مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خروج أقصى اليسار وتعزيز لأقصى اليمين

بلغت نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان المحلي 40،7%، وهي نسبة مشاركة استثنائية بمقاييس جنيف Keystone

أسفرت انتخابات جنيف عن إقصاء أقصى اليسار وإفساح المجال أمام "حركة مواطني جنيف" الموصوفة باليمينية المتطرفة التي حصلت على 9 مقاعد في برلمان الدويلة.

هذا التحول يترك كل الاحتمالات قائمة أمام تشكل تحالفات تتعدى التناسق السياسي التقليدي لرفع التحديات العويصة التي تواجه جنيف.

بعد اختتام التعداد الإضافي لأصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي عرفتها دويلة جنيف يوم التاسع من أكتوبر، كشفت النتائج النهائية أن برلمان الدويلة سيعرف تقلبات جوهرية إثر إقصاء تحالف اليسار وفتح الأبواب على مصراعيها لحركة سياسية يمينية جديدة تسمى “حركة مواطني جنيف” التي حصلت على تسعة مقاعد في البرلمان المحلي الذي يشتمل على 100 مقعد.

تقدم الخضر وتراجع اليسار

من الأحزاب البرلمانية التي حصلت على تقدم هام في هذه الانتخابات حزب الخضر الذي أضاف خمسة مقاعد لكي يصل عدد المقاعد التي في حوزته الى 16. بينما نجد أن الحزب الإشتراكي فقد مقعدين لكي ينحصر عدد ممثليه في 17 نائبا برلمانيا. وبهذا يصبح التحالف البديل المضاد للتيارات اليمينية مقتصرا على ثلاثة وثلاثين مقعدا.

ومن أكبر الخاسرين كما سبق ذكره في هذه الانتخابات تحالف اليسار الذي لم يحصل إلا على 6،96% من الأصوات، أي أقل من النسبة الضرورية للتمثيل داخل البرلمان المحددة بـ 7%. تجر الإشارة إلى أن القرب من الحد الأدنى هو الذي أدى الى إعادة عد الأصوات للتحقق نهائيا من إقصاء تحالف اليسار من التمثيل البرلماني.

أما حركة “تضامن” SolidaritéS فلم تحصل إلا على 6،62% من أصوات الناخبين، مقابل 1،20 % من الأصوات للشيوعيين.

وبعدم تمثيل تحالف اليسار وحركة تضامن داخل برلمان دويلة جنيف يحرم أكثر من 13% من الناخبين من التمثيل في البرلمان الجديد.

ويرى أغلب المحللين أن هزيمة أقصى اليسار تعود الى تمزق الصفوف الذي خاضت به هذه التيارات الانتخابات وهو ما أدى الى إقصاء شخصيات معروفة على الساحة مثل رئيس بلدية جنيف السابق كريتسان فيرازينو والمحامي المعروف كريتسيان جروبي. وهو ما دفع النائب السابق جاك فيرني إلى القول: “أهل جنيف ينفرون من دعاة الانقسام”.

استقرار اليمين وتقدم أقصى اليمين

أحزاب اليمين المعروفة بـاسم “التفاهم البورجوازي” والتي تضم الحزب الليبرالي والحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الراديكالي حافظت على مواقعها على التوالي بنسب 23 و 12 ثم 12 مقعدا.

من جهته حقق حزب الشعب السويسري، تقدما طفيفا حيث رفع عدد مقاعده من 10 الى 11 مقعدا. لكن المفاجأة الكبرى أتت من حصول الحزب الجديد “حركة مواطني جنيف” على تسعة مقاعد مرة واحدة مما سمح لها بدخول مقر البرلمان المحلي من الباب الكبير.

وكانت هذه الحركة المصنفة في خانة أقصى اليمين الشعبوي (مع أن مسئوليها يرفضون ذلك التوصيف) قد رفعت في حملتها شعار “لا يمين ولا يسار”. ولكن حملتها الانتخابية تركزت على الدفاع على مصالح أهل جنيف والتشهير بمضار العمال القادمين من وراء الحدود والمقصود بهم العمال الوافدين من فرنسا المجاورة بالدرجة الأولى.

وبهذه الشعارات نجحت حركة مواطني جنيف في استقطاب جميع الأصوات الغاضبة كما أن النتائج التي حصلت عليها تجعل منها – نظريا – في موقع الحكم عند تشكيل التحالفات البرلمانية القادمة.

في انتظار إعلان النوايا

السؤال المطروح اليوم هو كيف يمكن تشكيل برلمان قادر على اتخاذ القرارات في ظل هذه الانقسامات والتنافر الحاد في تركيبته. ويرى عدد من المتابعين أن الحل قد يأتي من انتخاب وزراء الحكومة المحلية الشهر القادم والذي قد يفرض بعض التحالفات على الأقل فيما يتعلق بالملفات الكبرى.

إقصاء تحالف اليسار وحركة التضامن من البرلمان، يترك المجال مفتوحا أمام تحالفات جديدة قد تبدو غير طبيعية للوهلة الأولى، مثل احتمال حصول تقارب بين حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد وبين الاشتراكيين او الخضر وهو احتمال أكثر ورودا من إمكانية تحالفه مع حركة مواطني جنيف نظرا لوجود خلافات قوية بين زعماء التشكيلتين.

كما ظهرت تصريحات من قبل الاشتراكيين تترك المجال مفتوحا أمام احتمال عدم عرقلة تشكيل تحالف للاحزاب اليمينية فيما يتعلق بالملفات الكبرى تماشيا مع ما ينتظره الناخبون في جنيف وما عبروا عنه من خلال نتائج التصويت.

وقد تحدد كل هذه المواقف بعد التعرف على نوايا “حركة مواطني جنيف” التي ستجتمع قريبا لتحديد استراتيجيتها البرلمانية. وفي هذا السياق، لم يستبعد رئيسها جورج لاتوليي أي تحالف مع الأحزاب الممثلة حاليا بوزراء في الحكومة المحلية، وهي الحزب الليبرالي والحزب الإشتراكي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي المسيحي.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

في 9 أكتوبر دُعـي الناخبون في جنيف إلى اختيار أعضاء البرلمان المحلي المائة لمدة أربعة أعوام

تمخضت الإنتخابات عن مفاجأتين: خروج أقصى اليسار ودخول حزب جديد يمثل اليمين الشعبوي.

جنيف في أرقام:
عدد السكان: 428 ألف شخص (سويسرا: 7 ملايين و418 ألف ساكن)
نسبة البطالة: 7،1% (في سويسرا: 3،9%)
معدل الدخل الفردي في الكانتون: 52074 فرنك (في سويسرا: 48604)
الصادرات: 10ملايين و465 ألف فرنك (في سويسرا: 147 مليون و338 ألف فرنك)
الواردات: 7 ملايين و772 ألف فرنك (سويسرا: 138 مليون و778 ألف فرنك)
معدل متوسط المرتب الشهري: 6062 فرنك (سويسرا: 5379 فرنك)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية