان المروحية التي كان يستقلها الرئيس الإيراني لم تكن مجهزة ب”نظام إشارات” أو أنه تعطل عندما تحطمت الأحد.

وصرح الوزير التركي عبد القادر أورال أوغلو للصحافيين “تبين لنا أن نظام الإشارات في المروحية كان معطلا على الارجح أو أنها لم تكن مزودة به”.

وقالت أنقرة التي نشرت مسيرة تركية طراز “أكينجي” في موقع التحطم مساء الأحد، إن طائرتها سمحت بتحديد مكان حطام المروحية التي كان يستقلها رئيسي وعثر عليها فجرا شمال غرب إيران.

واعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاثنين يوم حداد وطني إثر مقتل رئيسي وقال في خطاب متلفز “خلال اجتماع حكومتنا، قررنا إعلان يوم حداد وطني في بلادنا لنشاطر الشعب الايراني الالم الكبير الذي يعيشه”.

وأضاف “نقدم مرة اخرى تعازينا لأشقائنا الإيرانيين”.

وقدمت واشنطن العدو اللدود لإيران “التعازي رسميا” في بيان صادر عن وزارة الخارجية.

وبثّ التلفزيون الإيراني صورا لعدد من عناصر الهلال الأحمر الإيراني يسيرون وسط ضباب كثيف في مناطق جبلية، ويستخدمون مركبات وسيارات رباعية الدفع تتقدم على طرق ضيقة موحلة قبل الوصول الى مكان المروحية.

– “خسارة كبيرة” –

وأعلنت السلطات الأحد تعرّض مروحية كانت تقلّ الرئيس الإيراني لحادث، وسط أحوال جوّية سيّئة وفي منطقة جبلية حرجية، وفقدان أثرها.

وبعد أن قال وزير الداخليّة أحمد وحيدي للتلفزيون الرسمي الأحد إنّ المروحيّة، وهي من طراز بيل 212، “نفّذت هبوطا صعبا بسبب سوء الأحوال الجوّية”، ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي الاثنين أن المروحية “اصطدمت بجبل وتحطمت”.

ونقلت الجثث إلى تبريز كبرى مدن شمال غرب ايران حيث ستبدأ مراسم التشييع الثلاثاء، قبل نقلهم إلى طهران لاستكمال المراسم.

وكانت ثلاث مروحيات من ضمن رحلة العودة من تدشين سدّ في ولاية أذربيجان الشرقية الإيرانية مشترك مع دولة أذربيجان. وشارك في الافتتاح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. ووصلت المروحيتان الأخريان سالمتين الى تبريز حيث كان يفترض أن يستقلّ الرئيس طائرة ليعود الى طهران.

وشارك 73 فريقا في عمليات البحث عن المروحية، وفق وسائل إعلامية إيرانية، مستخدمين الكلاب المدرّبة والطائرات المسيّرة.

وأعلنت تركيا إرسال 32 عامل إنقاذ وستّ مركبات للمشاركة في البحث، و”مسيرّة أقينجي ومروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية من طراز كوغار”.

أمسك المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي بالسلطة التنفيذية في إيران، في خضم علاقات دولية متشنجة واحتجاجات داخلية، وعرف صاحب المسيرة الطويلة في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية، بقربه من آية الله علي خامنئي.

– “صديق فعلي” –

وتوالت ردود الفعل على مقتل الرئيس الإيراني.

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيسي، معتبرا أنه كان “سياسيا مميّزا وصديقا فعليا” لموسكو، فيما قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إن وفاة الرئيس الإيراني تشكّل “خسارة كبيرة للشعب الإيراني”.

كذلك، أعربت دول خليجية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي ودول عربية الإثنين عن تعازيها بوفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان.

ووقف اعضاء مجلس الأمن الدولي الإثنين دقيقة صمت حدادا على الرئيس الراحل.

وقدمت واشنطن “تعازيها الرسمية” بوفاة رئيسي في بيان للخارجية الاميركية. الى ذلك، اوضح المتحدث ماثيو ميلر ان طهران طلبت بعد تحطم المروحية مساعدة الولايات المتحدة، لكن الاخيرة لم تتمكن من ذلك “خصوصا لاسباب لوجستية”.

من جهته، قال المتحدث باسم البيت الابيض جون كيربي ان رئيسي كان “رجلا يداه ملطختان بالدماء”، محملا إياه “مسؤولية انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان” في ايران.

ونعت رئيسي فصائل ومجموعات المسلّحة مدعومة من إيران في الشرق الأوسط. 

فأشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الإثنين  بموافق رئيسي “المشرّفة في دعم قضيتنا الفلسطينية”، فيما اعتبر حزب الله اللبناني أنه كان “حاميا لحركات المقاومة”.

وتحدّثت هيئة الحشد الشعبي العراقي عن “فاجعة أليمة”، بينما اعتبر المتمردون اليمنيون الحوثيون أن “فقدان” رئيسي “خسارة ليس لإيران فحسب بل وللأمة الإسلامية جمعاء ولفلسطين وغزة”.

وتولّى رئيسي رئاسة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة منذ ثلاثة أعوام. ويُعدّ من المحافظين المتشدّدين، وانتُخب في 18 حزيران/يونيو 2021 في الجولة الأولى من اقتراع شهد مستوى امتناع قياسياً عن التصويت وغياب منافسين أقوياء.

وخلف الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي كان هزمه في الانتخابات الرئاسيّة عام 2017.

وتعزّز موقف رئيسي في الانتخابات التشريعيّة التي أجريت في آذار/مارس، وهي أوّل انتخابات وطنيّة منذ الحركة الاحتجاجيّة التي شهدتها إيران نهاية عام 2022 بعد وفاة الشابّة مهسا أميني إثر توقيفها بتهمة عدم الامتثال لقواعد اللباس الصارمة في الجمهوريّة الإسلاميّة.

وأشاد الرئيس الإيراني حينها بـ”الفشل التاريخي الجديد الذي لحق بأعداء إيران بعد أعمال الشغب” في عام 2022.

وُلد رئيسي في تشرين الثاني/نوفمبر 1960 في مدينة مشهد المقدّسة لدى الشيعة (شمال شرق)، وقضى معظم حياته المهنية في النظام القضائي، وتولّى مناصب أبرزها المدّعي العام لطهران ثم المدّعي العام للبلاد ورئاسة السلطة القضائية اعتباراً من العام 2019.

واسم الرئيس الإيراني مدرج على اللائحة الأميركيّة السوداء للمسؤولين الإيرانيّين المتّهمين بـ”التواطؤ في انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان”، وهي اتهامات رفضتها السلطات في طهران باعتبارها لاغية وباطلة.

أما حسين أمير عبداللهيان (60 عاما) فعيّنه رئيسي وزيرًا للخارجية في تموز/يوليو 2021.

وأيد المسؤول الدبلوماسي الراحل بشدّة الفصائل الموالية لإيران في الشرق الأوسط، وكان قريبا من اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري والذي قُتل في العاصمة العراقية عام 2020 بضربة أميركية.

اب-رخ/كام-الح-ليل/رض-ب ق

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية