مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا و 7 دول عربية في مجلس حقوق الإنسان

Keystone

تم انتخاب سويسرا عضوا في مجلس حقوق الإنسان الجديد الى جانب 7 دول عربية، فيما وصف بأول اختبار لمصداقية المحفل الذي سيحل محل اللجنة القديمة.

وفيما لم تظهر نتائج التصويت السري تغيرا جوهريا في طريقة تصرف الدول رغم الشروط التي فرضت، ينصح البعض بالإنتظار قبل الحكم على مصداقية المجلس.

” نحن فخورون جدا لاشتراكنا كعضو في مجلس حقوق الإنسان الجديد. كما ان سويسرا فخورة لكونها حصلت على المرتبة الرابعة من حيث التصويت بعد القوى الكبرى داخل مجموعتها أي ألمانيا وبريطانيا وفرنسا”. هذا التصريح للسفير السويسري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بيتر ماورر، يلخص ما كانت تشعر به الدبلوماسية السويسرية منذ تقدمها قبل عامين بمشروع استبدال لجنة حقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان.

فقد تم انتخاب سويسرا بـ 140 صوتا من بين 191 الأعضاء في الجمعية العامة وهي بذلك تتعدى النصاب المطلوب والذي حدد بـ 96 صوتا.

وإذا كانت وزيرة الخارجية السويسرية قد عبرت – في معرض تعليقها على هذه النتيجة -عن الفخر لتحقق الفكرة السويسرية بعد عامين من الجهود، فإنها حثت الدول الأعضاء على ضرورة “التحول من فلسفة الاتهام الى فلسفة الشراكة”.

كما أن سويسرا التي تتولى عضوية محفل لحقوق الإنسان لأول مرة منذ انضمامها الى منظمة الأمم المتحدة كانت محظوظة لتولي هذا المنصب لفترة ثلاث سنوات كاملة في الوقت الذي كان فيه نصيب دول اخرى إما سنة واحدة او سنتين وذلك للسماح بتجديد ثلث المجلس كل سنة حفاظا على الاستمرارية.

وبهذا تكون سويسرا قد حصلت ب 140 صوتا على المرتبة الثالثة ضمن المجموعة الغربية بعد ألمانيا (154)، وفرنسا (150)، وبريطانيا(148)، متبوعة بهولندا (137)، وفنلندا(133) واخيرا كندا (130 صوتا).

لحظة تاريخية

جلسات الانتخاب التي عرفتها قاعة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والتي تمت بتصويت سري يوم الثلاثاء 9 مايو 2006 وصفها رئيس الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يان إلياسون بـ “اللحظة التاريخية”.

أما الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان فرأى أن المجلس الجديد “يمثل فرصة خارقة للعادة لإعادة طرح عملية الدفاع عن حقوق الإنسان على قواعد جديدة”.

نفس هذا الأمر شددت عليه أيضا أكثر المنظمات المنتقدة لسجل العديد من الدول التي تم انتخابها في هذا المجلس، حيث عبرت منظمة العفو الدولية عن الأمل “في ان تتحمل كل دولة منتخبة مسؤولية تعزيز عمل المجلس وتقديم أحسن وأفضل حماية ممكنة ضد انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان من العالم”.

عدة دول معنية

ومع أن عملية الانتخاب لعضوية مجلس حقوق الإنسان وصفت من طرف المراقبين بأنها أحسن مما كان متبعا في لجنة حقوق الإنسان، فإنها لم تمنع من وصول دول الى عضوية المجلس من الوهلة الأولى رغم اتهامها، عن حق او باطل، بامتلاك سجل غير مشرف في ميدان الحريات وحقوق الإنسان. ومن هذه الدول الصين وكوبا والمملكة العربية السعودية.

المجموعة التي عرفت صعوبة في تمرير أعضائها من أول وهلة هي مجموعة أوروبا الشرقية التي اضطرت الى إجراء ثلاث جولات انتخابية ثم خلالها في الدورة الأولى انتخاب روسيا( 137 ) وبولندا (108) وتشيكيا(105). وفي الدورة الثانية تم انتخاب أوكرانيا(109) وآذربيجان (103). وبما أن المرشحين لم يحصلوا على النصاب المطلوب أي 96 صوتا تم اللجوء الى جولة ثالثة سمحت بانتخاب رومانيا (98).

ومن الدول المعنية بهذه التحذيرات في مجموعة آسيا يمكن ذكر الصين التي كثيرا ما كانت محط انتقاد بعض الدول الغربية والتي استطاعت (بفضل تحالفها مع مجموعة دول عدم الانحياز أو ما يسمى بمجموعة السبعة والسبعين)، الحصول على 146 صوتا مسبوقة بالهند (173) واندونيسيا(165) و بنغلاديش (160)، واليابان(158)، وماليزيا(158)، وباكستان(149)، وكوريا الجنوبية(148). كما تلتها في ترتيب المجموعة الآسيوية كل من الأردن(146) والفيلبين(136)، والبحرين(134)، والعربية السعودية(126) وأخيرا سريلانكا( 123).

ولاشك في أن انتخاب كوبا ضمن مجموعة أمريكا الجنوبية بـ 141 صوتا، يشكل انتكاسة كبرى للولايات المتحدة التي عللت امتناعها عن الترشيح للمجلس هذه المرة بالتحفظ على رفض اعتماد انتخاب البلدان الأعضاء بأغلبية ثلثي أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة. والى جانب كوبا تم انتخاب حسب الترتيب كلا من البرازيل والأرجنتين والمكسيك وبيرو وغواتيمالا والأورغواي والإكوادور.

وبالنسبة للقارة الإفريقية يمكن القول أنها المجموعة التي رشحت 14 بلدا لشغل 13 منصبا وبالتالي فإن المنافسة في هذه المجموعة لم تكن حامية. وهكذا تم انتخاب حسب الترتيب كلا من غانا وزامبيا والسنغال وجنوب افريقيا ومالي وجزيرة موريس والمغرب والغابون ودجيبوتي والكاميرون وتونس ونيجيريا والجزائر. فيما لم تنجح كينيا.

سبع دول عربية

الدول العربية – التي كانت عضوية بعضها داخل لجنة حقوق الانسان قد اثارت كل هذا الجدل بخصوص فرض شروط صارمة على العضوية داخل المحفل الأممي – فازت بسبعة مقاعد في مجلس حقوق الإنسان الجديد. أربعة منها في افريقيا وهي حسب الترتيب المغرب (178)، وجيبوتي (172)، وتونس (171)، والجزائر (168). وثلاثة منها في آسيا هي حسب الترتيب أيضا الأردن(137)، والبحرين(134)، والعربية السعودية(126).

وكانت 44 منظمة غير حكومية عربية قد أصدرت عشية التصويت بيانا دعت فيه إلى عدم التصويت لصالح دول المنطقة العربية التي قالت عنها إنها معروفة بـ “عدائها المنهجي لحقوق الإنسان”.

وتجدر الإشارة إلى أن البلدين العربيين الذين لم يحالفهما الحظ في هذه الدورة هما لبنان والعراق.

عضوية ومسئولية

عضوية بلد ما داخل مجلس حقوق الإنسان، وعلى خلاف اللجنة الراحلة، لا تحميه من المحاسبة، إذ من المفروض أن يكون عرضة لمحاسبة سنوية لسجله في مجال حقوق الإنسان. بل الأهم من هذا وذاك هو إمكانية إقصاء بلد عضو في حال ارتكابه لانتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان شريطة تصويت ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة على قرار بهذا الخصوص. وهو الأمر الذي تعقد عليه عدة منظمات غير حكومية (مثل منظمة العفو الدولية) آمالا كبرى لتفعيل نشاط المحفل الأممي الجديد بعد أن ابتلاعها لواقع عضوية عدة دول كانت موضوعة على القائمة السوداء.

هذه المخاوف ليست الوحيدة العالقة في طريق مجلس حقوق الإنسان، بل إن جهات متعددة تبدي قلقا كبيرا من مسألة قيام المجلس الجديد بمراجعة طريقة وأساليب عمله بصفة كلية. وهو الأمر الذي قد يستغرق أكثر من سنة وبالتالي فقد يؤدي إلى تأجيل البت في ملفات حقوق الإنسان العملية. كما يرى آخرون أنه قد يشكل فرصة بالنسبة لبعض الدول لكي تضعف آليات قائمة كانت “مزعجة ومقلقة” بالنسبة لها في الماضي.

وفي المحصلة، لا مفر من انتظار الأشهر الأولى من مزاولة المجلس الجديد لنشاطه إثر انطلاقته المرتقبة يوم 19 يونيو في جنيف، لمعرفة ما إذا كان الجميع يشاطر تفاؤل المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة لويز آربور التي اعتبرت في بيان أصدرته بالمناسبة أن “الإشارات المرسلة من اختيار أعضاء المجلس أمس (9 مايو)، تدفع الى التفاؤل بخصوص مستقبل المجلس الجديد”..

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية