حصري-مصدران: إيران ربما تعلق التخصيب مقابل إقرار أمريكا بحقها في الطاقة النووية

من باريسا حافظي وجون أيريش
دبي (رويترز) – قال مصدران رسميان إيرانيان إن طهران ربما تعلق تخصيب اليورانيوم إذا أفرجت الولايات المتحدة عن أموال إيرانية مجمدة واعترفت بحق طهران في تخصيب اليورانيوم للاستخدام المدني بموجب “اتفاق سياسي” قد يُفضي إلى اتفاق نووي أوسع نطاقا.
وأضاف المصدران، المقربان من فريق التفاوض، يوم الأربعاء أنه “يمكن التوصل إلى تفاهم سياسي مع الولايات المتحدة قريبا” إذا قبلت واشنطن شروط طهران.
وقال أحد المصدرين إن الأمر “لم يُناقش بعد” في المحادثات مع الولايات المتحدة.
وأضاف المصدران لرويترز أنه بموجب هذا الاتفاق، ستُوقف طهران تخصيب اليورانيوم لمدة عام، وسترسل جزءا من مخزونها عالي التخصيب إلى الخارج، أو تُحوله إلى صفائح وقود نووي لأغراض نووية مدنية.
والتوقف المؤقت عن التخصيب وسيلة لتجاوز الجمود الناجم عن تعارض الخطوط الحمراء لدى الجانبين، وذلك بعد خمس جولات من المحادثات بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لحل نزاع مستمر منذ عقود حول برنامج طهران النووي.
وأكد مسؤولون أمريكيون مرارا أن أي اتفاق نووي جديد مع إيران، ليحل محل اتفاق أبرمته طهران وست قوى عالمية في 2015، يجب أن يتضمن التزاما بوقف التخصيب الذي يعتبر وسيلة محتملة لتطوير قنابل نووية.
ونفت الجمهورية الإسلامية مرارا أن يكون لها مثل هذه النوايا وقالت إنها تريد الطاقة النووية للأغراض المدنية فقط، ورفضت علنا مطلب واشنطن بوقف التخصيب باعتباره اعتداء على سيادتها الوطنية.
وقال مسؤول أمريكي في واشنطن لرويترز إن الاقتراح الذي تحدث عنه المصدران الإيرانيان لم يطرح على طاولة المفاوضات حتى الآن. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب للتعليق.
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية أن إسماعيل بقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية نفى تقرير رويترز وقال إن “التخصيب في إيران مبدأ غير قابل للتفاوض”.
وذكر المصدران أن طهران لن توافق على تفكيك برنامجها أو بنيتها التحتية النووية أو إغلاق منشآتها النووية كما طلبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضافا أن على ترامب أن يعترف علنا بحق إيران السيادي في التخصيب بصفتها عضوا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن يأذن بالإفراج عن عوائد النفط الإيرانية المجمدة بسبب العقوبات، ومن بينها ستة مليارات دولار في قطر.
ولم تتمكن إيران بعد من الحصول على الستة مليارات دولار المودعة في بنك قطري والتي تم فك تجميدها بموجب صفقة تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وإيران عام 2023 خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وقال المصدر الثاني “إيران تريد تحويل أموالها إليها بدون شروط أو قيود، وإذا كان ذلك يعني رفع بعض العقوبات فليتم ذلك أيضا”.
وأشار المصدارن إلى أن الاتفاق السياسي سيمنح الدبلوماسية النووية الحالية فرصة أكبر لتحقيق نتائج من خلال توفير المزيد من الوقت للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا التي يصعب حلها واللازمة لإبرام معاهدة دائمة.
وأضاف المصدر الثاني “الفكرة ليست في التوصل إلى اتفاق مؤقت، بل اتفاق سياسي يظهر سعي الجانبين لتهدئة التوتر”.
ويشكك دبلوماسيون غربيون في فرص توصل الولايات المتحدة وإيران إلى تسوية بشأن تخصيب اليورانيوم. ويحذرون من أن أي اتفاق سياسي مؤقت سيواجه مقاومة من القوى الأوروبية ما لم تظهر إيران التزاما جادا بتقليص أنشطتها النووية وتتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة من ذلك.
وحتى في حالة تقارب وجهات النظر بشأن التخصيب، سيظل رفع العقوبات بسرعة أمرا صعبا في ظل تفضيل واشنطن للإلغاء التدريجي للعقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي، بينما تطالب إيران بالرفع الفوري لجميع القيود التي فرضتها الولايات المتحدة والتي تعيق اقتصادها المعتمد على النفط.
وردا على سؤال عما إذا كان من الممكن رفع العقوبات الأمريكية، التي أعيد فرضها منذ 2018 عندما انسحب ترامب من اتفاق 2015، خلال فترة توقف التخصيب، قال المصدر الأول “دارت مناقشات حول كيفية رفع العقوبات خلال الجولات الخمس من المحادثات”.
وفُرضت عقوبات على عشرات المؤسسات الإيرانية الحيوية للاقتصاد، بما في ذلك البنك المركزي وشركة النفط الوطنية، منذ 2018 بتهمة “دعم الإرهاب أو نشر أسلحة”، وفقا لواشنطن.
وتواجه القيادة الإيرانية أزمات متفاقمة منها نقص الطاقة والمياه وانخفاض قيمة العملة، فضلا عن خسائر في صفوف جماعات مسلحة تدعمها طهران في المنطقة ومخاوف متزايدة من ضربة إسرائيلية على مواقعها النووية. وزادت حدة تلك الأزمات بسبب موقف ترامب المتشدد.
وأعاد ترامب تطبيق سياسة “أقصى الضغوط” على طهران منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني، بما يشمل تشديد العقوبات والتهديد بقصف إيران إذا لم تفضي المفاوضات الحالية إلى اتفاق.
وقال مسؤولون إيرانيون لرويترز الأسبوع الماضي إن قيادة طهران “ليس لديها خيار أفضل” من اتفاق جديد لتجنب فوضى اقتصادية في الداخل قد تعرض السلطة الحاكمة للخطر.
وقمعت السلطات في السنوات القليلة الماضية احتجاجات على مستوى البلاد خرجت اعتراضا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لكن الاحتجاجات كشفت عن ضعف الجمهورية الإسلامية في مواجهة السخط العام وأدت إلى فرض المزيد من العقوبات الغربية على خلفية انتهاكات مرتبطة بحقوق الإنسان.