مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حرب الأدوية في مؤتمر الدوحة

حماية الملكية الفكرية في مجال الادوية من بين اهم نقاط الخلاف التي ستطرح في مؤتمر الدوحة swissinfo.ch

يشكل ملف حماية الملكية الفكرية في مجال الأدوية ملفا شائكا في المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة ما بين مطالب برفع القيود المفروضة على الدول النامية لتصنيع أدوية رخيصة الثمن لمواجهة آفات مثل آفة الإيدز، وبين محذر من مخاطر اتخاذ خطوة مماثلة على مستقبل البحث العلمي في هذا الميدان. لكن بالرغم من تصلب المواقف قد يتم التوصل إلى حل مقبول في الدوحة تفاديا لمزيد من المواجهة.

بالرغم من قضاء الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وقتا لا يستهان به في مناقشة كيفية حماية الملكية الفكرية التي لها علاقة بالتجارة في ميدان الأدوية أو ما يعرف ب « TRIPS » أو « ADPIC » فإنها لم تتوصل إلى حل مقبول. وهذا ما دفع إلى طرح هذا الموضوع على المؤتمر في الدوحة في لائحة منفصلة يجب على الوزراء الاتفاق بشأنها.

ضرورة توضيح حجم الليونة في الاتفاق القائم

المشكلة القائمة بخصوص ملف الأدوية وحقوق الملكية الفكرية تكمن في مدى تقدير كل طرف لليونة التي تحتوي عليها اتفاقيات جولة أورغواي لعام 1994 بخصوص حماية الملكية الفكرية في ميدان براءات الأدوية لمدة عشرين عاما من اختراعها.

ولكن هذه الاتفاقيات تشتمل على بند يسمح للدول الفقيرة بعدم احترام حق الملكية في الفكرية عند اضطرارها لصنع أدوية بديلة لمواجهة آفة خطيرة أو واسعة الانتشار مثل مرض الإيدز.

لكن من له الحق في تحديد صلاحية استفادة هذا البلد أو ذاك من هذا البند لتصنيع أدوية بديلة بدون مراعاة حق الملكية الفكرية،او لاستيراد أدوية بديلة من بلد آخر في موازاة استيراد أدوية تحمل اسم المخابر صاحبة ملكية الاختراع؟

فالدول النامية في إفريقيا إضافة إلى الهند والبرازيل ترى أن على الدول الفقيرة أن تستفيد بشكل واسع من هذا البند وأن تلجا بدون أية قيود إلى تصنيع أدوية بديلة او لاستيرادها من بلد مجاور لمواجهة انتشار مرض خطير مثل الإيدز فوق ترابها.

وهذا ما حاولت دولة جنوب إفريقيا القيام به، ولكنها تعرضت لحملة من الشركات الدولية لصناعة الأدوية وصلت إلى حد تقديم شكوى أمام المحاكم، وهي الشكوى التي تم سحبها تحت احتجاج الشارع والمنظمات غير الحكومية. فهذه الدول لا ترغب في العودة كل مرة إلى الحصول على ترخيص من هذه الشركات بل الإقدام على تصنيع الدواء بمجرد اعتبارها آن هناك آفة خطيرة واسعة الانتشار يجب محاربتها.

لكن الدول التي بها صناعة أدوية متطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا والمدعمة من قبل اليابان، ترى أن أي تأويل متساهل لهذا البند قد تكون له عواقب وخيمة على مستقبل البحث العلمي وعلى استثمار شركات الأدوية في البحث عن أدوية لمعالجة الكثير من الأمراض. ولذلك تصر هذه الدول على ألا يقدم مؤتمر الدوحة على إضافة تأويلات جديدة للاتفاق القائم.

تحذير شركات صناعة الأدوية

وقد دعمت شركات صناعة الأدوية من خلال الفدرالية الدولية لصناعة الأدوية موقف سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية بإصدار تحذير يوم الأربعاء في جنيف ترى فيه “أن ما تطالب به الدول النامية يعتبر خطيرا بالنسبة لمستقبل البحث العلمي”.

ويرى مدير هذه الفدرالية السيد هارفي بال “أن الأمر سيصبح خطيرا لو سمح لإداريين حكوميين باتخاذ إجراءات في ميدان طبي بدون أية رقابة او إمكانية لعرض الموضوع على هيئات فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية”. وتشير دراسة قامت بها فدرالية صناعة الأدوية إلى أن الاستثمار في أبحاث علمية جديدة لمحاربة الإيدز قد انخفض منذ بداية تطبيق مبدأ البراءات الإلزامية وتليين إجراءات تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية في مجال الأدوية.

غضب المنظمات غير الحكومية

منظمة أطباء بدون حدود العاملة في الميدان الطبي وفي موقف عبرت عنه للوفد السويسري قبل مغادرته لحضور اجتماع الدوحة طالبت الحكومة السويسرية “بالعمل على تطوير برنامج دولي يسمح للدول النامية بإصلاح نظامها الصحي”.

كما طالبت المنظمة الإنسانية من وزير الاقتصاد باسكال كوشبان الذي سيرأس الوفد السويسري في الدوحة بالعمل ” على تجنب آن تمارس ضغوط على الدول التي ترغب في استخدام استثناء قوانين الملكية الفكرية لمواجهة آفة او مرض خطير واسع الانتشار”.

كما أدان تنسيق المنظمات الإنسانية السويسرية موقف الحكومة السويسرية الذي يرى “أنه يهدف إلى حماية مصالح صناعة الأدوية”. وترى ممثلة إعلان بيرن ماريان هوخولي ” أنه يجب مراعاة حماية الصحة العامة قبل مراعاة حماية حقوق الملكية الفكرية”.

ولا شك أن هذا الملف وهذه الشعارات ستكون من بين الشعارات التي سترفعها جموع المحتجين في مختلف أنحاء العالم خلال المظاهرات المعادية للعولمة ولمنظمة التجارة العالمية في عطلة نهاية الأسبوع احتجاجا ضد مؤتمر الدوحة وضد إجراءات تحديد مشاركة منظمات المجتمع المدني.

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية