سكان قطاع غزة ينتظرون دخول المساعدات ومزيد من الضغوط على إسرائيل

ينتظر سكان قطاع غزة الأربعاء توزيع مساعدات إنسانية هي الأولى بعد حصار مطبق استمر لأكثر من شهرين، في وقت تتصاعد الضغوط الدولية على الدولة العبرية المتهمة بالسماح بإدخال كميات قليلة جدا لا تكفي الفلسطينيين المهددين بالمجاعة.
في غضون ذلك، تتواصل الحرب في القطاع المدمّر، حيث أعلن الدفاع المدني مقتل 19 شخصا على الأقل جراء الغارات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء.
وأعلنت إسرائيل الثلاثاء أن 93 شاحنة تحمل مساعدات مثل الطحين وطعام الأطفال ومعدات طبية وأدوية، دخلت الى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. لكن الأمم المتحدة أكدت أن المعونات لا تزال عالقة ولم يتمّ توزيعها على سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون شخص.
وقالت أم طلال المصري (53 عاما) في اتصال مع وكالة فرانس برس “الوضع لا يحتمل، لم تدخل المساعدات، وأحدا لم يوزع أي شيء علينا، الجميع ينتظر”.
وأضافت السيدة المتواجدة في مدينة غزة بشمال القطاع “بالكاد نستطيع تحضير وتناول وجبة واحدة في اليوم، المساعدات ليست رفاهية، نحن بحاجة فورية وماسة لكل شيء من غذاء ودواء وماء نظيف ومستلزمات صحية”.
وكانت الأمم المتحدة اعتبرت أن الكميات التي سمحت إسرائيل بإدخالها، هي “قطرة في محيط” الاحتياجات بعدما أطبقت الدولة العبرية حصارها على القطاع منذ الثاني من آذار/مارس.
وشكا مكتب الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الدولية (اوتشا) من التعقيدات التي فرضتها إسرائيل وتعيق وصول المساعدات الى مستحقيها بعد دخولها الى القطاع المحاصر.
– “نطحن العدس لنحضّر الخبز” –
واتهمت منظمة أطباء بلا حدود إسرائيل بأنها تسمح بدخول مساعدات “غير كافية بشكل مثير للسخرية” إلى غزة لتلبية حاجات القطاع، وذلك لتجنب اتهامها “بفرض التجويع على السكان”.
وقالت باسكال كواسار، منسقة الطوارئ في المنظمة في خان يونس بغزة في بيان “هذه الخطة هي وسيلة (…) لتحويل المساعدات إلى أداة لخدمة الأهداف العسكرية للقوات الإسرائيلية”.
بدوره، دعا البابا لاوون الرابع عشر الأربعاء إلى السماح بدخول مساعدات إنسانية “كافية” و”وضع حد للقتال الذي يدفع ثمنه الباهظ الأطفال والمسنون والمرضى”، واصفا الوضع في القطاع بأنه “مقلق ومؤلم”.
ورأت المصري أن المساعدات حتى اللحظة “مجرد كلام، لكن المساعدات لو دخلت فعلا فسوف تخفف جزءا بسيطا من معاناتنا. نحن نطحن العدس والمعكرونة لتحضير بعض أرغفة الخبز”.
وأعلنت إسرائيل في الأيام الأخيرة توسيع غاراتها الجوية وعملياتها البرية في غزة، مؤكدة عزمها السيطرة على كامل مساحة القطاع.
ميدانيا، أعلن الدفاع المدني مقتل 19 فلسطينيا بينهم في غارات جوية إسرائيلية استهدفت أنحاء متفرقة من القطاع المدمّر ليل الثلاثاء الأربعاء.
وتواصلت الضربات الإسرائيلية منذ الصباح وخاصة في جنوب قطاع غزة، بحسب ما أظهرت لقطات لفرانس برس.
ومن بين المنازل التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية وفقا لبصل، منزل لعائلة الكحلوت في دير البلح (وسط) سقط فيه “خمسة شهداء”.
وقال صلاح صلاح أحد جيران العائلة “ما زلنا نبحث عن محمد ابن صاحب المنزل، لم نجد الجثة، صاروخ (يزن) عدة أطنان سقط على شخص”.
وأضاف جار ثان يدعى علاء خطاب “دمر هذا المنزل بالكامل على ساكنيه ويسكن هنا مدنيون ولا يوجد هنا نقطة عسكرية أو عسكريين كما يدعي الاحتلال… هنا منطقة سكنية آمنه دمرت بالكامل و هذا إرهاب للأطفال والنساء والرجال”.
وبحسب خطاب “هناك أشلاء ممزقة تم انتشالها صباح هذا اليوم”.
– مراجعة دولية –
ودفع التصعيد العسكري الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الانسانية والأوضاع الكارثية في القطاع، دولا أوروبية الى توجيه انتقادات غير معهودة وممارسة ضغوط على إسرائيل التي أكدت “رفضها المطلق” لهذه المواقف الغربية.
وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء إن التكتل القاري سيطلق مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل على ضوء المستجدات الأخيرة في قطاع غزة.
أما بريطانيا، فعلّقت مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل وفرضت عقوبات جديدة على مستوطنين في الضفة الغربية احتجاجا على ممارساتها في قطاع غزة.
ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء برفض دول العالم “لسياسة الحصار والتجويع والتهجير والاستيلاء على الأرض، ومطالبتهم بوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية فورا ودون عراقيل عبر الأمم المتحدة ووكالة (غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) الأونروا”.
وأشاد برفض دول عدة استخدام إسرائيل المساعدات “سلاحا واداة سياسية… لإنجاز أهدافها غير الشرعية”.
وفي ردها على الخطوات التصعيدية، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن الضغوط لن تجعل إسرائيل “تحيد عن مسارها في الدفاع عن وجودها وأمنها ضد الأعداء الذين يسعون إلى تدميرها”.
ورأت أن موقف الاتحاد الاوروبي “يعكس سوء فهم تامّا للواقع المعقّد الذي تواجهه إسرائيل (..) ويشجّع حماس على التمسّك بمواقفها”.
اندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الاول/أكتوبر 2023.
وأسفر الهجوم عن مقتل 1218 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53655، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس، بينهم 3509 قتيلا على الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها في 18 آذار/مارس.
بور-ع ز/ها/كام