خلافات تحف الطريق إلى كابول

تحركات تحالف الشمال لا تروق للقيادة الامريكية، ولكنها تزحف في اتجاهات محتلفة Keystone

بدأت قوات التحالف الشمالي تحضِّر لشن هجومها على العاصمة الأفغانية ربما قبل حلول شهر رمضان متزامن مع الهجمات الأمريكية المكثفة شمال العاصمة الأفغانية وكذلك بعد استيلاء قوات التحالف على مدينة مزار الشريف الاستراتيجية وأربعة أقاليم مجاورة.

وكانت قوات الطالبان قد استولت على مدينة مزار الشريف عام 1997 بعد معارك طاحنة وانشقاق قوات الجنرال عبد المالك من التحالف مع قوات الجنرال عبد الرشيد دوستم الأزبكستاني الأصل وهذه المدينة منذ حينه سقطت من أيدي الطالبان أربعة مرات وعادوا واستولوا عليها لكن هذه المرة يبدو أن الانسحاب الاستراتيجي الذي قامت به الطالبان لن يكون لمصلحتها إذ أن الولايات المتحدة تسيطر على الأجواء الأفغانية وبالتالي أي تحرك جديد لقوات الطالبان أو تجميع صفوفها لمهاجمة المدينة من جديد ستكلل بالفشل بسبب الغطاء الأمريكي الجوي الذي سيضع هذه القوات تحت رحمة الطائرات الحربية الأمريكية المتطورة.

عدا عن ذلك فإن واشنطن تسعى لاستخدام مطار المدينة لإيصال الإمدادات العسكرية لقوات التحالف الشمالية وإقامة قاعدة عسكرية لتدمير حركة الطالبان وتنظيم القاعدة رغم القلق المتزايد لدى واشنطن أن نقص عدد قوات التحالف الشمالي وانعدام التنسيق بين صفوفها لا يمكّنها من الاستيلاء على المدينة لمدة طويلة خاصة وأن هناك أنباء تؤكد أن متطوعين باكستانيين دخلوا عبر مجموعات إلى قرب من مدينة مزار الشريف للمقاتلة بجانب قوات الطالبان. أضف إلى الشكوك السياسية بين أطراف التحالف الشمالي والمشاكل اللوجستية الأخرى.

اهمية مدينة مزار الشريف:

– أول كسب معنوي كبير لقوات التحالف وأول خسارة عسكرية للطالبان.

– استخدام مطارها العسكري للإمدادات العسكرية والإنسانية.

– فتح الجبهة الأزبكستانية أمام قوات التحالف الشمالي خاصة قوات الجنرال عبد الرشيد دوستم.

– فتح الطريق أمام إقليم بادغيس للانضمام إلى قوات المجاهدين الأفغان التابعة للجنرال اسماعيل خان بالقرب من هيرات.

وتبقى عملية الحفاظ على الأمن والقانون في مدينة مزار الشريف من المسائل الهامة وكذلك ضمان سلامة السكان المدنيين والحفاظ على ممتلكاتهم والابتعاد عن الانتقام من بقية أبناء القبائل العرقية التي تشكل المجتمع الأفغاني. كما سيمهد نجاح التحالف الشمالي في مزار الشريف الطريق نحو تحرير بقية المدن من سيطرة حركة الطالبان. وعلى كل حال فإن سجل الطالبان في مدينة مزار الشريف مدون بدماء المئات من الأبرياء أبناء القبائل والأعراق غير البشتون وكذلك من أبناء الأقلية الشيعية الهزاري الذين قام الطالبان بسفك دمائهم انتقاماً لمقاومتهم لهم.

كما أن سجل قوات التحالف في كابول لا يقل مأساوية وعنفاً فقد لقي ما لا يقل عن خمسين ألف أفغاني من قبائل البشتون مصرعهم على أيدي قوات التحالف خلال اقل من خمس سنوات ماضية.

معالم الاهداف الاستراتيجية تتبلور

ويحق للولايات المتحدة أن تكون قلقة من تصرفات التحالف ودخولهم العاصمة كابول لأن ذلك سيثير مشاعر أبناء قبائل البشتون في تلك المناطق الأفغانية والأقاليم الباكستانية المجاورة. كذلك سيؤدي إلى قلب المخطط الأمريكي الاستراتيجي في أفغانستان وإقامة حكومة أفغانية موالية للغرب وللولايات المتحدة لأن الحلم الأمريكي بإمداد أنابيب النفط والغاز الطبيعي عبر أفغانستان ما زال الهدف الاستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة في حملتها ضد الإرهاب فلا قيمة لهذه الثروة الطبيعية في القوقاز مالم تضخ. ولهذا فإن تصريحات باول تصب في هذا الإطار إذ لا ترغب واشنطن بحكومة تحالف شمالي تربطها علاقات متينة مع روسيا وإيران والهند بل تحتاج إلى حكومة أفغانية يكون التحالف الشمالي طرفا بها.

وإن نقل النفط والغاز الطبيعي لدول القوقاز عبر روسيا أو أزربيجان سيعزز من سيطرة روسيا السياسية والاقتصادية على دول آسيا الوسطى وهذا ما كلّف الغرب عقد من الزمن لتجنب ذلك. والضخ عبر إيران سيعزز السلطة الإيرانية المتشددة وليس لمصلحة واشنطن التي تحاول عزل النظام الإيراني، ومد الأنبوب عبر الصين طريق طويل ومكلف للغاية ويبقى أنبوب نفط عبر أفغانستان الخيار الأمثل وسيسمح لوشنطن بتحقيق أهدافها في تنويع مصادر الطاقة وغزو أسواق جنوب آسيا حيث تزداد الطلبات على هذه المادة في القرن الحالي أفضل مما هي عليها في الدول الغربية التي تخضع لمنافسة شديدة واستهلاك أقل. ومن هذا المنطلق، يرى بعض المراقبين، أن الأهداف الأستراتيجية للولايات المتحدة بدأت تتضح وتتبلور اكثر، والتي قد لا تقتصر على محاربة الأرهاب.

د. وائل عواد / نيودلهي