The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

بعد عقدٍ من اتفاق باريس… علماء المناخ بين الإحباط والأمل

تغيُّر المناخ
Illustration: Kai Reusser / SWI swissinfo.ch

لا تنعكس آثار تغيُّر المناخ على النُظم البيئية والأنشطة البشرية فحسب، بل تطال أيضًا الجوانب العاطفية والنفسية لدى الأشخاص الدارسين لظواهرها. ويُظهر استطلاع أجريناه في سويسرا، حضور الأثر العاطفي لتغيّر المناخ بقوة في الأوساط المتخصصة. 

برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة “القلق البيئي”، الشعور المستمر بالقلق من تغيّر المناخ وتبعاته. ورغم عدم تصنيفه اضطرابًا نفسيًا في حد ذاته، قد يصل الأثر العاطفي لتغيّر المناخ لدى بعض الأشخاص إلى درجة تؤثّر في حياتهم.نّ اليومية. 

وتتأثّر الأجيال الشابة بشكلٍ خاص؛ فهي تخشى المستقبل، رغم تمسّكها بالأمل في أن الوقت ما يزال كافيًا لتجنّب أسوأ السيناريوهات. كما يطال هذا القلق الأشخاص الدارسين لتغيّر المناخ على نحوٍ مهني، رغم عدم وصوله إلى مستويات مَرَضيَّة بالضرورة. 

في سلسلة المقالات “عشر سنوات على اتفاق باريس”، نسلّط الضوء على الإنجازات في مجالات الانبعاثات، والطاقة المتجددة، والسياسات المناخية، وأبحاث المناخ، في سويسرا وحول العالم.

وفي الاستطلاع الموجَّه إلى الأشخاص الباحثين في مجال المناخ في سويسرا، أفاد نحو ثلاثة أرباع المشاركين.ات (72%) بشعورهم.نّ بأثر عاطفي يرتبط بعملهم.نّ أو بتطورات تغيّر المناخ. ومن هؤلاء، قال 41% إنّهم يشعرون بذلك “أحيانًا”، و31% “عدة مرات في الأسبوع”، بينما قال 6% فقط إنّ هذا القلق لا ينتابهم إطلاقًا. 

محتويات خارجية

أمَّا بيير فولنفايدر، الباحث في علم بيئة الغابات في المعهد الفيدرالي السويسري لأبحاث الغابات والثلوج والمناظر الطبيعية، فيشعر بالقلق. ويقول: “أنا قلق للغاية بشأن تبعات تغيّر المناخ متوسطة المدى؛ لديّ ابنة، وأتساءل عن شكل العالم الذي ستعيش فيه”. ويبدي مع ذلك، أملًا في الأجيال الشابة، لأنها “تريد إيجاد حلول مناخية”. 

وعلى مستوى المجتمع العلمي الأوسع، يسود اعتقاد بأن الهدف الأكثر طموحًا في اتفاق باريس، المتمثّل في الحدّ من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، بات صعب التحقيق. ويؤدي تجاوز هذا الحدّ الحرج إلى زيادة كبيرة في مخاطر حدوث تغيّرات جوهرية في النظم البيئية، والتنوع البيولوجي، والأمن الغذائي. 

وبالنسبة إلى المجتمع العلمي، يؤدي غياب الإجراءات الملموسة، على المستويين السياسي والمجتمعي، إلى الشعور بالإحباط، لا سيّما في ظلّ قناعته بأنّ الحلول الكفيلة بخفض الانبعاثات وجعل الكوكب أقل تلوّثًا، ما تزال في متناول اليد. 

>> حصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، ممكن؟ خبراء في سويسرا يشكّكون:

المزيد
اتفاق باريس

المزيد

خفض الانبعاثات

خبراء المناخ في سويسرا: هدف اتفاق باريس بات بعيد المنال

تم نشر هذا المحتوى على قبل 10 سنوات، وقَّعت 169 دولة على اتفاق باريس. واليوم، يكشف استطلاع لآراء علماء وعالمات المناخ في سويسرا أن تحقيق هدف إبقاء الاحترار العالمي عند 1.5°م لم يعد واقعيًا.

طالع المزيدخبراء المناخ في سويسرا: هدف اتفاق باريس بات بعيد المنال

علماء تغيُّر المناخ بين التفاؤل والقلق

وفقًا لدراساترابط خارجي تتناول المعاناة العاطفية الناجمة عن تغيّر المناخ، يعمل الباحثون والباحثات في مجال المناخ في ظروف فريدة. فقد يجعلهم اطّلاعهم.نّ المستمر على واقع الاحترار العالمي وتَبِعاته، وعلى التوقّعات والسيناريوهات المستقبلية، أكثر عرضة للقلق، والاكتئاب، والشعور بالعجز. 

ويقول ريتو كنوتي، عالم فيزياء المناخ من المعهد التقني الفيدرالي العالي في زيورخ، والمُدرِّس والباحث منذ قرابة ثلاثين عامًا: “لقد طوّرتُ استراتيجيات للتأقلم مع هذه المشاعر”. 

“يغمرني الإحباط والحزن عندما أفكّر في القرارات والإجراءات السياسيّة”

سونيا سنيفيراتني، باحثة في علوم المناخ، المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ

ويشرح كنوتي تركيز وظيفته العلميّة على فهم الأنظمة المناخية، والتفاعلات بينها، والجوانب الإحصائية المرتبطة بها. ويضيف: “أنا أب لطفلين، ويحزنني التفكير في أنّ توقّعاتنا الحالية ستكون واقعهما المستقبلي”. 

ويقول إنّه، على خلاف بعض طلّابه، لا يشعر بالقلق. لكنه يعترف بأنّ مزيجًا من “الخوف والحزن” ينتابه عند متابعة التطوّرات الأخيرة. ويضيف: “يتقدّم تغيّر المناخ بسرعة. ولذلك، فإن الفجوة بينه وبين الاستجابات السياسية، والمجتمعية آخذة في الاتساع”. 

كما يأسف كنوتي لأن تغيّر المناخ لم يعد في صدارة الأجندة السياسية العالمية، المشغولة اليوم بالرسوم الجمركية، والحروب، والهجرة. ويقول: “لدينا جميع الأدوات اللازمة للتعامل مع أزمة المناخ؛ من السيارات الكهربائية إلى المضخّات الحرارية، ما يبعث على التفاؤل. لكن يطغى التشاؤم عندما أفكّر في الإرادة السياسية للحراك”. 

يُعدّ اتفاق باريس أول اتفاق دولي ملزم قانونًا في مجال المناخ. إذ يُلزم جميع الدول بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وقد تم اعتماد الاتفاق في 12 ديسمبر 2015 في العاصمة الفرنسية باريس، خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (COP21).

ويهدف الاتفاق إلى إبقاء الاحترار العالمي أقلّ من 2°م فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مع السعي إلى عدم تجاوز زيادة قدرها 1.5°م. ولتحقيق ذلك، ينبغي الوصول إلى مستوى انبعاثات صِفرية (أي الحياد المناخي) بحلول عام 2050. 

وقد وقَّع على الاتفاق 196 دولة، وصادقت عليه سويسرا في عام 2017. 

أزمة مناخية… وتجاهل لمشكلة قابلة للحل

يتفّق فيليب تالمان، أستاذ الاقتصاد البيئي في المعهد التقني الفيدرالي العالي في لوزان، مع هذا الرأي. ويقول: “أعمل على قضايا المناخ منذ وقت طويل، وأدركت أنه لا يمكننا مواجهة هذا التهديد”. 

ويضيف أنّ العديد من الدول والشركات، المُلتزمة سابقًا بخفض بصمتها الكربونية، باتت تتراجع عن تعهداتها. كما ينطبق الأمر نفسه على القطاع المالي. ويقول: “أشعر بنوع من الإحباط، بسبب المماطلة في اتخاذ الإجراءات، بدعوى أنّ [أزمة المناخ] ليست مسألة ملحّة”. 

أمَّا ساندرو فاتّيوني، عالم المناخ في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، فيعبر عن “إحباط شديد” بسبب استمرار ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم. ويقول: “نعرف كيف نستخدم المصادر المتجددة في توليد الكهرباء، وفي مجال النقل. لكن لا تزال وتيرة التنفيذ بطيئة للغاية. ومن المُحبط، بعد مرور عشر سنوات على اتفاق باريس، أن نرى البطء الشديد في الانتقال نحو مستقبل مستدام”. 

ووفقًا لتقريررابط خارجي حديث للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي رقمًا قياسيًا جديدًا، عام 2024. ومقارنةً بعام 2023، كان الارتفاع في تركيزه الأكبر منذ تسجيل القياسات عام 1957. وبالنسبة إلى فاتّيوني، دارس إمكانية التحكم في الإشعاعات الشمسية للتقليل من آثار تغيّر المناخ، قد يكون موضوع بحثه مصدرًا للإحباط. ويقول: «ينتابني شعور متناقض. فمن جهة، أرى أهمية معرفة المزيد عن هذا المجال، لأننا قد نحتاج إليه يومًا ما. لكنني أدرك، أيضًا، أنه ليس حلًّا، إذ لا يعالج الأسباب الجذرية لأزمة المناخ”. 

“كنت أكثر تشاؤمًا قبل عشرين عامًا”

عند سؤال الأشخاص المشاركين في الاستطلاع عن مشاعرهم تجاه مستقبل المناخ، عبَّر نحو الثلث عن “قلق، وإصرار” على مواصلة العمل. وأبدى ثلث آخر تقريبًا “تفاؤلًا حذرًا”. وفي المقابل، عبَّر 27% عن “تشاؤم عميق”، أو “انفصال عاطفي وإرهاق نفسي”. 

محتويات خارجية

أمَّا سونيا سنيفيراتني، الباحثة المرموقة عالميًّا في علوم المناخرابط خارجي، ودراسة الظواهر المناخية المتطرفة وتفاعلات المناخ مع اليابسة، فتبدو متشائمة. وتقول: “يغمرني الإحباط والحزن عندما أفكّر في القرارات، والإجراءات السياسيّة. أفكّر، مثلًا، في قرار الولايات المتحدة تقليص دعم الطاقة المتجددة، وتشجيع الوقود الأحفوري”. 

مع ذلك، تؤمن سنيفيراتني بأنّ المسار بات واضحًا. وسيحدث إدراكٌ عالميٌّ جماعي، عاجلًا أم آجلًا، ويدفع إلى اتخاذ قرارات سريعة لحماية المناخ. وتقول: “كنتُ أكثر تشاؤمًا قبل عشرين عامًا، لأننا لم نكن نملك حلولًا. أمّا اليوم، فالحلول موجودة، رغم أنّ الباعث على الإحباط هو التردّد في اتخاذ قرارات، تُعدّ في الواقع عقلانية تمامًا”. 

وتشعر ميلين جاكمار، من المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ، ودارسة آثار تغيّر المناخ على المخاطر الطبيعية في المناطق الجبلية والقطبية، بشيء من عدم الارتياح أيضًا. وتقول، معبّرةً عن قلقها إزاء التحوّل السريع الذي تشهده البيئات الجبلية: “أحيانًا، أشعر بعدم اكتراث الكثير من الناس، ليس في السياسة وحدها، بما يحدث”. 

ففي المناطق الجبلية، يؤدي تزايد ارتفاع درجات الحرارة إلى تراجع تساقط الثلوج، وانصهار الأنهار الجليدية، وزيادة عدم استقرار المنحدرات. وقد تصبح أنشطة، مثل تسلّق الجبال أو التزلج، غير ممكنة في أجزاء عديدة من جبال الألب. وتقول جاكمار: “يحزنني التفكير في أنّ أطفالنا قد لا يعيشون تجربة الجبال بالطريقة التي نعرفها اليوم”. 

لكن يدفعها هذا إلى مواصلة عملها. فهي تأمل في إسهام بحثها في حماية الأماكن التي تعتزّ بها. وتقول: “يتيح لنا تحسين فهمنا لكيفية تطوّر المخاطر الطبيعية الاستعداد، والتكيّف”. وتضيف أنّ هناك بوادر تحرّك في الاتجاه الصحيح، من بينها النمو العالمي لمصادر الطاقة المتجددة. 

>> تُنتج مصادر الطاقة المتجددة نحو ثلث كهرباء العالم اليوم، كما تفوق الاستثمارات فيها تلك المخصّصة للغاز. ولمعرفة المزيد، يمكن الاطلاع على هذا التقرير:

المزيد
الطاقات المتجددة

المزيد

التكيف مع المناخ

الطاقات المتجددة: هل ستشرق الشمس مجدداً غدًا؟

تم نشر هذا المحتوى على لقد أعطى اتفاق باريس للمناخ دفعة حاسمة لمصادر الطاقة المتجددة في سويسرا وفي جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، تفقد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح زخمها في بعض البلدان.

طالع المزيدالطاقات المتجددة: هل ستشرق الشمس مجدداً غدًا؟

الثقة بالعلم

لا يزال لدى المجتمع العلمي ما يدعو إلى التفاؤل. فوفقًا لمؤشر العلم 2025رابط خارجي، يبدي معظم السكان في سويسرا ثقة راسخة بالعلم، ويرون ضرورة استناد القرارات السياسية إلى المعرفة العلمية. 

وتقول سونيا سنيفيراتني: “بوصفي عالمة مناخ، تسعدني حظوة قضايا ‘المناخ والطاقة’ بعدُ بأهمية واضحة”. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: لويجي جوريو

ما هو الدور الذي يجب على سويسرا أن تلعبه للإسهام في حل أزمة المناخ؟

بالنسبة للبعض، هي أصغر من أن تتصرف، وبالنسبة لآخرين فهي غنية جدًا ولا تستطيع عدم القيام بأي شيء. ما الذي تتوقعه من سويسرا؟ شاركنا رأيك!

57 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: غابي بولار

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية