مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خالد مشعل .. قيادة وسط الأعاصير العاتية

خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ندوة صحفية بدمشق يوم 10 يوليو 2006 Keystone

القيادة مثلها مثل السياسة، فنون ورموز، وأكثرها سطوعا تلك التي يُفرض عليها السير وسط الأعاصير والأنواء، ومع ذلك تظل على ثباتها وقدرتها على التفرقة بين الأصل والصورة وبين الدائم والمتغير.

وخالد مشعل، أو أبو الوليد، هو أحد الشخصيات القيادية التي فرضت نفسها على الساحتين، العربية والإقليمية، وبالطبع الفلسطينية منذ أكثر من عقد تقريبا.

القيادة مثلها مثل السياسة، فنون ورموز، وأكثرها سطوعا تلك التي يُفرض عليها السير وسط الأعاصير والأنواء، ومع ذلك تظل على ثباتها وقدرتها على التفرقة بين الأصل والصورة وبين الدائم والمتغير.

وخالد مشعل، أو أبو الوليد، هو أحد الشخصيات القيادية التي فرضت نفسها على الساحتين، العربية والإقليمية، وبالطبع الفلسطينية منذ أكثر من عقد تقريبا، فالرجل يُـجيد الحديث والتعبير عن الأفكار الكبرى، كما يُـجيد شرح المواقف المتغيِّـرة ويكشف ما فيها من مُـرونة عابرة تفرضها المستجدات، وما فيها من التزام بالجوهر وثوابت القناعات الفكرية والسياسية، وهو قبل ذلك صاحب قرار يصل إليه، حسب قوله، “وفقا لآليات وقواعد الحركة” التي يرأس مكتبها السياسي.

علاقة عضوية ومصيرية

ارتبط الرجل بحماس منذ نشأتها، وباتت اليوم حماس مرتبطة به بعد أن تولّـى قيادة مكتبها السياسي، واعتُـبر قائدا لها بعد رحيل مؤسسها الشيخ أحمد ياسين في 22 مارس 2004.

وما يقوله مشعل، يعني في الجوهر ما تفكِّـر فيه حركة حماس وما تفعله أيضا حكومة حماس وأيضا ما تنوي فعله في المستقبل، ولذلك، فالعلاقة بين الرجل القائد وبين التنظيم والحركة هي علاقة عضوية ومصيرية في آن واحد.

والاقتراب مما يقوله مشعل أو ما يفعله، هو نوع من الاقتـراب في العُـمق ممّـا يجري داخل حماس، الحركة والتنظيم والحكومة معا، تلك الحركة التي تحافظ على سرية اتِّـخاذ القرار داخلها، رغم أنها الآن مُـعرّضة لكل أنواع الضوء المُـبهر ومن مختلف الاتِّـجاهات والزوايا.

والتفسير المناسب لذلك، أنها كتنظيم وكقيادة وككوادر وكعناصر، حركة لا زالت مُـستهدفة من قِـبل إسرائيل والولايات المتحدة، وربما بعض الدول العربية أيضا، مع الفارق في حجم الاستهداف وطبيعته ومَـداه.

ومن هنا، فلا بأس من بعض الغموض وبعض السرية، فالاحتلال قائم في الأرض المحتلة ونهايته لم تتحدّد بعد، وتحدّيه بالسرية والغموض مفيد، حسب القوانين التاريخية لأي صراع يحكم علاقات حركات التحرر الوطني بقوى الاحتلال.

ويكفي أن نعلم أن أكثر من سبعة آلاف كادر وعضو بالحركة هم حاليا في سجون إسرائيل، وحتى الذين انتُـخبوا وفقا للنظام السياسي القائم على اتفاقيات أوسلو، لم يفلتوا من الاعتقال أو المطاردة، والحفاظ على الباقين من الكوادر والأعضاء، كبارا وصغارا، قضية تشكِّـل الأولوية لأي قيادة في حماس، كما أن فك قيد الأسرى أولوية كبرى أيضا.

فك الالتباس لدى الإعلام والجمهور

وحين يتحدث خالد مشعل ويسهب في الشرح مع نخبة محدودة أو ممثلي الإعلام على الملأ، كما حدث مع مجموعة صغيرة من الأكاديميين والإعلاميين المصريين في زيارته الأخيرة إلى القاهرة، فهذا يعني أن الرجل يُـدرك أن هناك التِـباسا لدى قِـطاع من الإعلاميين والجمهور بشأن بعض الخطوات التي اتخذتها حماس، ومن ثَـمَّ، يسعى إلى فكِّ هذا الالتباس ووضع بعضٍ من النقاط على الحروف.

والعناوين لهذا الالتباس عديدة، بعضها ناتج من طبيعة الخطوات التي قبلتها حماس نفسها قبل عام ونصف واعتُـبرت بمثابة قطيعة سُـلوكية لدى الحركة، والبعض الآخر نتيجة ما يقوله منافسو حماس عنها، ناهيك عمّـا يُـروِّجه أعداؤها عنها كجزء طبيعي من مكوِّنات الصِّـراع والمواجهة الوجودية.

أحد أبرز عناوين الالتباس يتعلّـق أساسا بمدى استيعاب حماس، الحركة والتنظيم، لمعنى مشاركتها في الانتخابات التي جرت في يناير 2006 ونتج عنها فوزها الكبير وتشكيلها الحكومة مُـنفردة بعد رفض الآخرين مشاركتها في تلك الحكومة، ثم تعرضها وتعرض الشعب الفلسطيني معها لكل أنواع الحصار الاقتصادي والعزل السياسي.

إصلاح من داخل النظام

ورغم توضيحات الحركة من قبل، أن مشاركتها هي بهدف إصلاح الأوضاع الفلسطينية ووقف حالة التدهور التي شاعت فيه، ولا يعني ذلك قبولها بالضرورة لاتفاقيات أوسلو التي يقوم على أساسها النظام السياسي الفلسطيني الراهن، بما في ذلك التزاماته الخارجية، فإن الأمر من الناحية الفعلية، قبول الأمر الواقع الذي لا تغيره التعبيرات المُـحكمة أو التصريحات الغامضة، وتلك بدورها علامة على تغيير مهم لحق بحماس الحركة.

أما الإصلاح المنشود، فهو لا يأتي إلا من داخل السلطة نفسها بعد “أن أصبح هناك مجال للتطوير، بعد أن كانت السلطة مصممة في اتجاه معين ولخدمة أغراض معينة”، حسب قوله.

لقد أصبحت حماس جزءا من النظام السياسي الفلسطيني، هذه حقيقة واضحة، ورغبتها في إصلاح هذا النظام أمر مشروع، وتمسكها بالسلطة الناتجة عن تفضيلات الناخبين عبر صناديق الانتخاب، هو أيضا أمر مشروع، ولذلك، فالذين ينتقدون حماس لتمسُّـكها بالسلطة، مردود عليهم بالحجة ذاتها التي يرفعونها ضدّ حماس، غير أن ذلك لا يلغي حقيقة أن المشاركة في السلطة مستند أساسا على نظام أوسلو.

ثبات ومرونة.. تكتيك وإستراتيجية

هذه الإشكالية تطرح قضية الثبات والتغير أو المرونة والجمود لدى حماس التي لديها موقف فكري محدّد يقوم على أساس رفض الاعتراف بالاحتلال.

وفي توضيح هذه الثنائية، يقول مشعل “من لم يكن مَـرنا حين تكون المرونة لازمة، فهو خاطئ، ومن لم يكن ثابتا عندما يكون الثبات ضروريا، فهذه جريمة، وحتى نُـحافظ على الجوهر، يلزمنا نوع من المُـرونة، فنحن أبدينا المرونة، ولكن بعيدا عن الجوهر، وكل ما قدّمته حماس من تنازلات، هو في الهوامش التكتيكية ولم نمس الجوهر، فحماس لديها برنامج ولن تغيره”.

وفى ظل هذه المرونة العامة، يكون اتفاق مكة بمثابة تغيير مهم في التكتيك الهادف إلى تغيير البيئة العامة المحيطة بحماس ومشاركتها في السلطة، تغيير يستهدف رفع الحصار ووقف العزل السياسي والتحسب أيضا لما قد تحمله التطورات الإقليمية من صراعات ومواجهات، لاسيما ما قد يجري في إيران وضدها.

وأمر اتفاق مكة، ليس تقديم تنازلات كما يروّج البعض، بل قرار، حسب مشعل، تمت دراسته في جميع أطر الحركة “وما تم الموافقة عليه، جاء من القاعدة إلى القمة ولا يمكن الحيدة عنه، وحِـرصا على مصلحة الشعب الفلسطيني كله”.

فالاتفاق ليس قرارا أحاديا أو ناتجا عن خضوع لجهة خارجية ما، بل هو قرار الحركة بشقيها، من هم في الداخل ومن هم في الخارج، من هم يعانون الاحتلال ومن هم يعانون الاغتراب عن الوطن.

قرار مستقل

وما دام الجميع متِّـفقا في الحركة على اتفاق مكة، فهذا يعني أن لا خضوع لمحاور من أي جهة. فالقرار، حسب مشعل، قرار مستقل “وليس لأي دولة دور فيه ولا توجد دولة تدعمنا ماليا تستطيع أن تؤثر في قرار حماس، لأنه قرار يوازن بين الاستقلالية وبين عدم الدخول في خط المحاور العربية، ولا تستطيع أي دولة أن تضع وصاية على الحركة”.

هذا الاستقلال يجعل حماس حريصة على علاقاتها العربية، أيا كان وضع هذه الدولة أو تلك، فرغم كل شيء، يمكن للجميع أن يساند حماس بطريقته الخاصة، فالحركة، وفقا لمشعل “حافظت على علاقاتها العربية ومع دول مصنّـفة أمريكيا وبعضها دعم الحركة بالمال، ونظرة حماس، هي التعامل مع الجميع في الجوانب الإيجابية التي تخدم القضية الفلسطينية، حتى ولو كانوا على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة”.

تمسك وظيفي ووجودي

والمسألة، حسب أبو الوليد، ليست شهوة سلطة كما يقول المعارضون، بل لأن التخلي عن السلطة “ستكون له عواقب وخيمة جدا أكثر من البقاء فيها”، والذين يتصوّرون أن الخروج من السلطة سيجعل حماس تعود مرة أخرى إلى المقاومة، هم مخطِـئون، حسب مشعل، لأنه إذا تركت حماس السلطة “ستجد نفسها غير مسموح لها بممارسة السياسة والمقاومة، وسيتجرأ الجميع لإخراجنا من المعادلة السياسية، واعتقد أن صمودنا جاء بالنتيجة التي نريدها”.

التمسك بالسلطة، وفقا لهذا التحليل، هو تمسك وظيفي ووجودي في آن واحد، الأول يعني تمسك بممارسة السياسة وفي التأثير على اتجاهاتها وضغوطها وطموحاتها، وفي الثاني، تأكيد على أن حماس تغيّـرت فلم تعد المقاومة العسكرية هي سبب وجودها الوحيد، بل الفعل السياسي بكل ما فيه من رحابة وغموض وتكتيك وإستراتيجية، هو سبب الوجود والبقاء والاستمرارية أيضا، وهكذا تكون حماس قد غيّـرت بيئتها وتغيرت معها.

وقد ثبت للجميع أن إقصاء حماس ليس بالأمر الوارد، فهي متجذرة في الواقع الفلسطيني، كما أنها لن تكون بديلا عن أي طرف فلسطيني آخر، سواء فتح أو غيرها.

والنتيجة العملية لكل ذلك أنه لا بديل عن الشراكة مع القوى السياسية الأخرى، والكلمة المفتاح، حسب مشعل، هي “تقديم التطمينات للجميع والاتفاق معهم بعيدا عن التدخلات الخارجية”.

د. حسن أبو طالب – القاهرة

غزة (رويترز) – رفضت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم الاثنين 12 مارس 2007 انتقادات وجهها لها أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة وقالت ان المقاومة هي استراتيجيتها وانها لا تزال ملتزمة بثوابتها رغم اتفاق المشاركة في السلطة مع حركة فتح.

وقالت حماس في بيان “لن نخون ما عاهدنا الله عليه وهو المضي قدما في طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين.. كل فلسطين.”

وفي تسجيل صوتي بث على الانترنت يوم الاحد 11 مارس اتهم الظواهري حماس بخدمة المصالح الامريكية بموافقتها على احترام الاتفاقات الفلسطينية السابقة المبرمة مع اسرائيل في اطار اتفاق حكومة الوحدة الذي توصلت اليه بوساطة سعودية مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

لكن الاتفاق لم يصل الى حد تلبية مطالب لجنة الوساطة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا وتتركز على الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف وقبول اتفاقات السلام المؤقتة القائمة.

وقال الظواهري ان اتفاق مكة كان جزءا من محاولة من جانب واشنطن لتهدئة غضب العالم الاسلامي ازاء ما وصفه بتحيزها نحو اسرائيل.

واتفقت حماس وفتح خلال اجتماع عقد في مكة قبل شهر على تشكيل حكومة ائتلافية مشتركة في خطوة أنهت الى حد كبير أسابيع من الاقتتال الداخلي تركز في قطاع غزة وخلف أكثر من 90 قتيلا.

وقال الظواهري “انه بكل صراحة مخطط أمريكي للالتفاف على المقاومة الجهادية الاسلامية للحملة الصليبية الصهيونية… أمريكا رأت بأن عليها أن تحل قضية فلسطين حلا صوريا أو قل هزليا لكي تزيل أكبر أسباب كراهية المسلمين لها.”

واتهم الظواهري حماس بالتخلي عن نهجها في تنفيذ “العمليات الاستشهادية” من اجل تحقيق مكاسب سياسية.

وقتلت حماس حوالي 300 اسرائيلي في 58 هجوما انتحاريا عقب الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 2000. وكان اخر تفجير انتحاري نفذته في اسرائيل عام 2004.

واضافت حماس في بيانها “اننا حركة مقاومة.. طلاب شهادة.. ثوابتنا لن تتغير أو تتبدل.”

وتابعت “تصريحات الظواهري الاخيرة جانبها الصواب ولم تكن في محلها… هي مزاودة مرفوضة.. فالمقاومة هي استراتيجيتنا.. أما كيف ومتى تكون.. فهذا يعود لتقديراتنا ونحن نقدر الامور وفقا لواقع الحال وأكثر دراية بما يحيط بنا من ظروف وأحوال ونتعامل معها وفقا لما يخدم مصالح شعبنا الفلسطيني.”

واضافت “ولتطمئن يا دكتور ايمن وليطمئن كل الغيورين على فلسطين من أمثالك ان حماس لازالت حماس التي عرفتموها منذ ان اعلنت عن نفسها ولن تحيد عن الطريق.”

وقالت حماس “ان حركة المقاومة الاسلامية حماس حركة سلفية جهادية ومقاومة وستبقى كذلك ما دام هناك شبر واحد من فلسطين محتلا وهذا الامر لسنا بحاجة الى تأكيده ولكن نريد أن نلمع به ذاكرة البعض.”

وأكدت حماس ان قرارها بخوض الانتخابات الفلسطينية في يناير كانون الثاني 2006 التي جاءت بها الى السلطة واتفاق حكومة الوحدة مع فتح الشهر الماضي انما هو “من باب حفظ المصالح العليا للشعب الفلسطيني.”

وعرض زعماء حماس هدنة طويلة الاجل مع اسرائيل في مقابل اقامة دولة فلسطينية تحمل مقومات البقاء على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. ويدعو ميثاق تأسيس حماس عام 1988 الى تدمير دولة اسرائيل.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 12 مارس 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية