سلطان بروناي يتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية لضمان دعم المحافظين

يرى مراقبون أن فرض بروناي قوانين تتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية تدخل حيز التنفيذ الاربعاء وتتضمن الرجم حتى الموت للمثليين ومرتكبي الزنى، يشكل محاولة من السلطان لكسب دعم المحافظين في بلاده، الأمر الذي يبعده كثيرا عن العالم الغربي.
وستدخل هذه العقوبات المشددة والتي تتضمن أيضا قطع أيدي وأرجل المدانين بالسرقة، الاربعاء مع تنفيذ قانون عقوبات جديد بعد سنوات طويلة من التأجيل.
وأثار إقدام السلطنة الثرية على المضي قدما في تنفيذ هذه القوانين تنديدا في العالم، فوصفتها الأمم المتحدة بأنها “وحشية وغير إنسانية”، فيما دعا الممثل الأميركي جورج كلوني إلى مقاطعة فنادق فخمة مرتبطة بسلطان بروناي.
وهذه الدولة الصغيرة شديدة الثراء التي تضم 430 ألف نسمة يديرها السلطان حسن البلقية بقبضة من حديد منذ 1967. لكن اقتصادها دخل في ركود مع تراجع اسعار النفط وكذلك حجم احتياطاتها النفطية.
وقال محللون إنّ السلطان بجعل دولته أول دولة في شرق وجنوب شرق آسيا تطبق الشريعة الإسلامية، إنما يحاول تلميع مرجعيته الإسلامية وسط انصاره المحافظين في وقت يتراجع فيه الأداء الإقتصادي للبلاد.
وقال بردغيت ويلش الخبير في شؤون جنوب شرق آسيا في جامعة جون كابوت إنّ “بروناي ستصبح سعودية جنوب شرق آسيا”.
وتابع أنّ “النظام بات يعتمد بشكل متزايد على الشرعية الدينية مستندا إلى ايديولوجية إسلامية محافظة. ويدفع الاقتصاد المتداعي والمخاوف من تراجع الدعم نحو الاعتماد المتزايد على الدين”.
وكانت بروناي أعلنت في 2014 التطبيق التدريجي لأحكام الشريعة الإسلامية رغم معارضة ناشطين حقوقيين.
– التحول تجاه الصين –
ويدفع تطبيق هذه العقوبات التي قد تخيف قطاع الأعمال الغربي الى توجه بروناي نحو الصين التي تمتنع عموما عن انتقاد ملفات حقوق الإنسان لدى شركائها الاقتصاديين، حسب ما أفاد محللون.
وكما هو الحال في مناطق عدة في آسيا، تستثمر الشركات الصينية مبالغ ضخمة في بروناي، كجزء من نهج يقوم على تطوير البنى التحتية لتوسيع رقعة نفوذ بكين الجغرافية والجيوسياسية.
وتتضمن هذه الاستثمارات بناء مصفاة نفط كلفتها عدة مليارات الدولارات، تمثل أكبر استثمار أجنبي في تاريخ السلطنة، إضافة الى بناء سد وطريق سريع.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، زار شي جينبينغ بروناي في اول زيارة لرئيس صيني منذ 13 عاما.
وقال خبراء إنّه من الصعب تقييم حجم الدعم الشعبي لتطبيق الشريعة في البلاد، إذ أنّ غالبية السكان لا يعبرون علانية عن انتقاداتهم للسلطان.
لكن من المتوقع أن تجتذب دعما كبيرا من اتنية المالايو المسلمة، التي تشكل ما يصل إلى 70بالمئة من سكان البلاد.
ويرحب الراغبون بالحديث بقرار السلطنة المثير للجدل.
وقال العامل في قطاع النفط محمد انطوني البالغ 27 عاما “أنا فخور لأن تطبيق القانون يشعرنا بتعزيز الهوية الإسلامية لبروناي”.
وأعرب البعض عن غضبهم من دعوات مقاطعة الفنادق التسعة المملوكة لسلطان بروناي في اوروبا والولايات المتحدة.
وقالت الموظفة الحكومية هازياه زينال “بالنسبة لدعوة المشاهير لمقاطعة (الفنادق)، فالأمر لا يعنيهم”.
وتابعت هذه التصرفات تبدو جاهلة إذ أنهم لم يأتوا إلى هنا ليروا كيف تجري الأمور”.
لكن بدا أن هناك اعتراضا على الانترنت حيث يمكن للمواطنين التعبير بحرية أكبر.
وكتب مستخدم على موقع ريديت للتواصل الاجتماعي “هذا يقلقني بشدة بشأن اقتصاد بروناي”.
واضاف أن ذلك قد يعني أيضا “بعض الأعمال في الخارج”.
– قلق عالمي –
وتلحظ حزمة القوانين الجديدة أيضا جلد المدانين بالإجهاض وتجريم تعريض الأطفال المسلمين للممارسات والمعتقدات الدينية غير الإسلامية.
وفي الواقع، ليس واضحا إذا كان أشد العقوبات، وهو الرجم حتى الموت، سيطبق أم لا.
وتلتزم بروناي بتقليد طويل الأجل في البلاد بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، إذ نفذت السلطنة أخر حكم إعدام في العام 1957.
والثلاثاء، دعت فرنسا سلطنة بروناي الى العدول عن تطبيق القانون الجديد.
وكانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه قالت الاثنين أن عددا كبيرا من خبراء الأمم المتحدة “عبّروا عن قلقهم حيال العقوبات الوحشية وغير الإنسانية والمهينة التي يتضمنها قانون العقوبات الجديد”.
من جهتها، حضت منظمة العفو الدولية الأربعاء بروناي على “الوقف الفوري” لتطبيق العقوبات الجديدة.
وعمليا يبقى إثبات إدانة شخص قبل رجمه صعبا.
فالمتهم عليه الاعتراف بارتكاب الجريمة او أن يشهدها أربعة اشخاص على الاقل وعليهم جميعا أن يشهدوا امام المحكمة الشرعية بذلك.
ودافعت حكومة بروناي في بيان عن حقها في إصدار القانون الجديد قائلة في بيان إنّ الشريعة الإسلامية “تهدف لتعليم واحترام وحماية الحقوق الشرعية لكل الافراد”.